المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال أستاذ في العلاقات الدولية: مع وصول المنطاد الصيني إلى الأجواء الأمريكية، تحاول واشنطن استخدام هذا العذر لجعل الصين تبدو وكأنها تهديد شديد الخطورة للرأي العام لمجتمعها والمجتمع الدولي.
في حديث مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال الدكتور سيامك باقري، في إشارة إلى التوتر الأخير بين واشنطن وبكين بعد تدمير منطاد صيني فوق الأراضي الأمريكية، قال: على أعقاب هذه القضية، اتهمت الولايات المتحدة الصين بإجراءات تجسس وقد رفضت الصين هذه المزاعم مشيرةً أن هذا المنطاد دخل الأجواء الأمريكية بشكل لا إرادي وكان في الأساس منطاداً لأبحاث الأرصاد الجوية العلمية.
وأضاف: بغض النظر عن الأهداف الحقيقية للصين، يبدو أنه بالنظر إلى الاستراتيجية التي تنتهجها أمريكا تجاه الصين لإبرازها حكومةً بوليسية، فإن هذه القضية أصبحت ذريعة جيدة للدعاية الأمريكية المعادية للصين، لأن مواجهة هذا التهديد والإنفاق للتصدي إليه سيكون أسهل والرأي العام الأمريكي سيرافق هذه الإجراءات أيضاً.
وأشار باقري إلى الأخبار المنشورة حول تاريخ تحليق هذا المنطاد فوق أمريكا في عهد ترامب وردود الفعل المختلفة مقارنة بعهد بايدن، وقال: ما حدث خلال تحليق المنطاد الأخير، يمكن أيضاً تقييمه كنوع من الاستغلال من قبل الأحزاب الأمريكية. الديموقراطيون والجمهوريون سيستخدمون هذا الحدث بطرق مختلفة في الانتخابات القادمة. يسلط الجمهوريون الضوء على ضعف بايدن والمواقف المشددة للحكومة الأمريكية تظهر أيضاً أن بايدن يحاول عدم إظهار الضعف في هذا الوضع.
وفي معرض شرحه للمواقف المتشددة للولايات المتحدة إزاء دخول منطاد صيني إلى الأجواء الأمريكية في إطار منافسة القوى، أشار إلى أنه بهذا الإجراء والجدل حوله، تحاول الولايات المتحدة الحصول على تنازلات من الصين وزيادة الضغط الدولي على بكين في المناطق الأخرى المتنازع عليها.
بيّن الأستاذ الجامعي موقف الصين من تدمير الولايات المتحدة للمنطاد الصيني وأضاف: لقد كان لبكين موقف سلبي للغاية. وقد قاموا بإجراءات للرد وقدموا الاعتذار. ويبدو أنهم قرروا إدارة الأزمة بتقليص عامل التكلفة، حتى لا يصبح هذا التوتر مشكلة كبيرة في الرأي العام، وأن يسيطروا على ما تتبعه أمريكا من خلال ترويج رهاب الصين وإبرازه كتهديد.
في الوقت نفسه، أشار باقري إلى بعض التحليلات المتعلقة باستعداد الصين لتقديم إجابة حاسمة لأمريكا في مواجهة ضغوط البلاد على بكين في قضية تايوان، وأشار إلى أن الصين ربما سعت لإظهار موقف جريء وإرسال هذه الرسالة للتعبير عن أنه إذا اشتدت حدة التوترات بين هذين البلدين، فإن بكين لديها القوة اللازمة للرد على أمريكا والتوغل في أراضي ذلك البلد. وهذا هو السبب في أن أمريكا أظهرت المزيد من الحدة في هذا الصدد.
وفي إشارة إلى الأنباء المنشورة عن تواجد المنطاد الصيني فوق قاعدة الصواريخ النووية الثالثة للولايات المتحدة، قال إن هذه القضية زادت من حساسية الموضوع، وفيما يتعلق برد الصين المحتمل إزاء تدمير هذا المنطاد، قال: لا يمكن استبعاد احتمال الرد من قبل الصين تماماً؛ لكن يبدو أن مثل هذا الإجراء غير وارد في الوضع الحالي؛ لأنه في هذا الصدد، تم انتهاك الأجواء الإقليمية والأمنية لأمريكا، وحسب العرف الدولي، يتم إدانة الصينيين إلى حد ما؛ لذلك، لن يتفاعلوا أكثر من هذا وسيحاولون الحد من أبعاد هذه المشكلة.
استعراض الصين لقوتها أو التجسس فوق الأراضي الأمريكية
وناقش باقري الأخبار المنشورة بشأن الخصائص التقنية الخاصة للمنطاد المدمَّر والمعدات العديدة المصاحبة له، وكذلك الإعلان عن إقالة رئيس الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية في الصين وأضاف: من المستحيل تخيّل أن الصين في مثل هذه الظروف، باستخدام منطاد يتنقّل بوضوح كامل، أنه كان يبحث عن التجسس على أمريكا. أعمال التجسس لها ظروفها وخصائصها، وفي هذه الظروف يتم تنفيذها بالأقمار الصناعية. تدرك الصين أن هذا الإجراء المحتمل له عواقب وخيمة عليهم. من وجهة النظر هذه، يمكن تقييم أن الصين لم يكن لديها نية أولية للتجسس على أمريكا. ولكن على مستويات أخرى، يمكن تحليل هذا الإجراء كنوع من استعراض القوة.
وأشار هذا الخبير في الشؤون الدولية إلى تحقيقات أمريكا حول بقايا المنطاد المدمَّر وتابع: لا تزال هذه القضية مصدر جدل ونقاش، ويمكن للولايات المتحدة أن تتخذ ذرائع من خلال أجزاء المنطاد لكسب بعض النقاط من الصين بالضغط عليها. لذلك، في هذا الصدد، تكبدت الصين تكاليف أكثر وكانت باهظة الثمن بالنسبة لها. كما أن إقالة أعلى سلطة للأرصاد الجوية في هذا البلد كانت تعبيراً عن هذه القضية، وكانت تحاول أن تُظهر لأمريكا أن هذا لم يكن عملاً هادفاً ومحسوباً، وأنه تم ارتكابه بخطأ بشري.
وأكد: زعمت مصادر استخباراتية أمريكية أن هذا المنطاد جزء من برنامج المراقبة الصيني، والذي يتضمن ما لا يقل عن أربع وعشرين مهمة في أجواء خمس قارات في السنوات الأخيرة، ونُفذ ما يقارب نصف هذه التحليقات في الأجواء الأمريكية. على الرغم من أنه لم يكن بالضرورة فوق أراضي هذا البلد. تقوم الشرطة الفيدرالية الأمريكية الآن بفحص حطام المنطاد المنتشل، في محاولة لجمع المعلومات اللازمة وتحديد أفضل طريقة لتتبع المنطادات الصينية في المستقبل. لذلك، ستظل أمام الولايات المتحدة الفرصة لإثارة رهاب الصين مراراً وتكراراً في الرأي العام من خلال طرح قضايا في هذا الصدد.
0 تعليق