المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الدولية: "في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا قبل عامين، تضررت علاقات موسكو مع بعض جيرانها الأوروبيين بشكل عميق، لدرجة أنه لا يمكن تصور مستقبل مشرق لها."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار حسن بهشتي بور إلى انتقاد السفير الروسي في فنلندا إثر إغلاق الأخيرة حدودها مع روسيا، قائلاً: «خلال الحرب الباردة، كانت سياسة فنلندا، وكذلك السويد، سياسة الحياد، مما أدى إلى توقيع اتفاقية هلسنكي وإزالة التوتر في عام 1975. كانت هذه الاتفاقية نقطة تحول في تاريخ نزع السلاح على الساحة الدولية وأدت إلى إنشاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.”
وأضاف: “مع ذلك، فإن حرب روسيا مع أوكرانيا دفعت فعلاً هاتين الجارتين المهمتين لروسيا، السويد وفنلندا، إلى الانضمام للناتو، ما يعتبر ضربة كبيرة لروسيا. على الرغم من أن أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا أكبر بكثير من أهمية فنلندا نظراً لوجود حدود مشتركة بينها وبين روسيا بطول 1586 كيلومتراً، إلا أنه على أي حال، تنضوي اليوم فنلندا والسويد والنرويج تحت مظلة الناتو”.
وبحسب بهشتي بور، بما أن جمهوريات لاتفيا وإستونيا وليتوانيا كانت قد انضمت إلى الناتو في السنوات السابقة، فالحقيقة هي أن روسيا محاصرة فعلاً في أوروبا بعد اندلاع الحرب الأوكرانية.
وأردف الخبير قائلاً: “الآن تركز موسكو أكثر على تطوير العلاقات مع الصين وإيران وتركيا والسعودية والإمارات والهند. وتحاول الالتفاف على العقوبات بهذه الطريقة”.
وتابع: “بما أن تركيا والهند والصين والإمارات والسعودية لعبت دوراً بارزاً في مساعدة موسكو على التحايل على العقوبات، فإن اعتماد روسيا على هذه الدول أصبح أكثر أهمية.”
وأكد بهشتي بور: “مما لا شك فيه أن النفوذ الروسي في آسيا الوسطى والقوقاز قد تراجع إلى حد ما. أصبح الأوروبيون والأميركيون يولون المزيد من الاهتمام لآسيا الوسطى، وذلك لغرض ممارسة ضغوط متزايدة على روسيا في ساحتها الخلفية وكذلك بسبب جوار الصين مع آسيا الوسطى.”
وقال الخبير في الشؤون الروسية: “العلاقات بين كازاخستان وروسيا بعد حرب أوكرانيا ملحوظة للغاية. لأن قاسم جومارت توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، واجه في يناير/كانون الثاني 2022 احتجاجات داخلية واحتمال نشوب حرب أهلية نتيجة رفع أسعار الوقود. في ذلك الوقت، قام منظمة معاهدة الأمن الجماعي، المؤلفة من سبع دول وترأسها روسيا، بعمل عسكري في أبريل/نيسان 2022، وأنقذ عملياً توكاييف من السقوط. لكن في اجتماع سانت بطرسبورغ الذي عقد بعد أشهر قليلة من بدء الحرب الأوكرانية، وبحضور بوتين، قال توكاييف بوضوح: “نحن لا نؤيد موقف روسيا في الحرب ونعلن الحياد في هذا المجال”.
وأضاف بهشتي بور: “كان توكاييف يزعم أن عدداً كبيراً من الروس يعيشون في كازاخستان، وبالتالي فإن نفس ما حدث لأوكرانيا بحجة دعم الروس قد يحدث أيضاً لكازاخستان.”
وعن موقف دول جوار روسيا، وخاصة الدول الأوروبية، من مسألة الحرب في أوكرانيا قال: “هذه الدول ليس لديها موقف موحد؛ لاتفيا وإستونيا وليتوانيا وفنلندا والنرويج تعارض هذه الحرب. ولقد دعمت بولندا أوكرانيا لأنها تشعر بالقلق إزاء التدخل العسكري الروسي. لكن بيلاروسيا حليفة لروسيا وموقفها متحالف تماماً مع الكرملين».
وبحسب الخبير، فإن أحد أسباب اقتراب هذه الدول من الناتو هو أنها تأخذ التهديد الروسي على محمل الجد، كما أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا دفعها إلى قناعة بأن انضمامها إلى الناتو كان خطوة صحيحة؛ لأنها لم تكن قادرة لوحدها على مواجهة التهديد الروسي.
وعن موقف فنلندا قال بهشتي بور: “اليوم، تواجه فنلندا ظروفاً حساسة للغاية. يبدو أنها لا تريد التورط في مواجهة مع روسيا وجل اهتمامها منصب على الحفاظ على علاقاتها معها، لكن كإجراء احترازي، تريد خلق بيئة آمنة لنفسها من خلال الانضمام إلى حلف الناتو؛ لأنه في فترة تاريخية، واجهت فنلندا تهديدات من طرف روسيا، واليوم، من خلال كونها عضواً في الناتو، تمكنت من إغلاق المجال أمام تصرفات موسكو المحتملة إلى حد كبير.”
0 تعليق