المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: إن محاولة الكيان الصهيوني تصوير عملية طوفان الأقصى غير مشروعة وبالتالي إضفاء الشرعية على جرائم الحرب وقصف المستشفيات والمناطق المأهولة بالسكان والإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة، هي محاولة "عديمة الجدوى".
برسام محمدي ـ خبير في الشؤون الإقليمية
إن استشهاد أكثر من 2055 طفل فلسطيني في غزة، وقصف كافة البنى التحتية والمستشفيات والطواقم الطبية وغيرها، إنْ هو إلا جزء من قائمة طويلة من الجرائم الوحشية التي يرتكبها الصهاينة في غزة، مما يفضح خديعته. وللأسف، فإن هذه الجرائم تحدث في حين تكتفي المنظمات الدولية، بما فيها مجلس الأمن، والدول الأوروبية، باتخاذ مواقف وإصدار بيانات “محايدة” وأحياناً “منحازة” تصل حتى إلى إدانة الجماعات الفلسطينية.
وبقدر ما تكون معركة طوفان الأقصى التي تخوضها الفصائل الفلسطينية المسلحة للدفاع عن نفسها ضد الكيان الصهيوني قانونية وتستند إلى قواعد القانون الدولي المعترف بها، فإن تصرفات الكيان الصهيوني في غزة غير قانونية تماماً ومثال واضح على “جرائم الحرب” و”الجرائم ضد الإنسانية”.
وبينما يحاول الصهاينة في الفضاء الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي قلب الحقائق “رأساً على عقب” ونشر صور مزيفة وغيرها لاتهام فصائل المقاومة بما فيها حركة حماس بقتل الأطفال وانتهاك حقوق المدنيين والمواطنين العاديين، فإن مقاتلي المقاومة ملتزمون بجدية في ميدان العمل بالمبادئ والضوابط الأخلاقية والإنسانية ولا يمارسون الخداع في هذا المجال مثل الصهاينة.
إن الكيان الصهيوني الذي تلقى ضربة موجعة جداً في المعركة غير المسبوقة التي تخوضها فصائل المقاومة الفلسطينية، حيث أن أحداث الساعات الأربع الأولى من العملية في يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول فقط تكفي لفهم عمق ونطاق هذه الضربة، يبذل جهوداً حثيثة بالتنسيق مع وسائل إعلام أمريكية وأوروبية لنشر روايات كاذبة ومتحيزة و”مزيفة” من ساحة المعركة من أجل ادعاء المظلومية أمام الرأي العام العالمي.
إن هذا السلوك الذي يمارسه الصهاينة بالتنسيق مع بعض وسائل الإعلام والدوائر الإخبارية الأمريكية والأوروبية، لن يغير أبداً موقع الظالم والمظلوم في الأراضي المحتلة. إن مشهد فلسطين المحتلة وأحداث غزة والجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني في قتل الأطفال واضح لدرجة أن الرأي العام حتى في الدول الأوروبية والولايات المتحدة لن ينخدع بـ “تشويه حقائق المعركة” في غزة.
لذلك فإن طوفان الأقصى هي عملية لا يمكن التشكيك فيها من منظور القانون الدولي عبر قلب حقيقتها والتشكيك في “شرعيتها” وضرورة تنفيذها.
عملية طوفان الأقصى وإن كانت لها أهداف محددة، إلا أنها “عمل استباقي ورادع” أتى رداً على استمرار جرائم الكيان الصهيوني واسعة النطاق خلال أكثر من سبعة عقود من الاحتلال، والتي خلفت أكثر من 80 ألف شهيد و7 ملايين نازح.
لذلك فإن تحرك الفصائل الفلسطينية للدفاع عن الشعب الفلسطيني وحماية حقه في الحياة وتقرير المصير هو عمل قانوني تماماً ويعتبر خطوة في إطار مبدأ “الدفاع المشروع” و”الردع”.
الدفاع المشروع معترف به كقاعدة ومبدأ قانوني عام ومقبول لدى كافة الأنظمة القانونية في العالم. إن الحق في الدفاع المشروع من أجل “حماية” حقوق الفرد أو الجماعة أو المجتمع المعرض للعدوان هو أمر مؤكد.
إن الجوانب القانونية للعملية الأخيرة التي نفذها الفلسطينيون من غزة واضحة وشفافة للغاية بحيث لا يمكن الشك فيها أو توجيه التهم على أساسها؛ وطالما استمر الاحتلال والعدوان على بلد أو شعب، وفقاً للقوانين المتعلقة بالمسؤولية الدولية، فإن الحق الدائم والمستمر في “الدفاع عن النفس” مضمون للبلد المحتل والشعب الرازح تحت الاحتلال، وهو الوضع الذي تعتبر فلسطين مثالاً ملموساً وواضحاً له في العالم المعاصر.
ولذلك، ما دام الاحتلال باق وجرائم الصهاينة مستمرة تحت مختلف الذرائع وبأشكال وعلى مستويات مختلفة في الأراضي المحتلة ضد الشعب الفلسطيني، فإن “الدفاع المشروع” والرادع سيظل حقاً مضموناً ومعترفاً به للفلسطينيين وفصائل المقاومة.
وفي الوقت نفسه، فإن الشواهد التاريخية وتجربة أكثر من 75 عاماً من التطورات السياسية والأمنية والميدانية في فلسطين المحتلة تظهر بشكل قاطع أنه بدون النضال الشرس والرد الحاسم، لا يمكن الحصول على حق “تقرير المصير”، بل وسيزول “الحق في الحياة”. إن عدم الاعتراف بفصائل المقاومة وأنشطتها وإجراءاتها الرادعة ضد المحتلين سيؤدي إلى وضع أسوأ يمكن أن تتسع رقعته لتشمل المنطقة بأكملها.
0 تعليق