المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: بعد ثماني سنوات من العدوان العسكري والحرب الأهلية في اليمن، يعيش 22 مليون يمني، أي ما يعادل ثلثي سكان البلاد، على المساعدات الإنسانية. حجم معاناة أطفال اليمن بسبب تدهور الأحوال المعيشية والصحية بعد سنوات من الحصار والحرب في هذا البلد يشير إلى كارثة إنسانية في اليمن. يتطلب الوضع الكارثي لأطفال اليمن بذل جهود متزايدة لتقديم المساعدات الطارئة للتعامل مع هذه الأزمة وإنقاذ حياة ملايين الأطفال. أعلنت منظمات دولية أن 11 مليون طفل يمني بحاجة إلى دعم ومساعدة فورية، وأن أكثر من 2 مليون منهم يعانون من سوء التغذية الحاد. إن الأطفال هم أكثر ضحايا هذا الوضع المأساوي، حيث واجهوا خلال هذه السنوات الموت والجوع والنزوح والإعاقات الجسدية والمشاكل الصحية والأمراض الناجمة عن نقص الغذاء أو التغذية غير الصحية وفقدان النظام الطبي والمياه غير صحية وسوء الوضع الاقتصادي.
محمود فاضلي ـ محلل للشؤون الدولية
على الرغم من المشاكل الحالية، فإن المساعدات الدولية آخذة في التناقص. تمكنت الأمم المتحدة من توفير ربع المساعدات المطلوبة لليمن فقط هذا العام. تشير التقديرات إلى أن حوالي 500 ألف طفل يمني دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. كما قدرت اليونيسف أن حوالي عشرة ملايين طفل في هذا البلد لا يحصلون على الرعاية الطبية الكافية. يزداد الوضع في اليمن سوءاً مع الأزمة السياسية والأزمة الإنسانية. حوالي ثمانين بالمائة من سكان البلاد يحتاجون إلى المساعدة. نصف من 22 مليون يمني يحتاجون إلى هذه المساعدات هم من الأطفال.
ترى اللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس السياسي الأعلى لأنصار الله اليمنية أن سياسة التجويع والنهب التي انتهجتها الدول المعادية في المناطق اليمنية المحتلة في السنوات الأخيرة أضرت بكل أبناء هذا البلد. إن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مناطق اليمن المحتلة (مناطق سيطرة الحكومة المستقيلة والتحالف العربي) هو نتيجة فساد دول العدوان ومرتزقتها خلال سنوات الحرب الثماني. كما أن انهيار قيمة العملة اليمنية خطوة متعمدة ومدروسة منذ استخدام الموارد الوطنية لتمويل الحرب ضد الشعب اليمني.
وتصر دول العدوان على نهب عائدات المصادر السيادية لمصلحتها الخاصة وتعارض كل الحلول التي تضمن استخدام هذه الإيرادات لتخفيف آلام اليمنيين ومعاناتهم. هذه الدول مسؤولة عن آلام ومعاناة الشعب اليمني منذ بداية العدوان والحصار والحرب الاقتصادية والنهب الممنهج لموارد اليمنيين.
يعتبر التهجير القسري للشعب اليمني من المشاكل الأخرى لهذا البلد. أعلنت منظمة مراقبة الحماية والمساعدة في توفير المأوى للنازحين في اليمن، أنه خلال النصف الأول من عام 2023 نزح أكثر من 26 ألف شخص من أماكن إقامتهم في اليمن. بين 1 يناير و 30 يونيو 2023، نزحت 4700 أسرة تضم 26 ألف شخص من مناطقها السكنية إلى أماكن أخرى في اليمن. وتنحدر هذه العائلات من 20 محافظة يمنية وتستقر في 10 محافظات غير محل إقامتها. في شهر يونيو الماضي فقط، نزحت 541 عائلة تضم 2693 شخصاً من منازلها، حيث نزحت 458 عائلة للمرة الأولى، ونزحت 83 عائلة للمرة الثانية.
دقت الأمم المتحدة مراراً ناقوس الخطر وحذرت من خطر وفاة ملايين الأطفال اليمنيين بسبب الجوع. كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن ملايين الأطفال في اليمن معرضون لخطر الجوع ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان التمويل الكافي لتقديم المساعدات المنقذة للحياة. حان وقت تنفيذ الالتزامات مع الشركاء الأوروبيين لتوفير الإغاثة والدعم المنقذ للحياة. حوالي ستة ملايين طفل في اليمن على بعد خطوة واحدة فقط من الجوع ويحتاجون إلى دعم فوري. كما أن برنامج الغذاء العالمي أعلن عن الحاجة الماسة إلى 80 مليون دولار لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية المنقذة للحياة للأطفال اليمنيين.
في وقت سابق من هذا العام، أعلنت اليونيسف عن حاجتها لحوالي 450 مليون دولار لمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للأطفال في اليمن. في نفس الوقت الذي أجرى فيه الوفد السعودي محادثات مع جماعة أنصار الله اليمنية في صنعاء في أبريل الماضي، أصدرت الرياض مرسوم أعلنت فيه أنها رفعت الحظر عن دخول 500 سلعة محظورة إلى اليمن والتي كانت محظورة لمدة 6 سنوات، وأن السفن المتجهة إلى اليمن سيمكنها دخول موانئ اليمن بدون أي تفتيش. لكن عملياً، لم يتم رفع الحصار عن هذا البلد بشكل كامل، ولا يزال هذا البلد تحت الحصار والحظر في مجال بيع النفط وجني المال منه لسد حاجات الناس.
ترى أنصار الله أن مجلس الأمن مستمر في الاعتماد على الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي وبعيد تماماً عن فهم معاناة ومشاكل الشعب اليمني. الحل الأفضل هو إلزام قادة التحالف العربي بدفع رواتب الموظفين اليمنيين وتقديم مساعدات نقدية لمن يستحقها. بصفتها دولاً معتدية، يجب إلزام دول التحالف العربي بإعادة الإعمار وتقديم تعويضات إلى الشعب اليمني. إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي، تسود الفوضى الأمنية في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
بحسب أنصار الله اليمنية على الرغم من أنه “جرت محاولات لتثبيت وقف إطلاق النار وخلق مساحة للحوار بين الأطراف للتوصل إلى حل سياسي شامل ومستقر، إلا أن جماعة أنصار الله اليمنية أكدت في موقفها الأخير أنه لا يوجد وقف لإطلاق النار في اليمن اليوم، بل خفض التوتر وأننا وفّرنا فرصة للوساطة. ما زلنا نتحدث عن القضايا الإنسانية قبل أي شيء آخر. لا مبرر لاستمرار الحصار، ونرحب بأي دور لأي دولة عربية في حل الأزمة، لكننا نريد التحدث مع دول العدوان وليس مرتزقتها. وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود ونحن مستعدون لأي طارئ. العدو يريد أن يضعف قوتنا، لكنه لن ينتصر وسيفشل. يجب أن يؤخذ في الاعتبار دور الولايات المتحدة كطرف مشارك في العدوان على بلادنا وهي شريكة في فرض المعاناة التي يتعرض لها الشعب اليمني”.
0 تعليق