المجلس الاستراتيجي، آنلاين: حوار: أشار أحد المحللين المختصين بالقضية الأفغانية إلى المستقبل المحتمل للهيكلية السياسية في أفغانستان قائلاً: إن اجتماع اسطنبول يعتبر في الواقع مكملاً لاجتماع موسكو ويبدو أن اتفاقاً خلف الستار قد حدث بين الأميركان والروس بشأن مستقبل أفغانستان وهيكلية السلطة والقدرة في هذا البلد، حيث يستبعد أن تسفر هذه المفاوضات عن النتيجة المرجوة دون أخذ الموافقة المسبقة للدول المجاورة والأخذ بنظر الاعتبار آراءها بهذا الشأن.
في حوار أجراه معه موقع “المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية” أشار بيرمحمد ملازهي إلى عملية السلام في أفغانستان قائلاً: “يبدو أن هناك إرادة حصلت بين القوى الكبرى المؤثرة في هذه القضية مثل روسيا والصين وأمريكا وأوروبا بهدف إيجاد طريق حل سياسي لإنهاء الحرب في أفغانستان حيث أن الظروف الداخلية في هذا البلد تستوجب أيضاً حصول مثل هذه العملية، كما أن دول المنطقة والمجاورة لأفغانستان وصلت إلى النتيجة ذاتها، حيث تبذل جهوداً جادة في هذا السبيل.”
وضمن إشارته للمبادرتين الروسية والأمريكية لتحقيق السلام في أفغانستان قال: “من المقرر أن تعقد مفاوضات في الأيام القادمة في اسطنبول ضمن هذه الأجواء تشارك فيها جميع الأطراف تقريباً وهذا الاجتماع في الواقع يكمل اجتماع موسكو ويبدو أن اتفاقاً قد حصل خلف الستار بين الأميركان والروس بشأن مستقبل أفغانستان وهيكلية السلطة والقوة في مستقبل هذا البلد وهي ستكون متفاوتة مع الهيكلية السياسية التي تشكلت في أفغانستان من قبل الأمم المتحدة ومؤتمر بون الأول والتي تأسست على ضوئها الحكومة الحالية في هذا البلد.”
الهيكلية الجديدة في السلطات في أفغانستان
وأضاف الخبير بالشأن الأفغاني قائلاً: “يبدو أن هناك نوعاً من الاندماج والإدغام سيحصل بين القوى المتناحرة في هذا البلد مثل طالبان والحكومة الحالية وبعض القوى التي تزعم أنها مؤثرة في أفغانستان لتتشكل منها مؤسسة جديدة تضمر فيها شراكة في القوة والسلطة الحاكمة وبالتالي إجراء إصلاحات في الدستور الحالي بما يتناسب مع الظروف الحالية أو إجراء تغييرات جديدة فيه.”
وقال ملازهي “أن شكل الحكومة سيتغير من الحالة التي عليها الآن حيث تتركز السلطات في كابول بيد رئيس الجمهورية بشكل خاص أي يتم تغيير النظام الرئاسي الحاكم إلى نظام برلماني وتركيز السلطات بالتالي بيد رئيس الوزراء فضلاً عن حصول نوع من تقسيم القوة والسلطات ضمن نظام فدرالي يضمن إيجاد سلطات محلية من قبل القوميات الرئيسية الأربع في مناطقهم الخاضعة لسيطرتهم القانونية، وبالتالي حصولهم على حصتهم من الإمكانات والسلطات التي تمنحها لهم الحكومة المركزية في العاصمة كابل.”
وأكد ملازهي “أن تحقيق هذه البرامج وبالتالي التوصل إلى السلام والاستقرار من خلالها لن يكون بتلك السهولة والبساطة موضحاً أن هناك 23 مجموعة وفصيلاً ناشطاً في أفغانستان بالإضافة لطالبان التي تزعم أيضاً تملك القوة والسلطة رغم أن هذه الفصائل لم تشارك في هذه المفاوضات حيث يمكنها أن ترفع بسهولة راية داعش وتواصل الحرب والمعارك في ظل الخلافة الداعشية.”
وأضاف ملازهي قائلاً: “يبدو أن هناك اتفاقاً قد حصل بشأن عدد من القضايا منها أن تكون أفغانستان دولة محايدة وغير منحازة وأشبه ما تكون لحكومة ظاهر شاه التي لم تكن تتدخل فيها القوتان الشرقية والغربية على حد سواء حيث تشتتت هذه الهيكلية السياسية بالطبع بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه داوود خان كما أنها تكون بعيدة أيضاً عن الظروف التي وجدت بعد انتصار الجهاد وهزيمة الروس وتسلم المجاهدين السلطة في هذا البلد بعد ابتعاد الأميركان والروس عن الساحة وفي المقابل تنافس الدول الإقليمية المؤثرة في هذا البلد.”
السعي لحيادية أفغانستان
وأضاف هذا المحلل السياسي بالقول: “لذلك لابد من اتفاق جديد يضمن حيادية أفغانستان، وتعترف الدول الكبرى والدول الإقليمية والجارة على حد سواء بأفغانستان غير المنحازة. ولو حصل هذا الأمر فإن أفغانستان ستكون في موقع جديد يمكّنها من المحافظة على حياديتها، وحتى لو حصلت على مساعدات من الدول الأجنبية فإنها تكون دون أي تدخل خارجي وبلا شروط معينة تفرض عليها.”
وضمن إشارته للمواضيع المعلنة التي ستبحث في اجتماع اسطنبول أكد ملازهي أن أبعاد هذا الموقع الجديد لأفغانستان لو تمت دراستها وبحثها وتوضيحها بشكل جيد فإن هذا البلد سيسير نحو السلام والاستقرار والطريق السياسي للحل المنشود، وإلا فإن حرباً داخلية أشد من السابق ربما تنتظر أفغانستان.
وفيما يخص النقد الذي توجهه حكومة أشرف غني لوجود احتمال حدوث تغييرات في أركان الحكومة والسلطات قال ملازهي: “تتميز أركان الحكومة الحالية بمنحيين اثنيين، حيث أن المنحى المعروف بحكومة الوحدة الوطنية يضمر فرعاً جهادياً وشمالياً يمثلهم عبدالله عبدالله وفرعاً ليبرالياً ديمقراطياً يمثلهم أشرف غني حيث تتشكل الحكومة الحالية من التركيب الحاصل بين هذين التيارين، ويبدو أن الفرع الشمالي وتيار عبدالله عبدالله مستعد للسلام والتصالح مع طالبان.”
احتمال إبعاد أشرف غني وأعوانه عن السلطة
وأضاف ملازهي قائلاً: “أعتقد أن أشرف غني والمقربين منه وأعوانه هم الوحيدون الذين سيكونون ضحية هذه العملية ولربما يتم استبعادهم عن العملية السياسية إلا أن التيار الليبرالي الديمقراطي لن يستبعد عنها باعتباره التيار الثالث الذي سيبقى في الساحة السياسية إلى جانب تيار الجهاديين (أي تيار عبدالله عبدالله) وطالبان، لذا فإن هيمنة هذه التيارات الثلاثة على السلطة في أفغانستان تمثل الاحتمال الأبرز وستتشكل منها التركيبة السياسية المستقبلية مع احتمال استبعاد أشرف غني عنها.”
وفي جانب آخر من الحوار أشار ملازهي إلى أن أشرف غني يعتبر شخصية سياسية بارعة للغاية ولن يترك الساحة بسهولة مضيفا بالقول: “إن أشرف غني سيلعب لعبته السياسية ويقدم مشروعه الخاص لاجتماع اسطنبول الذي ينص على إجراء انتخابات مبكرة خلال الأشهر الستة القادمة على أن يسيطر الفائز فيها على السلطة والقرار في أفغانستان ويمارس سلطاته طبقاً للنظام الديمقراطي المنصوص عليه في الدستور الحالي والمعترف به رسمياً.”
وأشار إلى أن الهدف الرئيس لأشرف غني من عرضه لمشروعه هو المحافظة على قوته وسلطته الحالية قائلاً “إن طالبان لن تخضع بسهولة لهذا المشروع في إطار الدستور الحالي، كما أن كلاً من اللاعبين المحليين والإقليميين والخارجيين يسعى لتمرير مشروعه الخاص به في اجتماع اسطنبول ولكن لا يعرف بالضبط أي تيار من هؤلاء سينجح في مساعيه السياسية، إلا أنه لن نرى أي تراجع من قبل عبدالله عبدالله ولا من طالبان في وقت سيضطر فيه أشرف غني إلى التراجع عن مواقفه المعلنة.
0 تعليق