المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال أحد أعضاء هيئة التدريس بمعهد الدراسات الإستراتيجية، مؤكداً أنه يجب أن نعتبر أن مجموعة فاغنر قد انتهت واندثرت: لقد سلّمت فاغنر أسلحتها إلى روسيا وموسكو تراقب أفرادها عن كثب، لذلك في هذه الحالة، فإن إمكانية اتخاذ إجراءات منظمة ضد الكرملين أمر مستحيل، ومن المفترض أن يقوم القائد الجديد لهذه المجموعة في الواقع؛ بتنفيذ عملية دمج هؤلاء الأشخاص في وزارة الدفاع.
في محادثة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، في إشارة إلى تصريح المتحدث باسم البنتاغون بأن مجموعة فاغنر لم تعد تشارك في حرب أوكرانيا كقوة ذات قدرة عملياتية كبيرة، قال مهدي شابوري عن احتمالية المواجهة بين الكرملين وفاغنر: لقد انتهت قدرة مجموعة فاغنر العملياتية؛ ولأن أعضائها فقدوا تنظيمهم السابق، فقد تخلوا أيضاً عن أسلحتهم وسُلب منهم إمكانية النشاط. أصبح جزء منهم، بالتعاون مع وزارة الدفاع الروسية، فرعاً للقيادة الروسية في حرب أوكرانيا، ويشارك جزء آخر في تدريب القوات العسكرية في بيلاروسيا، والتي تعتبر فرصة لبيلاروسيا.
وذكر أن اقتراح الوساطة التي قام بها رئيس بيلاروسيا كانت تهدف إلى عدم إبراز اضطرار بوتين من إعطاء التنازلات لفاغنر وعدم المساس بكرامة بوتين والحكومة الروسية وتابع قائلاً: أثارت فاغنر شكوكاً في الرأي العام الروسي بشأن الحرب في أوكرانيا، والتي لن تزول عواقبها بسهولة. كان لتصريحات “بريغوجين” بشكل خاص حول حالة القوات الروسية في العمليات المختلفة، وتكذيب الموقف الإيجابي لروسيا وكذلك الخسائر الكبيرة في الحرب، آثار مهمة في روسيا. هذه الأحداث، خارج روسيا، نالت أيضاً من مصداقية بوتين وحكومته وأظهرت للحلفاء والمعارضين أن الاستقرار في روسيا ليس جاداً كما تظهره حكومة بوتين.
وقال هذا المحلل للشؤون الدولية: على الرغم من انتهاء هذه التوترات، إلا أنها خلقت هذه الصورة داخل وخارج روسيا أنه عندما كانت القوة الدافعة للسياسة الرسمية لروسيا قادرة على إجراء مثل هذه المناورة دون مواجهة عقبات ودون معارضة من الرأي العام. إنه يوضح مدى هشاشة الحكومة الروسية فيما يتعلق بالاستقرار السياسي، وبالنظر إلى ضعف استقرار الحكومة وأمنها، يمكن أن تحدث مثل هذه الحوادث في قطاعات أخرى أيضاً.
وفي إشارة إلى التداعيات الخطيرة لإثارة الشكوك حول التنظيمات الأمنية والعسكرية على مستقبل روسيا، أضاف شابوري: بالنظر إلى الاعتقالات والإقالات الأخيرة لمسؤولين في الجيش الروسي، فإن هذا الوضع سيؤدي إلى تسوية في الهياكل العسكرية والأمنية لهذا البلد. يمكن أن تكون هذه الظروف مؤثرة للغاية على الحرب في أوكرانيا. لذلك، على الرغم من احتواء تمرد مجموعة فاغنر العسكري على المدى القصير، إلا أنه سيكون له العديد من التداعيات الضمنية على المدى المتوسط.
وأشار إلى اقتراح فلاديمير بوتين باختيار “أندريه تروشوف” قائداً جديداً لفاغنر وقال: إنه كان أحد مؤسسي المجموعة وله أواصر تقربه من بوتين. أولئك الذين عملوا في فاغنر لا يمكن أن يخضعوا للجيش الروسي في الحال دفعةً واحدة. الزعيم الجديد، في الواقع؛ من المفترض أن يقوم بتنفيذ عملية إدماج هؤلاء الأشخاص. لذلك، فاغنر ليست فاغنر الماضي التي تقود السياسات الروسية بشكل غير رسمي. لكن الآن أولئك الذين لا يريدون اتباع السياسة الرسمية لروسيا، إما أن يذهبوا إلى بيلاروسيا، أو يتركوا هذه المجموعة ويتم استقدام الآخرين في وزارة الدفاع، في إطار فرقة.
أكد هذا العضو في معهد الدراسات الإستراتيجية، أنه يجب اعتبار فاغنر أمراً قد انتهى واندثر، وأضاف: على أي حال، هم أشخاص يتمتعون بطاقات وقادرون على العمل ضد الحكومة الروسية، أو الانضمام إلى المنظمات المتعلقة بالجريمة المنظمة، أو استخدامها من قبل الآخرين ضد روسيا أو لمصلحتها؛ لأنهم مرتزقة قد يوجّهون أسلحتهم لصالح من يدفع.
مشيراً إلى أن فاغنر قد سلمت أسلحتها إلى روسيا وأن موسكو تراقبها عن كثب، اعتبر شابوري إمكانية اتخاذ إجراءات منظمة ضد الكرملين أمراً مستحيلاً، وأشار إلى تأثير غياب فاغنر في الحرب في حالة إرسال أسلحة غربية متقدمة إلى أوكرانيا قائلاً: فاغنر تنفذ عمليات هجومية؛ لكن روسيا الآن ليست في المرحلة الهجومية. تحتاج موسكو إلى حوالي عامين للتعافي لتدخل مرحلة الهجوم. هذا البلد يدافع الآن ولا يحتاج إلى فاغنر في الدفاع أيضاً.
وتابع: إن العوائق التي أوجدتها روسيا أمام تقدم القوات الأوكرانية تظهر أن الدفاع الآن أهم من العدوان بالنسبة للحكومة الروسية. حالياً، روسيا غير قادرة على الهجوم من حيث القوات والمعدات والذخيرة، وفي هذه المرحلة ستدافع عن المناطق التي تم الاستيلاء عليها. إذا فشلت أوكرانيا في التقدم، فقد تتجمد الحرب، وفي هذه الحالة، ستستعيد روسيا قوتها لتكون قادرة على تنفيذ عمليات هجومية في العام أو العامين المقبلين.
أكد هذا العضو الأكاديمي في معهد أبحاث الدراسات الاستراتيجية أن الدبلوماسية في الوضع الحالي لا يمكن أن تحل قضية الحرب في أوكرانيا بسبب بُعد وجهات النظر، وقال: هذه الحرب ستستمر ما لم تحرز أوكرانيا تقدماً أو يكون هناك تغيير في روسيا يجعلها تستعد للمصالحة. في الوضع الحالي، لا يوجد أي أمل في انتهاء الحرب الأوكرانية. كما أنه لن يتم حل هذه القضية حتى مع اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت. لأن أوكرانيا مصممة على أن تكون عضواً في الناتو وروسيا ترى في هذا الوضع تهديداً. إذا انضمت أوكرانيا إلى الناتو، فستكون هذه هزيمة استراتيجية لروسيا.
وأضاف شابوري: ما دامت الحكومتان الحاليتان في السلطة في روسيا وأوكرانيا، فإن المصالحة بينهما صعبة. بالإضافة إلى ذلك، سيكون الأمر مكلفاً للغاية بالنسبة للغرب إذا أراد تقديم تنازلات لروسيا في أوكرانيا، ولا شيء سوى هزيمة بوتين في أوكرانيا يكون في مصلحة الغرب. يقيّم الغرب عدم فشل روسيا، بأنه زعزعةً للنظام الدولي؛ لذلك، فإن خيارات الغرب محدودة أيضاً.
0 تعليق