المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار باحث في شؤون الكيان الصهيوني إلى استطلاع رأي أجراه مؤخراً مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية تظهر نتائجه أن 46 في المئة من الأردنيين يعتبرون "إسرائيل" أكبر تهديد للعالم العربي، قائلاً: "مع أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، فإن فرص توسيع العلاقات بين تل أبيب وعمان محدودة للغاية، بل معدمة تقريباً".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال منصور براتي عن الخلفية التاريخية للعلاقات بين الأردن والكيان الصهيوني: “من المنظور التاريخي، كان الأردن يتولى مسؤولية شؤون القدس وكانت القدس الشرقية، التي تُعرف بالبلدة القديمة، تحت سيادة الأردن قبل حرب الأيام الستة عام 1967”.
وإذ أشار إلى نتائج استطلاع الرأي التي تشير إلى أن غالبية الأردنيين (77 في المئة) يعتبرون القضية الفلسطينية أهم مشكلة سياسية في الشرق الأوسط وأنها تطلب حلاً، أكد: “موضوع الكيان الصهيوني يحظى بالأهمية في الرأي العام الأردني ويرى الشعب الأردني في هذا الكيان عدواً له. ومن هنا، قد خاض الأردن والكيان الصهيوني عدة حروب مباشرة وغير مباشرة مع بعضهما حتى الآن”.
وتطرق براتي إلى تاريخ الحروب بين الأردن والكيان الصهيوني، قائلاً: “منذ تأسيس الكيان الصهيوني حتى التسعينات، كانت العلاقات بين الكيان الصهيوني والأردن عدائية في معظم الأحيان واندلعت أربع حروب بينهما، أولها حرب 1949 التي انتهت بهزيمة كبيرة للأردن وتُعرف في الرأي العام العربي باسم النكبة”.
ووفقاً للخبير، نشبت الحرب الثانية في 1956 والتي تُعرف تحت عنوان أزمة قناة السويس. رغم أن مصر كانت الطرف العربي الرئيسي في هذه الحرب، لكنها تلقت دعماً من الأردن. مع ذلك، تلقى العرب الهزيمة في هذه الحرب كذلك. وتابع: “الحرب الثالثة كان حرب الأيام الستة في 1967 والتي كان للجيش الأردني دور مباشر فيه. انتهت الحرب بهزيمة العرب وضياع بعض الأراضي”.
وأضاف براتي أنه في هذه الحرب احتل الكيان الصهيوني صحراء سيناء المصرية والضفة الغربية الخاضعة للأردن ومرتفعات الجولان السورية. كما احتل القدس الشرقية.
وأكد: “وقعت الحرب الرابعة في عام 1973. لم يكن للأردن دور مباشر في هذه الحرب لكنه ساند مصر وسوريا. هذه الحرب انتهت كذلك بهزيمة العرب”.
وأوضح الخبير في شؤون الكيان الصهيوني أنه بعد الحرب الأخيرة في 1973 حتى التسعينات سادت هدنة ما العلاقات بين الكيان الصهيوني والأردن، أي كان الطرفان في حالة من اللاحرب واللاسلم. ووفقاً لبراتي، أخيراً في عام 1994 أي بعد عام على اتفاقية أوسلو، وقع الأردن والكيان الصهيوني على معاهدة سلام واعتراف متبادل تم التوصل إليها بمساهمة أمريكية مباشرة. إذن، منذ عام 1994 يقيم الطرفان علاقات رسمية مع البعض.
وأوضح: “السلام بين الكيان الصهيوني والأردن هو سلام بارد؛ بمعنى أن العلاقات بين طرفين كانا في حالة الحرب سابقاً تحولت من حالة العداء إلى الحياد”.
وقال الخبير إن الأردن ثاني دولة عربية بعد مصر اعترفت بالكيان الصهيوني، مضيفاً: “رغم ذلك، احتفظ موضوع فلسطين والكيان الصهيوني والاتفاقيات بين الأردن وهذا الكيان بحساسيته لدى شريحة كبيرة من المجتمع الأردني”.
و في ما يتعلق بنظرة الحكومة الأردنية إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، قال براتي: “يقوم الموقف الرسمي الأردني تجاه تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني على أساس حل الدولتين؛ بمعنى اعتراف الكيان الصهيوني بدولة فلسطينية مستقلة مقابل تطبيع الأردن علاقاته مع الكيان الصهيوني”.
وتابع: “حتى بعد التوقيع على اتفاقية إبراهيم للسلام مؤخراً، لم يغير الأردن سياسته تجاه القضية الفلسطينية”.
وإذ أشار الخبير في شؤون الكيان الصهيوني إلى أن نصف الأردنيين تقريباً (47 في المئة) يصفون موقف الأردن إزاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بالمنفعل قال إنه في الحقيقة، شريحة من الرأي العام الأردني ترفض سياسة الأردن المتعاطفة تجاه الكيان الصهيوني، مضيفاً: “هذا الواقع، قد يوفر فرصة لمحور المقاومة لكسب أنصار من داخل الأردن من المؤمنين بطرد الكيان الصهيوني من البلاد. خاصة وأن هذا قد حصل فعلاً في أوقات سابقة ويوجد أردنيون بين قوى محور المقاومة”.
وأكد الخبير إن هذا الواقع يكشف عن أن العلاقة بين الأردن والكيان الصهيوني قائمة على أساس السلام البارد خلافاً لاتفاقيات إبراهيم للسلام التي تقوم على أساس فكرة السلام الحار. من هنا، لم تتجاوز العلاقات بين الطرفين مستوى العلاقات بين الحكومتين.
ووفقاً لبراتي، يمكن الإشارة إلى الإمارات كدولة تتبنى نهجاً مختلفاً عن الأردن في هذ الموضوع؛ حيث ربطت بين مصالح مواطنيها ومواطني الكيان الصهيوني ووقعت على اتفاقية الكهرباء مقابل الماء معه.
وأضاف: “بناء على النموذج التي تتبناه الإمارات، تسعى هذه الدولة إلى تعديل النظرة السلبية إلى الكيان الصهيوني بين مواطنيها تدريجياً، لكن لم يحصل ذلك بين الأردنيين ولم ينشأ ترابط بين مصالحهم ومصالح مواطني الكيان الصهيوني”.
في ما يتعلق بتداعيات وجود نظرة سلبية إلى الكيان الصهيوني لدى شريحة كبيرة من الأردنيين وتتعارض هذه النظرة مع نظرة الحكومة الأردنية، قال الخبير في الشؤون الفلسطينية: “ربما تزداد ضغوط هذه الشريحة على الحكومة الأردنية لغرض تحجيم علاقاتها مع الكيان الصهيوني. وإذا حصل ذلك، فلن يسهل على عمّان أن تمضي قدماً باتجاه توسيع علاقتها مع تل أبيب”.
واختتم براتي بالتأكيد على أنه مع أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، فإن فرص توسيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والأردن محدودة للغاية، بل معدمة تقريباً؛ فكما تظهر نتائج استطلاع الرأي الأخير لمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، يرفض 81 في المئة من الأردنيين تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي.
0 تعليق