المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في قضايا أمريكا اللاتينية حول استئناف المفاوضات بين الحكومة الفنزويلية والمعارضة السياسية بعد تعليق استمر لمدة عام وما تلاه من تخفيض لبعض العقوبات الأمريكية ضد حكومة نيكولاس مادورو: "في هذه الأيام، ترجح اهمية فنزويلا في نظر السياسة الخارجية الأمريكية مقارنة بالعديد من الدول، بما في ذلك بعض دول الشرق الأوسط؛ ولأنهم يستطيعون التوافق مع هذا البلد بسهولة أكثر وبسبب قرب المسافة فإنهم يشترون نفطاً أرخص من هذا البلد ".
أضاف هادي أعلمي فريمان في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: “الولايات المتحدة ترجح حالياً شراء نفط فنزويلا، ومن ناحية أخرى، اشترطت تقدم المفاوضات النفطية بتقدم المفاوضات السياسية بين الحكومة الفنزويلية والمعارضة. لذلك لم يفوّت مادورو الفرصة وأعاد احياء المفاوضات”.
وأوضح أعلمي فريمان فيما يخص العلاقات بين كاراكاس وواشنطن: “دخلت العلاقات بين فنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية مرحلة جديدة بعد حرب أوكرانيا. عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا، طغت على العديد من التطورات في المجتمع الدولي؛ أي، خرجت العلاقات عن الروتين الطبيعي، وأعيد ترتيب الانقسامات والاستقطاب، وحدثت أزمة الطاقة ووجدت أوروبا أيضاً وضعاً مختلفاً”.
أشار الخبير إلى أن أهمية قضية الطاقة ازدادت بشكل كبير بعد أزمة كورونا في الدرجة الأولى، وتابع قائلاً: “بعد أزمة كورونا، شهدنا انخفاضاً في الطلب على الطاقة، وطرح العديد من المحللين أن بعد انتهاء أزمة كورونا، سوف نشهد الطلب على الطاقة بصورة متزايدة في جميع أنحاء العالم. تزامن الوقت الذي أثيرت فيه هذه المناقشات مع الحرب في أوكرانيا والتطورات في روسيا، وبدأت أزمة الطاقة هذه من هناك، لأن الأمريكيين، في قضاياهم الداخلية، بسبب ارتباط موضوع الطاقة بالرأي العام، فإنهم يحتاجون إلى إمدادات طاقة سهلة المورد ورخيصة”.
قال أعلمي فريمان عن سبل تحقيق احتياجات أمريكا من الطاقة: “كان أمام الأمريكيين عدة خيارات. في البداية، كانوا يعتزمون متابعة الأمر عبر السعودية وقطر والكويت ودول مجلس تعاون دول الخليج الفارسي، لكنهم تقريباً لم يحصلوا على نتيجة مجدية؛ ثم أرادوا توفير طاقتهم على الأرجح من خلال الاستثمار على مشروع الاتفاق النووي وإيران، لكن هذا المسار ظل أيضاً غير مثمر بسبب عدم اكتمال المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي. في المرحلة التالية، اعتمدت أمريكا على فنزويلا، وأخيراً أخذوا احتياطياتهم الاستراتيجية بعين الاعتبار.
وتابع الخبير في قضايا أمريكا اللاتينية مشيراً إلى أن خارطة الطريق للمفاوضات بين مادورو والمعارضة بدأت في المكسيك عام 2019 بوساطة بعض الدول مثل النرويج وهولندا وروسيا والمكسيك، موضحاً: ” كان لهذه الخارطة مذكرة تفاهم مبدئية تعرف بخريطة الطريق النرويجية وتتكوّن بعض مبادئها وأسسها بشكل رئيسي مما يلي: ضمان الحقوق السياسية لجميع المواطنين، وتحديد جدول زمني لإجراء الانتخابات، وإلغاء العقوبات الدولية، واستعادة حقوق المجموعات المعارضة السياسية. والسماح بدخول المساعدات الانسانية والافراج عن السجناء”.
وتابع أعلمي فريمان: “بدأت هذه المفاوضات في عام 2019، ولكن بما أن 45 دولة اعترفت بخوان غوايدو كرئيس، وكان مادورو نفسه يبحث عن شركاء دوليين، فقد تأخر تنفيذ خارطة الطريق. في النهاية، في الآونة الأخيرة، يبدو أن الولايات المتحدة بدأت مفاوضات سرية مع حكومة مادورو. على الرغم من الكشف عن أخبار الاجتماعات، إلا أن محتواها لم يتم تحديده. وبعد هذه الاجتماعات أعلن الأمريكيون أنهم سيسمحون لبعض الشركات مثل “إيني” و “شيفرون” بتصدير منتجات نفطية من فنزويلا بشرط أن يكون العقد المعني لمدة 6 أشهر وأن يغطي المطالب أولاً. لذلك، تم يوم الجمعة 11 ديسمبر توقيع اتفاقية بين شركة شيفرون للنفط وفنزويلا، ويبدو أن هذه الاتفاقية فتحت الطريق أمام فنزويلا لتخفيض العقوبات.
يعتقد هذا الخبير أن الحكومة الفنزويلية ستستمر على هذا النحو وربما تتوصل إلى تفاهم مع المعارضين السياسيين. قد نرى حتى تفاهمات أوسع بين فنزويلا والشركات الدولية.
وقال عن أسباب تحديد العقد لستة أشهر: “هدف الأمريكيين هو إعطاء فنزويلا فرصة قصيرة لاختبار ما إذا كانت المفاوضات السياسية إلى جانب مفاوضات النفط ستمضي على ما يرام أم لا؟ إذا سارت المفاوضات بشكلها الصحيح، فسيتم تمديد العقد مؤقتاً لمدة 6 أشهر أخرى “.
يقول الخبير في قضايا أمريكا اللاتينية أنه يبدو أن هذه التعاون سيكون له رؤية واعدة لفنزويلا.
0 تعليق