المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال الرئيس التنفيذي لمجمع شريف لتطوير الابداع والتجارة: إن توظيف الذكاء الاصطناعي والمعالجة الكمية يزيدان من قدرة أي نظام على صنع القرار واتخاذ القرارات، وهذه المسألة مطلوبة بشدة في العلاقات الخارجية والدبلوماسية والسياسات الكلية ويجب أن يؤخذ على محمل الجد.
في حديث مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال الدكتور بيروز غفراني، في إشارة إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية والعلاقات الخارجية: في الخمسين عاماً الماضية، تم إنشاء اتجاهين عالميين، وكلاهما يتعلقان بالبيانات، من ناحية، إن زيادة حجم البيانات وتوسع الاتصالات جعل تبادل البيانات أسهل، ومن ناحية أخرى، والأهم من ذلك، اتخذت برامج وتقنيات إدارة البيانات دوراً أكثر أهمية وفعالية في العقود القليلة الماضية.
وأضاف: لقد جعل هذا الاتجاه اتخاذ القرار القائم على البيانات أمراً مهماً. في هذه الظروف، أصبح من المهم التأكد من البيانات التي يجب أن تكون أساساً لاتخاذ القرار، وما نوع البيانات التي يجب قبولها وأيها يجب تنقيحها، والتي يجب تجاهلها، والتي يجب النظر إليها بريبة أو التي يجب تأجيلها للعثور على مزيد من الأدلة والقرائن. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تحليل كيفية تصنيف هذه البيانات، بما في ذلك البيانات غير الحتمية والبيانات الأخرى.
وأضاف: إن الحجم الكبير للبيانات وسرعة تشكيل التقنيات والنماذج الجديدة جعلت البشرية غير قادرة على التنبؤ بكل شيء مقدماً وتحديد المسار المستقبلي بشكل مؤكد. لقد زاد عدم اليقين بشكل كبير، كما أن العولمة وتطور الاتصال وتزايد الأزمات والظواهر الناشئة تجعلنا غير قادرين على التحليل الدقيق للسيناريوهات التي يمكن حدوثها في المستقبل في كثير من الحالات. لقد أثرت التكنولوجيا، باعتبارها أحد المحركات المهمة للتغيير وربط التقنيات ببعضها البعض وخلق نماذج جديدة بسبب التأثير المتبادل للتقنيات، بشدة على هذه القضية، أي عدم القدرة على التنبؤ بالتطورات.
وصرح الرئيس التنفيذي للمجمع أن حالات عدم اليقين تسببت في طرح موضوع جديد في الإدارة تحت عنوان “صنع القرار القائم على السيناريو” (Scenario Based Decision Making)، والتي تستند إلى البيانات وتحليلها والمعرفة الموضوعية والاحتمالات التي قد تكون متصورة فيما يتعلق بأنواع تفسيرات القضية، وبناء عليها، يتم فحص السيناريوهات المختلفة، وقال مصرحاً: في هذه العملية، يعتبر الاستعداد للسيناريوهات المختلفة أمراً مهماً. يملأ العقل البشري النقاط العمياء في البيانات، بالمعلومات المتاحة ويمكن أن يكون هذا بحد ذاته أساس الخطأ التالي في اتخاذ القرار. هذا هي النقطة التي يتحدد فيها الاختلاف في القرارات.
وتابع غفراني: الاختلافات في التصورات والأخطاء الناتجة عن التحيزات الذهنية وتأطير الأخبار والأخطاء الناتجة عن التحايلات، وتزوير الأخبار وإشاعات العدو والأخطاء الأخرى التي تمنع التفسير الصحيح لدى الانسان قد تزيل بعض السيناريوهات من ذهن المحلل وتحدد خيارات اتخاذ القرار. تتمثل إحدى طرق تأطير أذهان عامة الناس وحتى أذهان الخبراء في استخدام التحيزات المعرفية للجمهور، والتي لوحظت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وحتى موضوع الحرب المعرفية تمت اضافته كأحد ميادين الحرب في مناطق عمليات منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف هذا الدبلوماسي السابق: هنا يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي والمعالجة الكمية في عملية صنع القرار وكتابة السيناريو. يمكن لهذه التقنيات معالجة العديد من السيناريوهات التي تم تجاهلها بسبب الأخطاء المعرفية والتسرع والقضاء على الاحتمالات بسبب اعتبارها بعيدة عن الأذهان، وكذلك في تصميم خيارات تفسير المعلومات وقواعد القرار الأفضل. بغض النظر عن الأخطاء الإدراكية البشرية، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل جميع الخيارات التي يمكن تخيلها وتكاليف وفوائد كل منها، ومن خلال فحص الحالات المختلفة، مع مراعاة التكاليف والفوائد، يقوم بتقديم أفضل الحالات.
مذكراً أن النقاش حول مخاطر الذكاء الاصطناعي يرجع إلى حقيقة أنه يدرس إمكانية خيارات لم يراها الإنسان، قال: الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يقبل المنطق البشري بسبب ما يعتبره عدم رؤية بعض الخيارات الصحيحة، بل وحتى ترجيح خياراته للعمل. من ناحية أخرى، توفر المعالجة الكمية إمكانية التحليل المتزامن لسيناريوهات مختلفة بسرعة أعلى بكثير. يمكن أن يؤدي الجمع بين المعالجة الكمية والذكاء الاصطناعي إلى تقديم سيناريوهات مختلفة في نموذج صنع القرار، والتي ربما تجاهلها الخبراء، مع الانتباه إلى الخيارات المختلفة وفحصها.
أكد هذا الدبلوماسي الإيراني السابق: إن حساسية هذه التقنيات تتفاقم بشدة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية حيث تكون القرارات متعددة الأبعاد وتتأثر بالعديد من العوامل. يتطلب صنع القرار في مجال العلاقات الخارجية قوة تحليل ومعالجة عالية، وتصنيف صحيح ودقيق للمعلومات، والوصول إلى المعلومات، بما في ذلك المعلومات السرية وغير المكشوف عنها، وتجنب المرشحات العقلية والأخطاء المعرفية.
وأشار غفراني إلى أنه إذا تمت برمجة الذكاء الاصطناعي وآلات التعلم بشكل صحيح فسوف ترتكب الحد الأدنى من الأخطاء في هذا المجال، وفي هذه الحالة يمكننا أن نتوقع منها رؤية سيناريوهات مختلفة دون تأثّر منطقها بالذوق والحالات المزاجية اليومية والعواطف والغضب أو عدم المعرفة الكافية.
وأضاف: لذلك، بسبب زيادة الظواهر غير المتوقعة وعدم اليقين بشأن العالم المستقبلي، فإن استخدام التقنيات الجديدة لإدارة المعرفة ومعالجة المعلومات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والمعالجة الكمية، والتي يمكن أن تزيد من قدرة أي نظام على صنع القرار واتخاذ القرارات يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في المؤسسات المسؤولة عن العلاقات الخارجية والدبلوماسية والسياسات الكلية.
0 تعليق