المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي انطلق للمرة الأولى في حقبة الحرب الباردة، هو محفل دولي غير رسمي تُناقش فيه القضايا الأمنية وسياسات الأمن الدولي.
محسن شريف خدائي ـ محلل علاقات دولية
انعقد مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، بمشاركة ممثلين عن مختلف الدول – باستثناء روسيا وإيران – لمدة يومين، حيث شهد كلمات ومناقشات زعماء سياسيين ووزراء خارجية ودفاع وشخصيات ومؤسسات مدنية من 120 دولة بشأن مختلف القضايا الأمنية والهجمات السيبرانية.
هذا المؤتمر، الذي يمثل فرصة جيدة لإثارة قضايا الأمن العالمي وتبادل وجهات النظر حول مختلف التحديات العالمية، سلّط الضوء هذا العام على قضايا مختلفة أبرزها:
1 ـ الهجوم الروسي على أوكرانيا: في ظل هجوم القوات الروسية على أوكرانيا، نوقش موضوع إمداد أوكرانيا بالأسلحة ودور الدول الغربية في هذا الصدد.
2 ـ التهديدات السيبرانية: كان النقاش حول التهديدات السيبرانية ودور التقنيات الجديدة في الأمن العالمي من المواضيع المهمة في المؤتمر.
3 ـ تغير المناخ والأمن: ناقش المشاركون تأثير تغير المناخ على الأمن العالمي والتدابير اللازم اتخاذها من قبل المنظمات الدولية وبلدان العالم.
4 ـ الإرهاب وتصاعد التهديدات: جرت مناقشة أساليب التعامل مع انتشار الإرهاب وتصاعد التهديدات على المستويين الإقليمي والعالمي وسبل التصدي لها.
5 ـ حرب غزة: نوقشت المساعي الرامية إلى وضع حد للكارثة الإنسانية التي يواجهها سكان غزة، وكيفية إقرار وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع.
تمحورت المناقشات الرئيسية للمؤتمر حول موضوعين هما “حرب أوكرانيا وغزة”؛ حيث ركز الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي حضر المؤتمر، على المشاكل الكبيرة التي سببها نقص الأسلحة في فاعلية أداء القوات الأوكرانية أمام القوات الروسية. كما طرح الرئيس الأوكراني، بقلق وصراحة، أمام زعماء الدول الغربية في المؤتمر، طلباً جديداً لحصول بلاده على مزيد من المساعدات العسكرية.
هذا في وقت قد تفوقت نيران المدفعية الروسية بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة على نيران المدفعية الأوكرانية، مما أجبر القوات الأوكرانية على الانسحاب من مدينة أفدييفكا قبل أيام.
ويأتي ذلك في ظل زيادة روسيا بشكل كبير إنتاجها من قذائف المدفعية والدبابات والمركبات المدرعة والصواريخ في الأشهر الأخيرة.
في المقابل، يخطط معظم الحلفاء الغربيين لزيادة إنتاجهم العسكري بهدف تمكين كييف من الصمود في وجه ضغوط موسكو في عام 2024، من خلال إمدادها بمزيد من الأسلحة.
وفي الوقت نفسه، هناك أسئلة لدى أعضاء الناتو الأوروبيين حول ما يتعين عليهم القيام به فعلياً للاستعداد لحرب محتملة أوسع نطاقاً مع روسيا. في هذا الصدد، صرح المستشار الالماني، أولاف شولتز: “إذا وطأت قدم أي جندي روسي أراضي الناتو، فسوف ندافع عن كل شبر منها”. هذا فيما تجاوز الإنفاق الدفاعي لأعضاء الناتو 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي.
من جهة أخرى، كشف زيلينسكي عن إحباطه من دخول مجلس النواب الأمريكي في عطلة لمدة أسبوعين دون الموافقة على حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا. وربط سقوط مدينة أفدييفكا الأوكرانية بيد القوات الروسية نهاية الأسبوع الماضي بتقاعس الجمهوريين عن تمرير حزمة المساعدات هذه.
مشروع هذا القانون تمت الموافقة عليه في مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 70 صوتاً مقابل 29، لكنه الآن معطل في الكونغرس بسبب الخلافات الإجرائية الناجمة عن موقف الجمهوريين بشأن أوكرانيا، بالإضافة إلى إحباط رئيس مجلس النواب مايك جونسون من أن مشروع القانون لا يقدّم ما يكفي لأمن الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
عدوان الكيان الصهيوني على غزة
في الشهر الماضي، كشف كاتب عمود في صحيفة نيويورك تايمز، توماس فريدمان، وهو الكاتب المفضل لدى الرئيس الأمريكي منذ فترة طويلة، عن خطة إدارة بايدن الجديدة للشرق الأوسط. وقد كتب فريدمان: “نحن على وشك ظهور استراتيجية جديدة من إدارة بايدن لمواجهة التحدي متعدد الأوجه الذي يشمل غزة وإيران وإسرائيل والمنطقة. ستكون هذه اللحظة خطيرة.”
في ظل استمرار هجمات الكيان الصهيوني على غزة، فإن السؤال المهم هو: إذا كانت عقود من العلاقات الوثيقة والمساعدات العسكرية المنقطعة النظير من الولايات المتحدة للكيان الإسرائيلي لم تجعل البيت الأبيض قادراً على التأثير على الحرب في غزة، فكيف يمكن توقع النجاح للجهود الرامية إلى وقف هجمات الكيان الصهيوني وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة؟
0 تعليق