المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في قضايا القانون الدولي: قرار محكمة لاهاي بشأن شكوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني "غير مسبوق"، لأن المدعي ليست طرفاً في موضوع الشكوى وليست طرفاً في النزاع ولكن بصفتها عضواً في اتفاقية منع ومعاقبة التعذيب والإبادة الجماعية، كان يمكنها أن ترفع هذه الدعوى، وقد استغلت جنوب أفريقيا هذه الفرصة مع الأخذ بالاعتبار الحساسيات السياسية.
بعد أن طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية إصدار أمر مؤقت في القضية المرفوعة ضد الكيان الصهيوني لوقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين، أصدرت محكمة لاهاي أمراً مؤقتاً بأغلبية الأصوات وطلبت من الكيان الصهيوني وقف أعمال القوات المسلحة لهذا الكيان، والتي تعد مثالاً على جريمة الإبادة الجماعية.
وفي 29 ديسمبر (كانون الأول)، قدمت جنوب أفريقيا شكوى ضد الكيان الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، متهمة الكيان الصهيوني بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 خلال عملياته العسكرية في قطاع غزة. واستعرض المدعون في هذه المحكمة الأدلة التي قدمتها جنوب أفريقيا وكذلك دفاعات ممثل تل أبيب خلال يومين.
وأخيراً، أعلنت محكمة لاهاي، يوم الجمعة 26 يناير (كانون الثاني)، قرارها بشأن “التدابير الطارئة المؤقتة” لوقف الأنشطة العسكرية للكيان الصهيوني في غزة.
وقرأت “جوان دونوغو” رئيسة محكمة العدل الدولية الحكم الأولي لهذه المحكمة وقالت: إن هذه المحكمة تدرك المأساة الحالية في غزة وتدين عمليات القتل الحربية المستمرة هناك.
وقالت رئيسة المحكمة: إن جنوب أفريقيا اعتبرت ما يحدث في غزة انتهاكاً لاتفاقية حظر الإبادة الجماعية. ومع ذلك، لن تحكم المحكمة فيما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاقية أم لا. إلا أن المحكمة ترفض طلب إسرائيل بإلغاء القضية. وفي الوقت الحالي، لن تتخذ المحكمة قراراً بشأن ما إذا كان القتل الجماعي قد حدث أم لا، لكنها ستحكم في إمكانية حدوث قتل جماعي. تشير المعلومات إلى أن أكثر من 25 ألف فلسطيني قتلوا وتم تشريد أكثر من مليوني شخص خلال الحرب. الشعب الفلسطيني محمي بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وتشير التقارير الأولية إلى أن غزة أصبحت مكاناً لليأس والموت.
بمعنى آخر يمكن القول أن هذا الحكم هو لصالح الفلسطينيين وجنوب أفريقيا وداعمي فلسطين، ولكن بالنظر إلى الطبيعة غير الملزمة لقرار المحكمة، ينبغي القول أن دخول المحكمة في مسألة إطلاق سراح الأسرى الصهاينة يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي، وكالعادة وفي إطار هذه السياسة الدائمة للكيان فيما يتعلق بالوثائق الدولية، فإن هذه القضية ستكون ذريعة لهذا الكيان في عدم تنفيذ أوامر المحكمة في موضوع التدابير المؤقتة. وفي الوقت نفسه، اعتبر بعض المحللين وخبراء القانون الدولي القرار الأولي لمحكمة العدل الدولية بشأن شكوى جنوب أفريقيا بمثابة أكبر ضربة لمصداقية ومكانة الكيان الصهيوني في التاريخ الحديث.
وأوضح يوسف مولايي، الأستاذ الجامعي والخبير في قضايا القانون الدولي، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أن حكم محكمة لاهاي بشأن شكوى جنوب أفريقيا “غير مسبوق” في هذا الصدد، لأن المدعي ليست طرفاً في موضوع الشكوى وليست طرفاً في النزاع، ولكن بصفتها عضواً في اتفاقية منع التعذيب والإبادة الجماعية، كان يمكنها أن ترفع هذه الدعوى، وقد استغلت جنوب أفريقيا هذه الفرصة مع الإخذ بالاعتبار الحساسيات السياسية.
وذكر عن قرار المحكمة: لقد صدر الآن “أمر مؤقت”. بمعنى آخر، طلبت المحكمة من الأطراف عدم تصعيد الوضع أكثر أثناء نظرها في القضية الرئيسية، الأمر الذي قد يستغرق عدة سنوات، وطلبت من الكيان الإسرائيلي إنهاء هجماته ضد سكان غزة، حتى تتمكن المحكمة من القيام بعملها في هدوء.
وقال هذا الأستاذ الجامعي: في الماضي، أصدرت المنظمات الدولية، بما فيها الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ومؤسسات أخرى، العديد من القرارات ضد الكيان الإسرائيلي؛ وأضاف: على الرغم من النفوذ الذي يتمتع به الكيان الإسرائيلي في هذه الأنظمة وبين الحكومات، فقد صدر أكثر من 200 قرار يدين هذا الكيان. ولا يتم استخدام حق النقض ضد القرارات ضد إسرائيل إلا في مجلس الأمن.
وأشار إلى أن الأمر المؤقت لمحكمة لاهاي غير ملزم في هذه المرحلة، وقال: وإن كان قرار محكمة لاهاي يمكن أن يأتي لمساعدة الرأي العام ضد تصرفات الكيان الإسرائيلي حول العالم ويخلق مسؤولية عالمية لداعمي إسرائيل وحكومتها، لكن هذا القرار حالياً لا يمنع تصرفات الكيان الإسرائيلي في غزة.
0 تعليق