المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال مساعد أسبق لوزير الخارجية الإيراني: من غير المرجح أن تضع الحكومة التركية كل بيضها في سلة الغرب وحلف الناتو وتعرض علاقاتها الوثيقة مع روسيا للخطر في ظل خوض الأخيرة حرباً ضد أوكرانيا؛ لذلك ينبغي أن نرى ما هي المقايضات التي اخذتها تركيا في الاعتبار فيما يتعلق بالموافقة على عضوية السويد في الناتو."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار إبراهيم رحيم بور إلى مصادقة البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو وصرح بأن الدول تغير سياساتها وتوجهاتها بناءً على التفاعلات الدولية والإقليمية ومصالحها وسياساتها الكلية في كل مرحلة، قائلاً: “على سبيل المثال، ما قامت بها السعودية في السنوات العشر الماضية وكذلك التغييرات التي تنوي إحداثها في سياساتها ومشاريعها المستقبلية لم تكن تخطر على بال أحد؛ خاصة سياستها تجاه الكيان الإسرائيلي والتطبيع معه. لذلك ينبغي تقييم قرار تركيا الموافقة على عضوية السويد في الناتو في هذا السياق.”
وتابع: “تتخذ الدول قراراتها الجديدة بناء على مصالحها الكلية والمقايضات بينها وبين الآخرين؛ في بعض الأحيان، تحول مثل هذه القرارات دون خسارة أو خسائر كثيرة، وقد تعود بفائدة كبيرة وامتياز كبير.”
وقال الخبير في القضايا الإقليمية إن مسألة عضوية السويد والنرويج وفنلندا في الناتو أثيرت بشكل جدي بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، وكان لها مؤيدون ومعارضون في داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه خلال العام ونصف المنصرم، مضيفاً: “من الواضح أن أهم المعارضين لعضوية الدول القريبة من حدود روسيا في الناتو هو بوتين، وهذه المعارضة موجهة ضد فنلندا أكثر من السويد والنرويج؛ لأنها أقرب إلى حدود روسيا. تعتبر فنلندا من الدول التي حاولت الحفاظ على حيادها بعد الحرب العالمية الثانية حيث كانت لا تزال المواجهة قائمة بين الشرق والغرب. كما لم تكن تمتلك حتى قوة عسكرية قوية ومتماسكة؛ لكنها تحركت تدريجياً في السنوات الأخيرة باتجاه إعادة بناء قدراتها عسكرياً وأمنياً بشكل جدي.”
وقال المساعد الإسبق لوزير الخارجية الإيراني عن مصادقة البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو: ” خلال العقد الأخير شهدنا مزيداً من القرارات القائمة على المقايضة من قبل أردوغان. بشكل عام، قد لوحظ هذا النهج فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ووضعها الحالي؛ ففي الوقت الذي يتخذ أردوغان مواقف حادة ضد رئيس وزراء الكيان الصهيوني بسبب غزة وتطوراتها، فإن بعض أوجه التعاون السياسي والاقتصادي بين تركيا وذلك الكيان مستمرة. إذن، تسعى تركيا إلى الحفاظ على إيماءاتها السياسية بشأن دعم الشعب الفلسطيني وغزة، لكنها من المحتمل أن تغير سياساتها الاستراتيجية في المنطقة أو فيما يتعلق بغزة بسبب مصالحها الخاصة.”
وأردف قائلاً: “ينبغي أن نرى ما هي المقايضات التي تبحث عنها الحكومة التركية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة ومع روسيا من جهة أخرى. يأتي القرار التركي هذا في حين أن السويد هي من المدافعين عن الأكراد في تركيا وتتابع قضايا حقوق الإنسان في ذلك البلد بجدية. موافقة تركيا على عضوية السويد في الناتو، ترتبط بتقييم تركيا بمكاسبها المستقبلية والتطورات القادمة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، نعلم أن تركيا لديها مخاوف جدية بشأن أنشطة الأكراد في سوريا والعراق بالقرب من حدودها، لذلك يبقى أن نرى ما هي المقايضات التي ستجري مع روسيا في هذا الصدد.”
وقال رحيم بور: “في السنوات العشر الأخيرة، لعبت تركيا ببراعة بين روسيا والناتو ما مكّنها من تحقيق مصالحها، وهذا ليس قراراً سهلاً على الإطلاق؛ حيث يتطلب الأمر تحقق معادلات مختلفة لكي لا تتضرر هذه الدولة من جراء التطورات. لذلك أعتقد أن القرار الأخير للبرلمان التركي يدخل أيضاً في إطار هذه اللعبة الدقيقة.”
وعن رد فعل روسيا على القرار التركي، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني الأسبق: “أستبعد أن تضع الحكومة التركية كل بيضها في سلة الغرب والناتو وتدخل في معركة مع روسيا بشأن هذه القضية. ينبغي أن نرى ما هي التطورات التي ستحدث في العراق وسوريا في المستقبل القريب. من المؤكد أن أنقرة لن تتخذ هذا القرار دون أخذ مخاوف روسيا في الاعتبار. في تطورات قره باخ، أظهرت كل من روسيا وتركيا أنهما على استعداد لتقديم تنازلات وبالمناسبة، كانت تنازلاتهما المتبادلة في ذلك الملف على حساب إيران. لذلك يجب أن نرى ما هي الأهداف والسياسات الإقليمية والدولية التي من المفترض أن يقرّب هذا القرار تركيا منها.”
واختتم قائلاً إن مصادقة البرلمان التركي ليست كافية بل يحتاج الأمر إلى توقيع أردوغان. بالإضافة إلى ذلك، فإن عضوية السويد في الناتو تتطلب موافقة كافة الدول الأعضاء في الحلف، بما في ذلك المجر، التي تعارض استمرار المساعدات المالية الأوروبية لأوكرانيا.
0 تعليق