المجلس الاستراتیجي أونلاین ـ حوار: أشارت أمینة قسم الإقتصاد السیاسي في الجمعیة الإیرانیة لدراسات غرب آسیا إلی أن الکیان الصهیوني کان الوجهة العاشرة لتصدیر البضائع الترکیة عام 2022، قائلة: رغم وجود التوترات السیاسیة بین أنقرة وتل أبیب، إلا أن المصالح الإقتصادیة والأمنیة المشترکة أدت إلی أن تحافظ تركيا علی علاقاتها الثنائیة مع الکیان الصهیوني، ويولي أردوغان أهمية للعلاقات مع هذا الکیان.
تطرقت زهرا سادات فیروزي في حوارها مع موقع المجلس الإستراتیجي للعلاقات الخارجیة إلی العلاقات الترکیة الصهیونیة والتوترات التي شهدها الجانبان في علاقاتهما حتی الآن، مذکرة إلی أن ترکیا إعترفت بالکیان الصهیوني في 28 مارس (آذار) 1949، وصرحت: بعد الحادث الذي تعرضت له سفینة “مافي مرمرة” في یونیو (حزيران) 2016، تم التوصل إلی إتفاق بین الجانبین لتطبیع العلاقات الثنائیة بینهما. دخلت العلاقات الثنائیة بینهما فترة حرجة مجدداً مع هجمات الکیان الصهیوني علی المدنیین الفلسطینیین المشارکین في “مسیرة العودة الکبری” في 30 مارس (آذار) 2018. وفي 17 أغسطس (آب) 2022، تم تطبیع العلاقات بالکامل و في نفس العام، قام البلدان بتعیین سفراءهما.
وأشارت المحللة إلی أن الإحصائیات الرسمیة تظهر أن التحدیات، التي یواجهها الجانبان أحیاناً، لاتؤثر سلبیاً علی علاقاتهما التجاریة، مضیفة: خلال فترة حکم حزب العدالة والتنمیة، زاد حجم التجارة بین ترکیا والکیان الصهیوني بشکل مضاعف. کما أن زيادة الصادرات التركية إلی الکیان الصهیوني جذبت الإنتباه خلال السنوات الأخیرة، وحققت العلاقات الإقتصادیة بین ترکیا والکیان الصهیوني تقدماً ملحوظاً خلال العشرين سنة الماضیة. وارتفع حجم التجارة الذي کان 1.41 ملیار دولاراً في عام 2002 إلی 8.91 ملیار دولاراً عام 2022، وبذلک أتبع المیزان التجاري مساراً لصالح ترکیا.
وأشارت الخبیرة فی الشؤون الترکیة إلى أول لقاء مباشر بین أردوغان و نتنیاهو جرى في سبتمبر (ايلول) في الجمعیة العامة للأمم المتحدة، وتابعت القول: في هذا اللقاء، أکد أردوغان علی التعاون بین ترکیا والکیان الصهیوني في العدید من المجالات، وقالت: إن وجود مجالات جدیدة للتعاون هو أیضاً حقیقة واقعة، والجمیع یعلم أن الکیان الصهیوني یتطلع لنقل موارده إلی أوروبا. وأن الطریقة الأكثر منطقیة لنقل هذه الموارد هو عن طريق ترکیا. وبحسب قول أردوغان، هناک فرص للتعاون بین الجانبین في أنشطة الحفر.
وأضافت فیروزي: وفقاً لمعلومات نظام التجارة الخاص التابع لمعهد الإحصاء التركي، فقد بلغت قيمة الصادرات الترکیة إلی الکیان الصهیوني في عام 2002، عندما وصل حزب العدالة والتنمیة إلی دفة الحکم، 861.4 ملیون دولاراً. كما بلغت واردات تركيا من الکیان الصهیوني 544.5 ملیون دولاراً. وفي عام 2022 إرتفعت الصادرات إلی 6.74 ملیار دولاراً والواردات إلی 2.17 ملیار دولاراً، كما ازداد حجم التجارة من 1.41 ملیار دولاراً إلی 8.91 ملیار دولاراً. وعلی هذا الأساس، فقد إرتفع حجم التجارة بين البلدين بنسبة 532% خلال الأعوام العشرين الماضیة.
وأشارت الى أن الميزان التجاري بين تركيا والكيان الصهيوني بین عامي 2000 و 2022، كان دائماً لصالح ترکیا، وأضافت: هذه الحقیقة أن حجم التجارة بین ترکیا والکیان الصهیوني لم یخفض، حتی بعد أزمة سفینة “مرمرة” عام 2010، تدل على أن العلاقات الإقتصادیة ظلت قوية على الرغم من التحدیات السیاسیة. وفقاً لمعطیات معهد الإحصاء الترکي، کان الکیان الصهیوني الوجهة العاشرة لتصدیر البضائع الترکیة عام 2022، وتأتي المانیا، والولایات المتحدة والعراق علی رأس الصادرات الترکیة. واحتل الکیان الصهیوني المرتبة الـ 29 من حيث تصدير السلع إلی ترکیا وکان معظم واردات ترکیا من حصة روسیا، والصین والمانیا.
وأضافت أمینة قسم الإقتصاد السیاسي في الجمعیة الإیرانیة لدراسات غرب آسیا أن حصة الکیان الصهیوني من الصادرات الترکیة بلغت 2.39% في عام 2002، وهذه النسبة ارتفعت في عام 2022 إلی 2.87%، وإنخفضت حصته من الواردات التركية من 1.06% إلی 0.63% في نفس الفترة.
وأشارت فیروزي الى أن الرئیس الترکي انتقد مراراً الکیان الصهیوني في الماضي بعبارات قاسیة، لكنه قال: إن أنقرة في نهجها الجدید، إنتقدت بشدة قتل شعب غزة، رغم أنها لم تذکر حماس في تصریحاتها الرسمیة. وعلى عكس السنوات السابقة فقد دعا الرئیس الترکي كلا الطرفين إلی خفض التصعيد والتوتر، وهو يسعى الى عدم افساد بعض علاقاته الجدیدة مع دول المنطقة. وقد تم تقیم هذا النهج الترکي علی أنه أکثر توازناً مما كان عليه في الماضي، ویعتقد الکثیرون أن لدى أردوغان مثل هذه الإعتبارات بسبب تطبیع العلاقات بین ترکیا ودول المنطقة والتوقعات الإقتصادیة لأنقرة من بعض الدول.
وقالت الخبیرة إن أردوغان یحاول إتخاذ إتجاه معتدل بعدم الدخول في التوترات، معتبرة أن مواصلة هذا النهج في السیاسة الخارجیة الترکیة يرافقه فوائد للبلاد، وأضافت: بالطبع في هذه الظروف، فأن احتمال أن تلعب تركيا دور الوسيط في الصراع الدائر بین الکیان الصهیوني وحرکة حماس ليست عالية جداً. و حالیاً لا توجد مثل هذه العلاقات المبنیة علی الثقة بین الکیان الصهیوني وترکیا، وكذلك بین أردوغان ونتنیاهو. کما أقامت مصر والسعودیة علاقات أوثق مع حماس. لذا لا يمكن اعتبار ترکیا وسیطاً؛ بل یمکن أن تكون لاعباً فاعلاً يتحرک لدعم الشعب الفلسطیني ومناصرته.
وحسب قول الخبيرة في الشؤون التركية؛ فإن مهمة أردوغان صعبة هذه المرة؛ لأن حماس هي اللاعب الرئیسي في هذا الصراع. ومن الصعب جداً لعب دور الوسيط وإيجاد حل سياسي في السيناريوهات التي لا تكون فيها الدولة الفلسطينية هي اللاعب الرئيسي. في الحقیقة، رغم أن هناک بعض التوترات السیاسیة بین أنقرة وتل أبیب، لكن یبدو أن المصالح الإقتصادیة والأمنیة المشترکة دفعت ترکیا إلی الحفاظ علی علاقاتها الثنائیة مع الکیان الصهیوني، علی الرغم من مواقفها القوية ضد هذا الکیان في بعض الأحیان. وستواصل ترکیا والکیان الصهیوني علاقتهما المعقدة على شكل “لا صدیق، لا عدو”. وبینما تعتبر ترکیا من أشد المنتقدین لسیاسات الکیان الصهیوني تجاه الفلسطینیین لکنها حافظت علی علاقاتها مع هذا الكيان دبلوماسیاً وإقتصادیاً. ویولي أردوغان إهمیة لهذه العلاقات.
وفي الختام أكدت فيروزي: أن حجم التجارة الثنائیة بین ترکیا والکیان الصهیوني جدير بالملاحظة، وأن شرکات كلا البلدين تتعاون مع بعضهما البعض فی مختلف المجالات. ومع ذلک، أدت التوترات السیاسیة في بعض الأحيان إلی قطع العلاقات الدبلوماسیة بین الجانبین.
0 تعليق