المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: إفريقيا هي قارة "الفرص" وتحتوي على أكبر احتياطيات الموارد الطبيعية. يسمي الكثيرون القرن الحالي "قرن إفريقيا". 6 من أصل 10 دول ذات أعلى نمو اقتصادي في العالم هي أفريقية. وتمتلك إفريقيا ثاني أسرع اقتصاد عالمي نمواً.
حميد خوش آيند ـ خبير في الشؤون الإقليمية
وجود ثروات طبيعية غنية، ومناجم، واحتياطيات كبيرة من الطاقة، ومعادن ثمينة، وإمكانيات وفرص زراعية، وعمالة رخيصة، وأرضيات مناسبة للاستثمار، وسوق كبير يضم مليار و 200 مليون نسمة (ثُمن العالم)، واقتصاد بقيمة أكثر من تريليون دولار، ومجموعة كبيرة من الأصوات في الأوساط الدولية والعديد من العوامل الأخرى جعلت كل دولة من 54 دولة أفريقية جذابة للغاية للاستثمار في مختلف المجالات.
بالنظر إلى ما ورد، أصبحت إفريقيا إحدى “الأولويات الرئيسية” في السياسة الخارجية للعديد من دول العالم. تعمل القوى الإقليمية في غرب آسيا أيضاً على زيادة اتصالاتها وتعاونها مع إفريقيا. على سبيل المثال، لدى تركيا 44 بعثة دبلوماسية في إفريقيا وتبلغ صادراتها إلى هذه القارة 30 مليار دولار.
بالإضافة إلى تركيا، تعد الإمارات، كدولة عربية صغيرة، أحد الشركاء التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين لإفريقيا. ولشركات الطيران الإماراتية رحلات إلى 20 دولة أفريقية عبر مطار دبي، وتعمل 24 بعثة دبلوماسية للإمارات في إفريقيا. بينما للجمهورية الإسلامية لإيرانية 18 بعثة دبلوماسية فقط في إفريقيا وحصتها من الاقتصاد الإفريقي البالغ 1200 مليار دولار أقل من 3 مليارات دولار! بالإضافة إلى ذلك، تعتبر إفريقيا واحدة من “ساحات التنافس الإستراتيجية” بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وفي السنوات الأخيرة، خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من تداعيات اقتصادية خاصة بالنسبة لدول إفريقيا الجنوبية، اشتد التنافس بين الولايات المتحدة والصين؛ فضلاً عن ذلك فإن شمال إفريقيا ليس بعيداً عن هذا التنافس كذلك.
في الوقت الحالي، وصلت علاقات روسيا مع الدول الأفريقية إلى أعلى مستوى في العقود الأخيرة. كما زادت الولايات المتحدة الاستثمار في البنية التحتية للطاقة في إفريقيا، وتنظر الصين إلى إفريقيا بنظرة خاصة في مبادرة الحزام والطريق.
اليوم، بدأت فكرة تتجلى بوضوح لدى مراكز الأفكار والأوساط الغربية والشرقية والعربية بأنه في ظل الظروف الدولية الصعبة التي تتزايد فيها الأزمة في مجالات الاقتصاد والطاقة والمواد الخام والموارد الغذائية وغيرها خاصة في الغرب، فإن إفريقيا هي “منطقة حاسمة” و “خيار طويل الأمد”.
على الرغم من وجود العديد من الفرص والأرضيات المتاحة تماماً للاستثمار وتطوير العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف في إفريقيا، إلا أن هذه القارة للأسف لم تحظ باهتمام السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بشكل “مطلوب”.
وبحسب ما ورد، فإن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى القارة الأفريقية هي “نقطة انطلاق” جيدة ستعزز بالتأكيد علاقات إيران مع هذه القارة المهمة والإستراتيجية، لا سيما في مجالات الاقتصاد والصناعة والزراعة والمعرفة.
يمكن تحليل هذه الرحلة الرسمية، التي كانت الأولى من نوعها في السنوات الـ 11 الماضية، من ناحیتین؛ أولاً، تحليل هذه الرحلة من حيث الدول الثلاث التي زارها رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كل من هذه البلدان الثلاثة لديها “طاقات” يمكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تستخدمها بشكل جيد. على سبيل المثال، تعد كينيا ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا جنوب الصحراء بعد نيجيريا وجنوب إفريقيا. وتمتلك زيمبابوي أكبر مناجم الأحجار الكريمة (الماس والذهب وما إلى ذلك) في العالم. كما تعتبر أوغندا من أهم أقطاب النحاس والتنغستن والكوبالت وكولومبايت-تانتاليت والذهب والفوسفات وخام الحديد والحجر الجيري في إفريقيا والعالم. ثانياً، تحليلها من الأبعاد الكلية والقارية؛ بمعنى أنه بعد سنوات عديدة، حظيت القارة الأفريقية باهتمام جاد في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ خاصة وأن 84٪ من تجارتها هي مع “خارج القارة” واكتسبت في السنوات الأخيرة دوراً مهماً في مجال التجارة الخارجية للقوى الإقليمية والدولية.
الإنجازات والفرص التي ستجلبها زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية لثلاث دول أفريقية هو موضوع واضحة أبعاده وتفاصيله، وتجري الكثير من المناقشات بشأنه. النقطة المهمة هنا هي أن إفريقيا أصبحت بشكل جدي إحدى الأولويات الرئيسية للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وستؤدي هذه الأهمية بالتأكيد إلى نتائج وتداعيات جيدة في “تعزيز الموقف الإقليمي والدولي” للجمهورية الإسلامية الإيرانية وزيادة الثقل السياسي والقدرة التفاوضية للجمهورية الإسلامية الإيرانية على الساحة الدولية.
في الختام، تجدر الإشارة إلى أن إفريقيا تعتبر إحدى المراكز الرئيسية لـ “النضالات المناهضة للاستعمار والمناهضة للإمبريالية” في العالم ولهذا السبب، لدى دولها تقارب وتفاهم مع خطاب الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في الوقت نفسه، تعد هذه القضية “نقطة قوة” محرك مهم في تطوير عمق ونطاق العلاقات الخارجية مع إفريقيا. علاوة على ذلك، فإن طبيعة السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تتطلب أن يحظى التوجه نحو إفريقيا دائماً باهتمام “خاص” و”إستراتيجي”.
0 تعليق