المجلس الإستراتیجي أونلاین ـ رأي: کرر الکیان الصهیوني مراراً وتکراراً في مواقفه الرسمیة أن إسرائیل تقید نفسها بالمساعدات الإنسانیة لأوکرانیا و تمتنع عن تقدیم المساعدات العسکریة اليها ولم تسمح بإرسال أسلحة تحتوي علی أجزاء مصنوعة في إسرائیل إلی أوکرانیا عبر دول ثالثة. و فیما یتعلق بالحرب بین روسیا وأوکرانیا، أکد وزیر خارجیة النظام الإسرائیلي إیلي کوهین أن "المساعدات الإنسانیة ستستمر. نحن سنتخذ إجراءاً واحداً بالتأکید، سنقلل من التصریحات العلنیة، وسنهیأ تقاریر تحوي توصیات وزارة الخارجیة إلی مجلس الوزراء حتی یمکن وضع السیاسات المناسبة، و في کل الأحوال سنواصل المساعدات الإنسانیة إلی أوکرانیا".
محمود فاضلي ـ محلل للشؤون الدولیة
رغم تصریحات السلطات الرسمیة للکیان الصهیوني، أعلن سفیر الکیان الصهیوني لدی المانیا “ران بروسور” أن الکیان الصهیوني یدعم أوکرانیا في الحرب مع روسیا علی نطاق أوسع مما یعرفه الجمیع. فالکیان الصهیوني یساعد أوکرانیا ولکن “وراء الکوالیس و أکثر بکثیر مما یعلنه”.
في البدایة، لم يكن یوافق الکیان الصهیوني علی تقدیم الأسلحة لأوکرانیا من أراضیه خوفاً من تدهور علاقاته مع موسکو، و ينوي الإستمرار بهذه السیاسة، لکن بعض الدلائل تشیر إلی أن نحو نصف قذائف المدفعیة من عیار 155 ملم والبالغ عددها 300 ألف قذيفة قد تم تخصیصها لأوکرانیا و تم شحنها حالیاً إلی أوروبا لتسلیمها لاحقاً إلی القوات المسلحة الأوکرانیة.
توجد هناک أدلة أن الولایات المتحدة تستخدم قذائفها المدفعیة من عیار 155 ملم المخزّنة في إسرائیل لإجراء عملیات عسکریة فی الشرق الأوسط، لتوفير الذخيرة التی تحتاجها أوکرانیا. حيث توجد فی هذه المخازن قذائف مدفعیة مطابقة لمعاییر الناتو يبلغ عددها 300 الف قذیفة. تستخدم أوکرانیا 90 الف قذیفة مدفعیة شهریاً، و هذا العدد ضعف الطاقة الإنتاجیة للولایات المتحدة، ولذلک إتجهت واشنطن إلی مخزونها الموجود في إسرائیل. تم إنشاء هذه المخازن خلال الحرب بين العرب وإسرائیل عام 1973، وخلال الحروب فی الشرق الأوسط، کانت تقوم الولایات المتحدة بتزوید جیشها بالأسلحة المطلوبة من هذا المکان، وبالطبع يحق للکیان الصهیوني إستخدام هذه الأسلحة في حالة الأزمات.
وإدعی سفیر أوکرانیا لدی الکیان الصهیوني یوهان کورنیتشیوک أن أوکرانیا ستنقل رسمیاً تقنیات إسرائیلیة مع نظام إنذار ذکي إلی أوکرانیا لصد الهجمات الصاروخیة والطائرات المسيّرة الروسیة. هذه التقنیات ستقدم رسمیاً من جانب إسرائیل و أنا أتصور أننا سنتلقی فی فترة معینة هذه التکنولوجیا بالکامل. کما أکد وزیر الدفاع الأوکراني في أحدث مواقفه، المعلومات المنشورة بشأن وعد الکیان الصهیوني لنقل تکنولوجیا الإنذار الصاروخي إلی کییف.
ویری الناطق بإسم القوات المسلحة الأوکرانیة یوري إیغنات أنه إذا حصلت أوکرانیا بالفعل علی الأسلحة الإسرائیلیة، فهو سیکون نبأ جیدجداً للقوات المسلحة الأوکرانیة . کذلك إذا حصلت الدول الأعضاء فی الحلف الأطلسي علی التصاریح اللازمة ويصبح من حقها تسلیم الأسلحة والمعدات المنتجة فی هذا البلد إلی أوکرانیا، فسیکون نبأ جیدجداً بالنسبة لنا. تنتج إسرائیل أنواعاً مختلفة من المنتجات العسکریة و یعلم الجمیع جیداً أن إسرائیل هي رائدة في السوق العالمي للأسلحة وتنویع الأسلحة بالتقنیات العالیة. لن أعلق أکثر بکثیر بشأن النبأ المنشور لأن “هناک دائرة معینة فقط من الناس یعرفون الموضوعات التی یمکن مناقشتها”.
وأعلن سفیر إسرائیل لدی أوکرانیا میخائیل برودسکي “تم إبرام إتفاقیات أمنیة بین إسرائیل وروسیا وهي تخلق قیوداً لتقدیم المساعدات من القدس إلی أوکرانیا. لایمکن تجاهل القیود التي تم إنشاؤها. فمعظم الدول التي تقدم الأسلحة الهجومیة إلی أوکرانیا هي الدول الأعضاء في الناتو، لکن إسرائیل لیست عضواً في هذا الحلف. اسرائیل تعتبر دولة صغیرة نسبیاً في الشرق الأوسط وهي تواجه مشاکل کبیرة في المجالات الأمنیة. ونحن نستخدم معداتنا العسکریة یومیاً تقریباً. نحن في الشرق الأوسط، الذي یعتبر احدی المناطق غیر المستقرة في العالم ودائماً علی بعد خطوة واحدة من الحرب القادمة. وفي هذه الظروف، یبدي الکیان الصهیوني الحذر التام ویفکر بـسلامة مواطنیه وأمن قواته العسکریة قبل أي شيء، لذلک لدی الکیان الصهیوني خطوط حمراء واضحة والتي تعرفها کییف جيداً.
وصرح رئیس الوزراء الإسرائیلي بنیامین نتنیاهو، الذي دعم حتی الآن مواقف روسیا وتجنبت إسرائیل التندید بضم شبه جزیرة القرم في عام 2014، خلال الأیام الأخیرة قائلاً: “سأدرس بشکل دقیق إمکانیة إرسال السلاح إلی أوکرانیا و سأفعل ذلک بما یتماشی مع مصالح إسرائیل. وهو ماكانت ترفضه الحکومة الإسرائیلیة السابقة. سأدرس هذا الموضوع و سأرد بشکل مناسب. الحکومة ستتدارس هذا الأمر من منطلق مصالح إسرائیل”.
وهددت روسیا بأن أي شحنة تحتوي علی أسلحة لأوکرانیا، ستصبح هدفاً مشروعاً لروسیا و ستتلقی رداً عسکریاً انتقامیاً من جانب موسکو.
وأعلن نتنیاهو مؤخراً أنه مستعد للقيام بدور الوسیط في المفاوضات بین أوکرانیا وروسیا إذا عرضته مرة أخری أوکرانیا وروسیا والولایات المتحدة. وفي مستهل الهجوم الروسي على أوکرانیا، طلب منه بشکل غیر رسمي أن یقوم بدور الوسیط، لکنه رفض قبول العرض فی ذلک الوقت، لأنه کان آنذاک زعیم المعارضین ولیس رئیس الوزراء. و هو الآن مستعد لدراسة القیام بدور الوسیط في المفاوضات لکن لهذا الغرض یجب أن يتوافر “الوقت والظرف المناسب”.
یوجد داخل الکیان الصهیوني الکثیر من السیاسیین الذین جذبتهم روسیا بالطرق المختلفة، ولایتوقع أن یغیر نتنیاهو وجهات نظره فجأة وینتقد بوتین. أي تغییر في مواقف الکیان الصهیوني یرتبط بالضغط الذي تمارسه الولایات المتحدة علی حلیفها. لکن یمکن للکیان الصهیوني مساعدة أوکرانيا لیس فقط من خلال الأسلحة ولکن أیضاً من خلال معدات البنية التحتیة للطاقة و إمدادات میاه الشرب والمنتجات الغذائیة و ماشابه ذلک.
والکیان الصهیوني محتاط جداً بالنسبة للهجوم الروسي علی أوکرانیا. ورغم طلب الولایات المتحدة، فقد إمتنع الکیان الصهیوني عن الموافقة علی قرار مجلس الأمن الدولي الذي یدین الهجوم الروسي. لم یتم تسلیم منظومة الدفاع الجوي للکیان الصهیوني إلی زیلینسکي، وحتی طلب أوکرانیا للحصول علی خوذات، وسترات واقیة من الرصاص رفض من جانب الکیان الصهیوني. وکانت أوکرانیا قد وعدت بأنها ستوزعها بین المدنیین فقط. منذ بدء الحرب الروسیة الأوکرانیة حتی الآن لم یلتق أي مسؤول صهیوني رفیع المستوی مع الرئیس الأوکراني زیلينسکي.
0 تعليق