المجلس الإستراتيجي أونلاين: أكد رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في وصف أبعاد شخصية الشهيد سليماني: "في كلمة واحدة، كان الشهيد قاسم سليماني جامعاً للأضداد. كان دبلوماسياً وجندياً، وكان إعلامياً وثقافياً واقتصادياً في آن معاً".
قال الدكتور سيدكمال خرازي، اليوم، في مؤتمر “مدرسة الشهيد سليماني والنظام العالمي الجديد”، إن الفريق سليماني كان رجلاً ذا روح معنوية عالية في ساحة المعركة ولم يكن يخشى المخاطر، قائلاً: “رغم ذلك كان يقلق عندما يرى ظلماً بحق أحد؛ لأنه كان من أتباع علي (عليه السلام) الذي لم يكن له مثيل في ساحة المعركة، ولكن لما رأى أن امرأة غير مسلمة قد تعرضت للظلم ونزعت أقراطها من أذنيها، شعر بألم وحزن شديدين”.
وفي معرض سرده لإحدى الذكريات حول الشهيد سليماني، قال: “في الحرب الأهلية الأفغانية بين الجبهة الشمالية وطالبان، دعمنا الجبهة الشمالية وأصر أحمد شاه مسعود على أن تساعد إيران في تحرير هرات من خلال إرسال قوات. في اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي، دار نقاش حاد حول ما إذا كان من مصلحة البلاد أن ندخل أراضي أفغانستان أم لا، وكان الشهيد سليماني أحد المدافعين بقوة عن دخولنا أفغانستان. بصفتي وزيراً للخارجية، كنت ضد هذا الاقتراح. في منتصف هذا النقاش، أتى السيد حجازي برسالة من سماحة القائد مفادها أنه “حتى لو قمتم بتحرير هرات، فقد لا يتمكنون من الاحتفاظ بها ولا يمكنني القبول بأن تراق دماء شباب إيران في هذا الطريق”. فور تلقي هذه الرسالة، قبلها الشهيد سليماني دون نقاش. طبعاً، كان قد أكد سماحة القائد في نفس الوقت على ضرورة دعم أحمد شاه مسعود ليتمكن من تحرير هرات”.
وتطرق الدكتور خرازي إلى إحدى الذكريات الأخرى حول الشهيد سليماني لتبيين شخصيته أكثر، قائلاً: “عندما كنت وزيراً للخارجية، كان الشهيد سليماني قائد الميدان وأنا قائد الدبلوماسية. بطبيعة الحال، إذا لم يكن هناك تواصل وتنسيق وثيق بين قائدين، فستنشب خلافات بينهم. قلت لسماحة القائد إنه يجب أن يكون هناك تنسيق دائم بيني وبين الشهيد سليماني حتى يتمكن هو من العمل في الميدان وأتمكن أنا من الدفاع عن خطواته دبلوماسياً. فأبلغه سماحة القائد أنه “يجب تنسيق قضايا الميدان مع الفلاني”. منذ ذلك الحين، كان يجتمع معي كل أسبوع ونقوم بتنسيق القضايا”.
وقال رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية: “إن الشهيد سليماني كان إذا وعد، أوفى بوعده. عادة ما يقدم بعض المسؤولين العديد من الوعود التي لا يتم الوفاء بها بالضرورة وهذا بالطبع خطأ؛ لأنه يجب على الشخص أن لا يقدم وعداً إلا عندما يكون متأكداً من قدرته على القيام بذلك في وقته المحدد. قطع الشهيد سليماني وعداً واحداً فقط وهو أنه لن يكون هناك أي أثر لحكم داعش على الأرض خلال ثلاثة أشهر وقد وفى بهذا الوعد في وقته المحدد”.
وشدد على أن “الشهيد سليماني كان جامعاً للأضداد. كان دبلوماسياً وجندياً في نفس الوقت “، مضيفاً: “لقد لعب دوراً كبيراً في المشهد الدبلوماسي. لم يكن أي شخص آخر على تواصل بمسؤولين من دول مختلفة مثلما هو كان. هو الذي أقنع بوتين بدعم الجيش السوري ضد الجماعات الإرهابية بدخوله سوريا وتوفير غطاء جوي. في سوريا ولبنان والعراق، كان على اتصال دائم بكبار المسؤولين في هذه البلدان. ما فعله في قضية استفتاء إقليم كردستان كان عملاً عظيماً جداً، فقد استطاع وقف هذا الاستفتاء ومنع انفصال الإقليم بإجراءاته في الوقت المناسب”.
ولفت الدكتور خرازي إلى إخلاص الشهيد سليماني، مؤكداً: “من علامات هذا الإخلاص أنه كان بعيد عن أي طموح، فحتى لو كان يتم ترشيح الشهيد سليماني للرئاسة خلال حياته، لكان يُنتخب بالتأكيد؛ لأن الناس كانوا يؤمنون به. لكنه كان يعتبر نفسه مجرد مقاتل عليه الدفاع عن البلاد في ساحة المعركة ولم يبحث عن الشهرة والمجد”.
وأضاف الدكتور خرازي: “نرى تشابهاً كبيراً بين شخصية الشهيد سليماني وشخصية سيد المقاومة، السيد حسن نصر الله”.
واختتم رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قائلاً: “الشهيد سليماني قام بواجبه ورحل من بيننا. بادئ ذي بدء، يجب أن نعرف هذا الشهيد العظيم بشكل صحيح، يجب أن نعرف ماذا كان وماذا فعل ولماذا أصبح قدوة. يجب أن نسير على دربه ونثقّف الشباب بطريقة تجعلهم شخصيات كبيرة لبلدهم مثله”.
0 تعليق