المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أكد خبير في الشأن الأوروبي على أن قرار البرلمان الأوروبي دراسة عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي امتداد للسياسات والمواقف والخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية مؤخراً على خلفية الهجوم الروسي على أوكرانيا.
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال مرتضى مكي: “يمكن اعتبار هذا القرار حلقة أخرى من سلسلة إجراءات تبنتها الدول الأوروبية حتى الآن لدعم الحكومة الأوكرانية والتضييق على روسيا”.
وإذ رأى أن قرار البرلمان الأوروبي يغلب عليه الطابع السياسي، أضاف: “تعتمد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مجموعة من المعايير السياسية والاقتصادية والحقيقة لقبول أعضاء جدد ويتعين على كل دولة تتقدم بطلب العضوية أن تحقق شروط الاتحاد”.
وأوضح مكي أن أوكرانيا والاتحاد الأوروبي كانا قد أبرما في وقت سابق اتفاقية تعاون واسع النطاق تشمل مختلف المجالات خاصة بعد ضم روسيا القرم إلى أراضيها. ووفقاً للخبير، جعلت تلك الاتفاقيات أوكرانيا في صف أبرز شركاء الاتحاد الأوروبي؛ فضلاً عن ذلك، قد تضاعف حجم التجارة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي أربع مرات خلال السنوات السبع الماضية، وقد تراجع حجم التبادل التجاري بين أوكرانيا وروسيا بنفس النسبة.
وبيّن الخبير في الشأن الأوروبي أن أوكرانيا توجهت بعد ضم روسيا القرم نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي دون أن تكون مؤهلة لدخول الاتحاد وفق شروطه، مؤكداً: “في غضون أسبوع، أي بعد بدء روسيا هجومها العسكري على أوكرانيا، قام الاتحاد الأوروبي بخطوات غير مسبوقة ضد موسكو ولدعم كييف ومن شأن هذه الخطوات أن تسرع وتيرة عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي”.
وتابع: “والسبب في ذلك هو أن قرارات بروكسل في مواجهة الأزمة الأوكرانية، هي قرارات سياسية تقوم على أساس مبدأ رفض أي تغيير في الواقع الجيوسياسي للمنطقة”.
وأشار الخبير إلى أن أحد أهم شروط الاتحاد الأوروبي لقبول عضوية الدول هو أن تسوي الدولة المقدمة لطلب العضوية أي خلافات حدودية وأرضية مع جيرانها، قائلاً: “الدولة الوحيدة التي نالت عضوية الإتحاد الأوروبي دون تحقيق هذا الشرط هي قبرص؛ حيث أن أزمة انقسام جزيرة قبرص لا تزال عصية على الحل بعد مضي حوالي نصف قرن. في حالة قبرص، قبل الاتحاد الأوروبي بعضوية هذا البلد كردة فعل على سياسات تركيا. وبالنظر إلى أن تركيا نفسها كانت قد تقدمت بطلب لعضوية في الاتحاد الأوروبي لم تبد مقاومة أمام عضوية قبرص، تفادياً لظهور مشاكل إضافية أمام طريقها نحو العضوية فيه”.
ورأى مكي أن قضية أوكرانيا أكبر بكثير وتداعيات أزمتها بالنسبة للإتحاد الأوروبي أكثر بشكل كبير، وقد خلقت هذه الأزمة تماسكاً غير مسبوق داخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة روسيا.
وأضاف: “لذلك ليس من المستبعد أن يوافق جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي على عضوية أوكرانيا في الاتحاد دعماً لها وتوظيفاً لكافة طاقات الاتحاد لمواجهة روسيا”.
وفي ما يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها روسيا في وقت سابق بهدف الحؤول دون انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، قال الخبير في الشأن الأوروبي: “في الحقيقة، كانت روسيا تأمل في أن يتسبب ضم القرم لأراضيها ودعمها لاستقلال المناطق الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا – باعتبارهما خلافات أرضية وحدودية – في تأجيل الاتحاد الأوروبي عضوية أوكرانيا حتى تجد الأخيرة تسوية لخلافاتها الأرضية والحدودية”.
وأكد: “غير أن قرار البرلمان الأوروبي يمثل تحدياً لكافة حسابات روسيا في شن الهجوم على أوكرانيا. بمعنى أنه لم ينشب خلاف بين أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية دعم أوكرانيا، بل حققت الدول الأوروبية تماسكاً غير مسبوق في مواجهة موسكو”.
وقال مكي إن لعضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي إجراءات محددة يجب أن تُتخذ، مضيفاً: “رغم ذلك، فإن قرار البرلمان الأوروبي غير مسبوق تماماً في ما يتعلق بقبول عضو جديد؛ لذلك ليس من المستبعد أن تسلك أوكرانيا مساراً مختلفاً عن باقي الدول للعضوية في الاتحاد الأوروبي”.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت عضوية أوكرانيا للاتحاد الأوروبي ستُحدث تغييراً في معادلات الحرب الروسية على أوكرانيا أم لا، أوضح: “الاتحاد الأوروبي ليس مثل حلف الناتو حتى يوحّد أعضاءه في مواجهة الأزمات الأمنية. بل هو اتحاد سياسي اقتصادي؛ لذلك فإن ما يغضب روسيا أكثر هو انضمام أوكرانيا للناتو باعتباره حلف أمن جماعي؛ لأن من شأن ذلك أن يوسع الناتو إلى الحدود الروسية فعلاً وأن يمثل تهديداً لسياسات روسيا الأمنية ومجال نفوذها”.
وأكد على ضرورة التنبه إلى أن مسار إدخال أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي هو في الحقيقة طريق نحو إبعادها عن من مجال النفوذ الروسي. ووفقاً لمكي، إن إحدى أدوات روسيا في التعامل مع أوكرانيا هي اعتماد الاقتصاد الأوكراني على روسيا. في نفس الوقت، كانت روسيا كذلك تعمد على أوكرانيا نظراً لعبور خطوط نقل غازها عبر الأراضي الأوكرانية. رغم ذلك، قد واجه هذا الاعتماد المتبادل تحديات من جراء عدة أزمات حتى وصل الأمر في نهاية المطاف إلى ضم روسيا القرم لأراضيها في عام 2014 وشن هجوم عسكري على أوكرانيا في يوم الخميس 24 فبراير 2022.
وبشأن الأفق المتوقع للنزاع العسكري والأزمة في أوكرانيا، قال الخبير في الشأن الأوروبي: “بالنظر لما جرى خلال أكثر من أسبوع مضى، لن تتراجع أوكرانيا للوراء. كما أنه من المتوقع أن تكون روسيا قد وقعت داخل فخ في أوكرانيا سيورطها في تبعات اقتصادية وسياسية وأمنية واسعة”.
0 تعليق