المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: السفير الإيراني السابق لدى الصين في إشارته إلى أن المجتمع السياسي التايواني لا يبدو مهتماً بالعمل الجذري لتغيير توازن القوى تجاه الصين، قال: مواقف الحزبين الداعمين لاستقلال تايوان تعتبر في الغالب دعاية أو حتى ابتزاز من الصين.
وفي حديثه إلى الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أكد حسين ملائك على ضرورة الانتباه إلى التاريخ لفهم دينامية المنطقة، مشيراً إلى تصاعد الضغط الغربي على الصين بشأن تايوان وزيارة وفد من الكونجرس الأمريكي بطائرة عسكرية إلى تايبيه وقال: تعتقد الصين أنها توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة يسمى “الصين الموحدة” ووسعت هذا التفاهم ليشمل العالم. وعليه، يجب على المجتمع الدولي أن يقبل أن هناك صيناً واحدة فقط، وأنه لا يوجد كيان سياسي يسمى “جمهورية الصين” وأن اسمها الشرعي هو “تايوان” فقط. وطالما أن “تايوان” لا تخطو خطوة نحو الاستقلال أو تزيد من قدرتها العسكرية، فإن الصين ستتقبل ذلك، وإلا ستضطر إلى القيام بعمل عسكري.
وتابع: “هذه الدينامية تسود هذه المنطقة منذ عام 1979. تستخدم الولايات المتحدة هذه الظروف وحساسية الصين لاستقلال تايوان وتعزيزها العسكري كأداة للضغط على الصين و”تصحيح” سلوكها. منذ عام 2010، اتبعت الولايات المتحدة سياسة التوجه نحو آسيا (Pivot to Asia)، جنباً إلى جنب مع سياسة تشجيع جيران الصين ضد هذا البلد وتوسيع وجودها العسكري الرسمي في بحر الصين الجنوبي، وفي النهاية تشكيل تحالف عسكري مع أستراليا وبريطانيا أو تحالف “كواد” لاحتواء الصين، مستخدماً تايوان كقوة للضغط.
قال الخبير في الشأن الصيني: منذ عام 1979، قامت الولايات المتحدة من خلال تقاسم المهام مع أوروبا، ببذل الجهود لتنمية تايوان الاقتصادية وتعزيز قدراتها العسكرية بمسار مستمر ووتيرة متدرجة نحو النمو. بلغت الصادرات الأمريكية إلى تايوان في عام 2020 ما قيمته 30.2 مليار دولار، بزيادة قدرها 16٪ عن عام 2010 وتعادل 2.1٪ من إجمالي الصادرات الأمريكية؛ من ناحية أخرى، تمثل تايوان 2.6٪ من واردات الولايات المتحدة، أو 44.7 مليار دولار.
وقال بغض النظر عن هذه العلاقات، تتمتع تايوان أيضاً بعلاقة مثيرة للإلتفات مع الصين. لقد لعب ذوي رؤوس الأموال التايوانيون والصينيون الذين يعيشون في الخارج، بسبب ثورة ماو، دوراً إيجابياً بشكل مفاجئ في برنامج تنمية الصين الاقتصادية. إحدى المناطق الحرة الخمس المعلنة في البداية، والتي تسمى “جوخي”، كانت تقع مباشرة أمام جزيرة تايوان في مقاطعة فوجيان، وكان دور التايوانيين في تنمية هذه المنطقة مهماً للغاية.
وقال: إن تايوان منذ بداية برنامج الانفتاح الصيني حتى عام 2020، لديها 44056 استثماراً معتمداً بما يعادل 188.5 مليار دولار في الصين، وبلغ التبادل التجاري بين الجانبين 149.2 مليار دولار في عام 2020”. ولابد من الانتباه إلى أن الاستثمار الأمريكي في الصين هذا العام بلغ 124 مليار دولار. تعد الصين أكبر شريك تجاري لتايوان بنسبة 26.3٪ من تجارتها في نفس العام، وزار تايوان 2.68 مليون صيني خلال ذلك العام.
وحول آفاق العلاقات الصينية التايوانية، قال: انطلاقا من الدينامية التي نراها بين الجانبين، والخلفية التاريخية للسلوك الصيني، وتوازن القوى في المنطقة، والأهم من الكل، القواعد التي تحكم العلاقات الأمريكية الصينية، يمكن التنبؤ بعدة توقعات: أولاً، الولايات المتحدة تحافظ على علاقتها المعتادة والآخذة بالنمو مع “تايوان”، بما في ذلك التعزيز الرسمي وغير الرسمي للقواعد العسكرية، وتحتج الصين باستمرار ضد هذه العلاقة محاولةً عدم الاعتراف بـ “أي خط أحمر” حيال تايوان، والقيام بانتهاكها بين حين وآخر. في الوقت نفسه، تحاول تحذير الولايات المتحدة من الإعلان عن علاقتها مع تايوان والاعتراف بها. إن تحذيرات الصين للولايات المتحدة وأوروبا بسبب التعاون مع تايوان لها طابع سياسي حفاظاً على المواقف.
وأضاف الدبلوماسي الإيراني السابق في الصين: تحاول الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وأحياناً فرنسا من جهة والصين من جهة أخرى منع الطرف الآخر من إرساء حقه وسوابقه وقانونه ومعاييره الخاصة في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي. يعتبر هذا الوضع تصعيدياً ويبدو أحياناً خطيراً جداً، لكن من غير المرجح أن يؤدي إلى صراع حاسم يتسبب في تراجع أحد الطرفين وانتصار الطرف الآخر.
وأكد ملائك لا توجد معلومات تفيد بأن الصين فرضت عقوبات على تايوان بسبب التعاون مع أوروبا وأمريكا كما هي الحال بالنسبة لهونج كونج وشينجيانغ. لا يوجد دليل على أن الولايات المتحدة مهتمة بتغيير التوازن الحالي على جانبي المضيق (العلاقة الحالية بين الصين وتايوان). إن الزيادة الحالية في التعاون العسكري الأمريكي مع تايوان هي في الواقع رد الولايات المتحدة على التوسع الكمي والنوعي للجيش الصيني.
وأفاد المحلل لشؤون الصين بأن هناك أربعة أحزاب سياسية رئيسية في تايوان، معظمها يتبنى المنهج القائل بالحفاظ على الوضع الراهن للتعاون مع الصين ومتابعة مسار الاتحاد، وأضاف: لكن في الحزب الحاكم، الحزب الديمقراطي التقدمي DPP، هناك تيار يرغب بإجراء استفتاء عام حول استقلال تايوان. عارضت الصين بشدة الدخول في مثل هذه العملية، حتى لو كان ذلك استعراضاً، لأنه ربما يؤدي إلى تسجيل حالة سياسية سيئة.
وأكد قائلاً: إن المجتمع السياسي في تايوان ككل لا يبدو مهتماً باتخاذ إجراءات جذرية لتغيير توازن القوى، لذلك على الأقل في المدى المتوسط يمكن الافتراض أن مواقف الحزبين الداعمين لاستقلال تايوان هي أكثر ما تكون دعاية أو حتى محاولة لابتزاز الصين.
0 تعليق