المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: في إشارة إلى نقل القوات العسكرية ومشاة البحرية الأمريكية من المحافظات الشمالية والغربية للعراق إلى محافظة الحسكة السورية، قال خبير في شؤون الشرق الأوسط إن هذه الإجراءات تشير إلى وجود سيناريو جديد لخلق الأزمات في المناطق الكردية في سوريا.
في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال “حسن هاني زاده”: “حتى الآن، عبرت معظم المعدات العسكرية الأمريكية معبر الوليد في العراق نحو شرق الفرات ثم إلى منطقة الحسكة الكردية في سوريا. “وبحسب الخبير، فإن نقل القوات الأمريكية الذي تمّ من منطقة القائم ومعبر الوليد وقاعدة عين الأسد في العراق إلى شرقي سوريا، كان بسبب احتمال تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي الذي أتخذ العام الماضي و كذلك زيادة تعرض القوات الأمريكية للمخاطر في شمال وغرب العراق.
وأكد: “تظهر نتائج التقارير أن وجود القوات الأمريكية في المنطقة الكردية التي تسمى الجزيرة في شرق سوريا، يندرج في سياق تعزيز حزب سوريا الديمقراطي وتفكيك جزء من شرق هذه البلاد”.
و مشيراً إلى أن منطقة الجزيرة السورية تضم ثلاث محافظات هي دير الزور والقامشلي والحسكة، تابع هاني زاده: “محافظتا القامشلي والحسكة بسبب العدد الكبير من الأكراد السوريين؛ ومحافظة دير الزور بسبب آبارها النفطية، تحظيان باهتمام كبير من أمريكا”.
و مشيراً إلى أنه يتعين على البرلمان العراقي تنفيذ قرار البرلمان السابق بطرد القوات الأمريكية من العراق في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت ضغط التيارات السياسية والفصائل الشيعية، أوضح الخبير: “ومن الطبيعي أنه في حال وقوف القوات الأمريكية ضد إرادة الشعب العراقي وتنفيذ قرار مجلس النواب السابق، ستكون هناك مواجهة خطيرة بين القوات الشعبية والجيش الأمريكي في شمال وغرب العراق، وكذلك في الفرات الأوسط.”
أكد هاني زاده: “لذلك، يعتبر هذا النقل إجراء احترازياً حتى تتمكن أمريكا من منع تعرض قواتها للخطر في أجزاء مختلفة من العراق.”
وأضاف الخبير أن هناك قضية أخرى تتمثل في اقتراب وجهة نظر قوات حزب سوريا الديموقراطي “قسد” من أمريكا، و تابع: “كانت القوات قد نُقلت مؤخراً من منطقة إدلب شمال غربي سوريا إلى منطقة الحسكة الكردية تحت إشراف مشاة البحرية الأمريكية شرق الفرات. يقال إن السيناريو المقبل هو أن قوات حزب سوريا الديموقراطي توصلت إلى اتفاق مع أمريكا لتمهيد الطريق لحضور الكيان الصهيوني شرقي الفرات مقابل تشكيل منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي في القامشلي والحسكة.”
و أكد: “إن تشكيل هذه المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي سيمهد الطريق لتشكيل محتمل لكردستان كبيرة في شمال العراق وشرق سوريا، وهذا يمكن أن يوسع تدريجياً وعلى المدى الطويل دائرة نفوذ الكيان الصهيوني في إقليم كردستان وشرق دجلة.”
ومؤكداً على أن الحكومة السورية أصبحت حساسة للغاية تجاه التحركات الأمريكية في الجزيرة والقامشلي والحسكة، قال: “إذا تم تنفيذ هذا السيناريو، فإنه سيمهد الطريق بالتأكيد لفصل المناطق الشرقية من سوريا عن هيكلة الدولة المركزية تدريجياً.”
صمت الأمم المتحدة تجاه خطة أمريكا لتقليص حجم دول الشرق الأوسط
كذلك علق الخبير في شؤون الشرق الأوسط على ردود الفعل تجاه خطوة أمريكا هذه قائلاً: “للأسف، فإن الأمم المتحدة والجامعة العربية والمنظمات الدولية التزمت الصمت حيال المؤامرة الأمريكية الصهيونية المشتركة لتجزئة سوريا، وهذا يظهر أن خطة أمريكا لتقليص حجم دول الشرق الأوسط لقد بدأت فعلاً.”
ومشيراً إلى أن القوات التركية تواصل احتلالها لجزء كبير من أراضي محافظة إدلب شمال غربي سوريا لمنع إقامة علاقات بين أكراد سوريا وأكراد تركيا، أضاف: “أصبحت تركيا أيضاً حساسة تجاه التحركات العسكرية الأمريكية في المناطق الشرقية لنهر الفرات السوري، لأن أي تغيير في الجغرافيا السياسية في المنطقة من شأنه أن يعزز الوجود الكردي السوري سيعتبر تهديداً محتملاً للبنية الاجتماعية والسياسية لتركيا.”
ورداً على هذا السؤال حول ما إذا كانت جهات فاعلة مثل روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية ستسمح لأمريكا بالتصرف بحرية في تغيير الخريطة الجغرافية والبنية السياسية والديموغرافية لسوريا، قال هاني زاده: “بطبيعة الحال، فإن أي تغيير في الجغرافيا السياسية للمنطقة، سواء في سوريا أو في جنوب القوقاز، سيقابل بردود فعل من دول مثل إيران وروسيا وربما الصين؛ لأن خطة تقليص حجم دول المنطقة ستعني هيمنة بسيطة وسهلة لأمريكا على جزء من شرق آسيا وغربها. وفقاً للخطة، تحاول أمريكا من خلال تفكيك دول المنطقة، تسليم إدارة الدول المنشأة حديثاً إلى بعض حلفائها في المنطقة. تم وضع خطة تحت عنوان الشرق الأوسط الكبير، على جدول أعمال أمريكا خلال فترة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب، لكن فريق جو بايدن الآن يعيد النظر في الخطة بسبب ارتفاع تكاليف الوجود العسكري الأمريكي في غرب آسيا.”
وأخيراً قال الخبير عن نتائج تنفيذ مثل هذه الخطة: “إذا دخلت هذه الخطة حيز التنفيذ، سيزداد دور الكيان الصهيوني في التواجد المعلن في المنطقة؛ خاصة وأن الكيان الصهيوني له وجود قوي في المناطق الكردية في العراق وأذربيجان والبحرين والإمارات حالياً، ليقوم بدور الوكيل في المنطقة في الوقت المناسب.”
0 تعليق