تولی میقاتي تشکیل الحکومة بعد فشل مصطفی الأدیب و سعد الحریري في تشکیل الحکومة قبله خلال سنة مضت.

ولد میقاتي عام 1955 في طرابلس، و هو رجل أعمال و سیاسي لبناني مخضرم شغل مرتین من قبل منصب رئیس وزراء لبنان، الأولی في عام 2005 و الثانیة في عام 2011.

یعتبر میقاتي من الشخصیات المهمة والبارزة سیاسیاً وحلیفاً لتيار المستقبل ولعائلة الحریري في لبنان . یشید دوماً بالمقاومة اللبنانیة ضد الکیان الصهیوني لکنه ینتقد وجهات نظر حزب اللـه تجاه سوریا.

مواقف الأحزاب والتیارات السیاسیة والدول الأجنبیة

تصویت البرلمان هو من الشروط المهمة لتشکیل الحکومة في لبنان. ویتألف مجلس النواب اللبناني من 128 عضواً وقد تم تقلیص عددهم الآن إلی 118 نائباً بعد وفاة نائبین وإستقالة 8 نواب. ومن بین النواب الـ 118 ، إستطاع نجیب میقاتي أن یحصل علی موافقة 72 نائباً (ما یعادل 61 بالمئة) لـتشکیل الحکومة ویعتبر هذا رقم جید لـتشکیل الحکومة.

کتلة “المستقبل” تحت قیادة الحریري بـ 17 نائبا، وهو أهم حزب سني في لبنان و کتلة “التنمیة والتحریر” برئاسة نبیه بري بـ 17 نائباً و 4 نواب مستقلین (إن وجهات نظر نبیه بري الذي یرأس البرلمان اللبناني و یحظی بـدعم حزب اللـه، تعتبر نوعاً ما من مواقف الشیعة اللبنانیة) و کتلة “الوفاء للمقاومة” التابعة لـحزب اللـه بـ 12 نائباً و کتلة “التقدمي الإشتراکي” بـرئاسة ولید جنبلاط بـ 7 نواب و کتلة “التکتل الوطني” التابعة لـتیار المردة بـرئاسة سلیمان فرنجیه بـ 5 نواب و کتلة “القومیة الإجتماعیة” بـ 3 نواب و کتلة “الوسط المستقبل” بـنائبین و کتلة “اللقاء التشاوري” بـنائبین مؤیدین من أصل 4 نواب، هی التیارات التي وافقت و رحبت بـتشکیل الحکومة بـرئاسة نجیب میقاتي.

کتلة “الجمهوریة القویة” التابعة لحزب “القوات اللبنانیة” بـزعامة سمیر جعجع بـ 14 نائباً و کتلة “لبنان قوي” التابعة لـتیار الوطني الحر بـرئاسة جبران باسیل بـ 17 نائباً و کتلة “النواب الأرمن” بـ 3 نواب و کتلة “ضمانة الجبل” بـ 4 نواب و 3 نواب مستقلیین و نائبین من کتلة “اللقاء التشاوري” هي من الکتل التي صوتت ضد تشکیل الحکومة برئاسة میقاتي.

ورفض جبران باسیل الذی یقود الجانب المسیحي لـتیار المقاومة و یعتبر أحد الأطراف الثلاثة لـتحالف 8 آذار، التصویت لـصالحه بـذریعة أنه لایری فرقاً بین میقاتي والحریري لکن رغم ذلک من الممکن أن یغیر رأیه بعد التشاور، لأن تعیین میقاتي لـتشکیل الحکومة تم من جانب الرئیس الماروني والزعیم السابق لـتیار الوطني الحر میشال عون والذي یرأسه الآن جبران باسیل.

وبشأن مواقف و وجهات نظر الدول الأجنبیة أیضاً، فقد لوحظ حتی الآن إنها موافقة ضمنية تجاه مهمة میقاتي لتشکیل الحکومة. و بمعنی آخر، یتمتع نجیب میقاتي خلافاً سعد الحریري بقدر کبیر من الدعم الإقلیمي والدولي. علی الصعید الدولي أعلنت امریکا وفرنسا والإتحاد الأوروبي في تصریحات دعمهم المشروط لـمیقاتي. و علی صعید العربي، أعربت مصر والأردن عن دعمهما لـمیقاتي فی مواقف مماثلة و لم تعارض قطر والإمارات میقاتي أیضاً. السعودیة أیضاً التي عارضت حتی الآن تشکیل أي حکومة بـحضور حزب اللـه أو مدعوماً من جانبه، لم تتخذ موقفاً محدداً بل إتخذت موقفاً محایداً.

الآفاق

وتوجد هناک العدید من الطروحات التي تظهر أن میقاتي سینجح في نهایة المطاف في تشکیل الحکومة علی رغم من صعوبة الطریق أمامه. فالإجماع الداخلي (الدعم الهائل للأحزاب والتحالفات والتیارات السیاسیة) و عدم معارضة الدول الأجنبية التي تم ذكرها أعلاه، یعتبران اقتراحان فعالان في هذا المجال. علاوة علی ذلک، علی صعید المجتمع اللبناني لم یواجه میقاتي رد فعل حاداً من جانب الشعب والرأي العام اللبناني باستثناء ردود الفعل المحدودة علی مواقع التواصل الإجتماعي.

علاوة علی ذلک، فإن میقاتي علی عکس الحریري، سیاسي واقعي ویمکن رؤیته لیس فقط في ترتیب أعضاء مجلس الوزراء الذي یتشکل من جمیع التیارات الداخلیة و عدم وجود خلافات جذریة مع الرئیس، بل في جدول أعماله ایضاً الذي رکز فیه علی نقاط الأزمة في لبنان. ولقد حدد حل الأزمة الإقتصادیة وتوفیر الوقود وتشغیل محطات الکهرباء و دعم الطبقات الضعیفة و تثبيت سعر العملة الوطنیة من أولویات قصوی لحکومته.

من المزایا المهمة لـمیقاتي هو أنه یفضل القضایا الوطنیة والسیاسیة علی علاقاته الشخصیة التي یتمیز بها الحریري. ولقائه والحوار مع جبران باسیل فور عودته من الیونان فیما رفض الحریري الحوار واللقاء مع باسیل، هو مثال واضح في هذا المجال.

ورغم الفرص المذکورة واجه میقاتي بعض التحدیات في تشکیل الحکومة. ومحاصصة الأحزاب والتیارات السیاسیة خاصة الأحزاب المشارکة في 14 آذار والتي سعت دائماً لکسب المزید من الحصص في الحکومة والأزمة الإقتصادیة المتزایدة والعقوبات الأجنبیة وکذلک الحکومة الموقتة التي یشکلها میقاتي لأن الإنتخابات البرلمانیة ستجري في العام المقبل وبالطبع هناک شکوک حول الدعم الأجنبي، تعتبر من التحدیات الأربعة لمیقاتي في هذا المجال.

وفی النهایة ما یجب التأکید علیه ثانية هو أن میقاتي لایزال أمامه طریق صعب لتشکیل الحکومة و لایزال یواجه عقبات مختلفة في هذا المجال، منشأها في الأساس داخلي و تعود إلی النسيج السكاني والطائفي والسیاسي الخاص في البلد والذي کان دائماً النواة الأساسیة لعدم الإستقرار فيه.