المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في القضايا الإقليمية: "رغم أن معظم التيارات والسياسيين وحتى الناس العاديين في العراق يريدون انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من بلادهم، إلا أن هناك في بعض الأحيان اختلافات في الرأي بشأن موعد هذا الانسحاب. من ناحية، فإن محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، جاد جداً في المطالبة بانسحاب القوات الأمريكية من العراق؛ لكنه يريد تحقيق هذا الهدف من خلال التفاوض والاتفاق السياسي. من ناحية أخرى، تريد فصائل المقاومة العراقية أن يغادر الأمريكيون هذا البلد في أسرع وقت ممكن. كما يتحدث الجانب الأمريكي عن انسحاب عسكري من العراق خلال السنوات الثلاث المقبلة."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال سيامك كاكائي بشأن آفاق الانسحاب الأمريكي من العراق: “في الأشهر الأخيرة، وفي أعقاب عمليات فصائل المقاومة ضد القواعد الأمريكية والضربات الأمريكية الانتقامية ضد بعض مقرات وقواعد فصائل المقاومة في العراق وسوريا، اشتدت النقاشات حول ضرورة انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من العراق. حیث أن بعض الجماعات والتيارات السياسية في العراق قد طلبت من الحكومة إعادة تنظيم الأمر ومتابعة طلب الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق بجدية أكبر.”
وتابع: “في هذا السياق، يقال إن السوداني أثار مناقشات حول انسحاب الأمريكيين من العراق، لكن لم يتم إدراجها حتى الآن على جدول أعمال الحكومة كمسألة جدية. مع ذلك، كان البرلمان العراقي قد صوّت في وقت سابق لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.”
وبحسب كاكائي، بما أن العراق يتمتع بموقع جيوسياسي، وأن الولايات المتحدة قد أنشأت أكبر سفارة لها في هذا البلد، فيمكن التنبؤ بأن مسألة الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق لن تتم بسهولة، ما لم تكن هناك تغييرات جديدة في الاستراتيجية الأمريكية في غرب آسيا.
وإذ صرح بأن الأطراف العراقية تختلف فيما بينها حول موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق، أوضح: “في شمال العراق، أي إقليم كردستان، هناك تأكيد قوي على استمرار الوجود العسكري الأمريكي. في حين أن بعض الأطراف العراقية مثل فصائل المقاومة والشيعة، يتابعون بجدية مسألة الانسحاب الأمريكي. رغم ذلك لم تقدم حكومة بغداد خطة وفكرة جديدة لخروج القوات الأمريكية”.
ورأى كاكائي: “من منظور السياسة الأمريكية في غرب آسيا، فإن قضايا مثل استمرار الوجود العسكري في سوريا والعراق ومنطقة الخليج الفارسي تواجه الغموض، لكن لدى واشنطن شكوك في الوقت نفسه بشأن الانسحاب الكامل من هذه المناطق. على سبيل المثال، عندما قرر دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، تم إلغاء هذا القرار على الفور بسبب توصيات الاستراتيجيين الأمريكيين، ولا تزال القوات الأمريكية موجودة في سوريا.”
وتابع الخبير قائلاً إن مسألة الانسحاب الأمريكي الكامل من العراق أصبحت أكثر خطورة بعد انسحاب الأمريكي العسكري الكامل من أفغانستان.
وبحسب كاكائي، فإن المناقشات والآراء حول الدور الإقليمي للولايات المتحدة واحتمالات انتقال القوة من الولايات المتحدة إلى دول أخرى مثل روسيا أو الصين أو أوروبا، وضعت مسألة وجود القوات الأمريكية في المنطقة في حالة من التأرجح. ولعل هذا هو السبب الذي يجعل الولايات المتحدة لا تتخذ أي قرار جدي بالانسحاب الكامل من العراق في هذا الوضع؛ خاصة وأن هذا العام هو عام الانتخابات في الولايات المتحدة، والتركيز على مثل هذه القضايا قد تكون له تداعيات انتخابية على الديمقراطيين.
وأوضح الخبير في الشؤون العراقية: “هناك أيضاً من يرى أنه بسبب تصاعد الأزمة في غزة والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لجرائم الكيان الإسرائيلي في غزة، فإن مسألة انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة تواجه ضبابية أكبر، وربما قد أدى هذا الوضع إلى أن تكون مناقشة الإدارة والمؤسسات المعنية الأمريكية سحب القوات الأمريكية أكثر تحدياً.”
واختتم كاكائي قائلاً: “بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الاول وسلسلة الأعمال العسكرية التي قام بها الأمريكيون في المنطقة، اشتد احتجاج الرأي العام في المنطقة على الوجود الأمريكي؛ لكن فيما يتعلق بالعراق، فالقضية المهمة هي قرار حكومة هذا البلد بشأن مسألة الانسحاب الأمريكي، حيث يتطلب الأمر مناقشة الموضوع بجدية من قبل مؤسسات صنع القرار في العراق وبت الحكومة في الأمر.”
0 تعليق