المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في القضايا الاستراتيجية: "بعد اندلاع حرب أوكرانيا التي مضى عليها ما يقارب عامين، تكبدت روسيا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، خاصة في أسلحتها التقليدية. ولهذا السبب بذلت جهداً مضاعفاً من أجل توسيع وتطوير قدراتها النووية، خاصة في مجال الأسلحة النووية الاستراتيجية."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار سيدرضا ميرطاهر إلى التحذير الروسي الأخير إلى الولايات المتحدة فيما يتعلق بنشر الأسلحة النووية الأمريكية في بريطانيا، قائلاً: “بالنظر إلى تصاعد التوتر النووي بين القوى العظمى، اتبعت روسيا عدة إجراءات رئيسية؛ منها نشر معدات جديدة مثل الصواريخ الباليستية، ونشر صواريخ كروز فرط صوتية قادرة على حمل رؤوس حربية نووية، وبناء غواصة بدون طاقم بشري باسم بوسيدون قادرة على شن هجمات نووية على جميع أنحاء الأرض من تحت مياه البحر، وكذلك تطوير الذخائر التي تُطلق من القاذفات الاستراتيجية.”
وتابع: “كل هذه الإجراءات التي قامت بها روسيا هي رد فعل على تطوير الولايات المتحدة – باعتبارها المنافس الرئيسي لروسيا – قدراتها النووية؛ خاصة وقد اكتسب هذا التوجه الأمريكي زخماً أكبر منذ رئاسة دونالد ترامب. ”
وذكر ميرطاهر أنه بعد بدء الحرب في أوكرانيا، شهد مسرح توازن القوى في أوروبا تغيرات كثيرة، موضحاً: “إنجازات روسيا العسكرية والإقليمية في أوكرانيا، المتمثل في احتلال وضم مناطق كثيرة من المقاطعات الأربع الشرقية والجنوبية الشرقية لأوكرانيا، جعل الغربيين أي الولايات المتحدة وأوروبا يشعرون بتهديد شديد من هذا الجانب، مما دفعهم إلى اتخاذ إجراءات مختلفة للتعامل مع روسيا.”
وأوضح الخبير في القضايا الإستراتيجية: “أحد الإجراءات، هو إنشاء الجناح الشمالي للناتو بعضوية السويد وفنلندا في الحلف والتي لا تزال عمليتها في طور الإكمال. بالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى أن معاهدة حظر الصواريخ النووية متوسطة المدى قد ألغيت عملياً من قبل روسيا والولايات المتحدة، تحاول واشنطن نشر أسلحة نووية أرضية وجوية في أوروبا.”
وأردف قائلاً: “وكانت الولايات المتحدة قد نشرت في أوقات سابقة قنابل نووية تكتيكية من طراز B61 في خمس دول أعضاء في الناتو، لكن الإجراء الجديد الذي اتخذته بعد أكثر من 13 عاماً هو نشر أسلحة نووية على الأراضي البريطانية مرة أخرى.”
وبحسب ميرطاهر، فإن روسيا ترى في هذا الإجراء خطوة عدائية جديدة ضدها من جانب الولايات المتحدة.
وأكد الخبير: “لا شك أن استمرار الحرب في أوكرانيا وخاصة تراجع أوكرانيا بحيث يؤدي إلى تفوق روسيا السياسي والعسكري الملموس على الساحة الأوروبية، سيدفع الأمريكيين إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات مثل نشر الأسلحة النووية في بريطانيا في سياق الاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة مع روسيا؛ وهذه إجراءات حظيت بالدعم الكامل من حلف الناتو. من ناحية أخرى، تفاعل الروس أيضاً مع هذه القضية واعتبروا نشر الأسلحة النووية الأمريكية على الأراضي البريطانية خطوة نحو زيادة التوتر والمواجهة مع روسيا في القارة الأوروبية.”
وفيما يتعلق بأخطر السيناريوهات المحتملة، قال: “مع استمرار الحرب في أوكرانيا واستمرار المساعدات العسكرية وتدفق الأسلحة الغربية لأوكرانيا، وفي ظل الإبقاء على العقوبات الغربية واسعة النطاق وغير المسبوقة ضد روسيا، فإن هذا الإجراء الأخير من قبل الولايات المتحدة قد اعتبر عملاً عدائياً ضد روسيا من منظور موسكو. لذلك، يبدو أن العالم اليوم أكثر عرضة لخطر الصراعات العسكرية واسعة النطاق، بما في ذلك النووية وإن كان احتمالها ضعيفاً، أكثر من أي وقت آخر في القرن الحادي والعشرين.”
واختتم الخبير في القضايا الاستراتيجية مؤكداً: “علينا ألا ننسى أن التطورات التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، خاصة حرب أوكرانيا في أوروبا وحرب غزة في غرب آسيا، أحدثت تغيرات جوهرية في البيئة الدولية بشكل عام ويبدو أن اتجاهات جديدة قد ظهرت على الساحة الدولية، بحيث نشهد اليوم وبالإضافة إلى حالات مواجهات جديدة، ظهور تهديدات خطيرة على المستوى العالمي والإقليمي والقاري.”
0 تعليق