المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال محلل للشؤون الأوروبية إنه مع عضوية السويد في الناتو، يمكن للولايات المتحدة نشر قاذفاتها بعيدة المدى في هذا البلد مما سيمكنها من الوصول إلى فلاديفوستوك، أبعد مدينة روسية على الحدود مع الصين.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار فرشيد باقريان إلى عضوية السويد في الناتو قائلاً: “نالت عضوية السويد موافقة تركيا ويبدو أن المجر كذلك توافق عليها، لكن هذا هو الجانب السياسي للأمر وما زلنا بعيدين عن استكمال هذه العملية قانونياً.”
وتابع: “مسألة عضوية السويد في الناتو في الظروف الراهنة ليست منفصلة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أو بعبارة أخرى حرب روسيا مع العالم الغربي، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة. ومن المهم أن نأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى إلحاق الهزيمة بروسيا في هذه الحرب، بل تريد روسيا مهشمة العظام.”
وأكد باقريان على أن تقسيم روسيا سيجر مخاطر على الولايات المتحدة، موضحاً: “مع انهيار روسيا فإن مواردها الضخمة من الغاز في شرق البلاد ستقع تحت سيطرة الصين. من جهة أخرى، ستتدفق أعداد كبيرة من سكان الصين إلى روسيا، مما يعني تقليل المشاكل المعيشية والسكانية للصين. لذلك، أعتقد أن الولايات المتحدة تبحث عن حرب مع روسيا لا تتجاوز حدتها مستوى معيناً.”
وأضاف: “خلال العامين المنصرمين، بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تم إضعاف روسيا إلى حد كبير عبر العقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة وأوروبا، كما أن تكاليف الحرب جعلت من روسيا لاعباً ضعيفاً في المنطقة والعالم. لذلك فإن المجال ضيق للغاية بالنسبة لروسيا، والآن مع عضوية السويد وفنلندا في حلف الناتو وبعض المقترحات بشأن العضوية المحتملة لأوكرانيا فيه، فإن الوضع بالنسبة لروسيا سيصبح أكثر تعقيداً.”
وذكر الخبير والمحلل للشؤون الأوروبية: “للولايات المتحدة أكثر من 13 قاعدة عسكرية في السويد. رغم أن هذه القواعد كانت موجودة وتُستخدم من قبل، لكن مع عضوية السويد في الناتو سيكون بمقدور الولايات المتحدة أن تسلّمها قاذفات بعيدة المدى قادرة على التحليق إلى فلاديفوستوك.”
وذكر باقريان: “يحاول الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع الولايات المتحدة، زيادة الضغوط على روسيا من اتجاهات مختلفة. لكن المهم هو أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى انهيار روسيا بقدر ما تسعى إليه أوروبا. من خلال ضم المزيد من الدول الأوروبية إلى الناتو، تحاول الولايات المتحدة ضمان بيع أسلحتها، كما أنها تسير بشكل ما في اتجاه إضعاف الاتحاد الأوروبي مما يعد أحد الأهداف طويلة المدى للناتو. ترحب الولايات المتحدة بتفكك وانفصال الأجزاء المختلفة من أوروبا عن بعضها البعض سياسياً ومالياً؛ مثلما رحبت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.”
وفي إشارة إلى التغيرات المناخية العالمية وذوبان الجليد في القطب الشمالي، قال: “مع ذوبان الجليد في القطب الشمالي، تم اكتشاف مصادر هائلة من النفط والغاز والمعادن الثمينة وغيرها في السويد. وبانضمام السويد إلى الناتو، ستتوفر الأرضية فعلاً للولايات المتحدة لاستغلال هذه الفرصة بشكل أفضل. وقد بدأت الشركات الأمريكية الكبرى تتنافس بالفعل للتواجد في هذه المجالات.”
وقال المحلل للشؤون الأوروبية عن رد فعل روسيا على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي: “في الآونة الأخيرة، أطلق بوتين ادعاءات بشأن ألاسكا بأنها – كأكبر ولاية أمريكية – بيعت للولايات المتحدة في عام 1867 بـ “سعر رخيص”. يبدو أن الروس يتطلعون إلى وضع أيديهم على ألاسكا ليس لاستعادة الأرض بل لطرح مطالب بشأن الموارد الهائلة الموجودة تحت الأرض في تلك المنطقة.”
وأردف باقريان قائلاً: “كان رد فعل روسيا الوحيد هو التهديد اللفظي ضد السويد والإدلاء ببعض الادعاءات بشأن ألاسكا. إن الورقة الرابحة في يد روسيا في الوضع الحالي، بعد مضي ما يقارب عامين على الحرب في أوكرانيا، هي أمران؛ الأول هو مساحة روسيا الشاسعة ومواردها الجوفية، والآخر هو الأسلحة النووية. اليوم، لا تستطيع روسيا منافسة الولايات المتحدة إلا من خلال حرب نووية، لكن من غير المرجح أن تتمكن من المنافسة في المجالات الأخرى، خاصة الإنتاج والاقتصاد.”
وصرح: “لا أعتقد أن عضوية السويد وحتى فنلندا وأوكرانيا في الناتو ستستفز روسيا إلى درجة دفعها إلى اتخاذ إجراءات عسكرية مضادة بحق الولايات المتحدة وأوروبا. في الوقت الحالي، يمكن تشبيه الولايات المتحدة وروسيا باثنين من محاربي الساموراي قاما بسلّ سيفيهما وفقط ينظران إلى بعضهما البعض. ترى روسيا وأوكرانيا أنهما أصبحتا في موقع متساو تقريباً في الحرب، وهذا الوضع يزيد من احتمال وقف إطلاق النار وجلوس الطرفين إلى طاولة المفاوضات، لذا فإن رد فعل روسيا على هذه القضية ليس قوياً. من ناحية أخرى، لا بد من القول إن روسيا أظهرت كل ما في قبضتها ولم يعد هناك تهديد لم تنفذه.”
واختتم المحلل للشؤون الأوروبية: “لقد نجح الأوروبيون في حل مشاكل إمدادات الغاز نسبياً، وإذا تمكنوا من إيجاد بديل للغاز الروسي لفترة طويلة فإن المعادلات في مجال الغاز بين روسيا والاتحاد الأوروبي ستتغير عملياً. مع ذلك، فإن هذا الأمر ليس مهمة سهلة بالنسبة للأوروبيين لكنهم يبحثون عنه بجدية. في هذا السياق، ينبغي الإشارة إلى أن أحد أسباب دعم الأوروبيين للكيان الإسرائيلي في حرب غزة هو توفير الكيان الصهيوني كميات من الغاز لأوروبا. لذلك، فإن بوتين هو ممن يرحب باستمرار الحرب في غزة، لأنه إذا وصل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا من جديد فسيزداد الضغط على موسكو.”
0 تعليق