المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: في الآونة الأخيرة، تم تنفيذ مناورة عسكرية في الكيان الصهيوني تحت عنوان "القبضة الساحقة"، والتي كانت على ما يبدو هجينة وشاملة، مثل تنفيذ العمليات في البر والجو والبحر. كانت هذه أكبر مناورة عسكرية للكيان الصهيوني خلال 75 عاماً الماضية، والتي تحاكي "حرباً متعددة الجبهات" مع إيران وجزءاً من جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية وتم متابعة جميع المواقع والتدريبات والتكتيكات في إطار هذا الهدف.
حميد خوشايند ـ خبير في القضايا الإقليمية
في تدريبات ” القبضة الساحقة” العسكرية، كانت هناك معركة برية محتملة على الأراضي اللبنانية، بإرسال مئات المقاتلين إلى “عمق أجواء العدو”، وتمت تمارين العمليات البحرية، وكذلك العمليات السيبرانية ومحاكاة الحرب الإلكترونية على عدة جبهات.
أظهرت الإدارة الإستراتيجية لجيش الكيان الصهيوني المعروفة باسم “الحلقة الثالثة” المسؤولة عن ملف إيران العسكري، خلال التمرين “التخطيط الاستراتيجي والتنسيق الدولي مع القوات العسكرية الأجنبية”. أشرفت الولايات المتحدة على تنفيذ هذا التمرين من خلال “مايكل كوريلا” قائد القيادة المركزية الأمريكية.
وكما أشير، كان اجراء المناورات على ثلاثة مستويات، برية وجوية وبحرية، ودمج الاذرع القتالية المختلفة، من سماتها البارزة. وفي الوقت نفسه، في المجال العسكري، هناك عدد محدود من الجيوش في العالم والمنطقة لديها القدرة على دمج القوات البحرية والجوية والبرية بكفاءة عالية.
جرت المناورة سالفة الذكر، في حين يواجه الكيان الصهيوني أولاً، في الأشهر الأخيرة، أزمة وجودية غير مسبوقة وخطيرة “من الداخل” من خلال انتشار الصراعات السياسية وتآكل الوحدة الاجتماعية.
ثانياً، تواجه “من الخارج” تهديدات خطيرة من فصائل المقاومة الإسلامية التي لها اليد العليا في الأراضي المحتلة على الصعيد الميداني والسياسي.
ثالثاً: بعد المصالحة بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والهزيمة النهائية للمشروع الغربي في سوريا من خلال عودة دمشق إلى الجامعة العربية، دخلت التطورات في المنطقة مرحلة جديدة لا تُقيَّم بأنها لمصلحة هذا الكيان على الإطلاق.
في ظل وضع أدت فيه هذه التطورات إلى زيادة ضعف الكيان الصهيوني ووضعته في “موقف ضعف” في المنطقة وقيّدت ساحة لعبه، سعت تل أبيب، من خلال إجراء مناورة عسكرية طويلة الأمد، إلى إخفاء نقاط الضعف في مواجهة جبهة المقاومة الإسلامية!
يوآف غالانت وزير الحرب في الكيان الصهيوني خلال جولته للاطلاع على سير المناورات العسكرية لجيش هذا الكيان في الحدود الشمالية للأراضي المحتلة، أي المنطقة التي أجرى فيها حزب الله اللبناني مؤخراً أكبر مناوراته العسكرية في السنوات الأخيرة، أعلن في بيان “إذا أخطأ حزب الله وبدأ حرباً ضد إسرائيل، فسنعيد لبنان إلى العصر الحجري!” وقال غالانت أيضاً رداً على الكشف عن صاروخ فتاح الفرط صوتي، “سمعت أن أعداءنا فخورون بصنع مختلف الأسلحة، لمثل هذا الشيء، لدينا إجابة أفضل. إسرائيل لها تفوق عسكري على أعدائها جواً وبحراً وبراً، دفاعياً وهجومياً!”
هذه التصريحات، وكذلك مكان وزمان المناورات العسكرية، التي تم تصميمها وتنفيذها بناءً على حسابات ميدانية وسياسية دقيقة، تظهر بوضوح أن المناورة كان لها ما يسمى بأهداف ورسائل “مناهضة إيران والمقاومة”.
أحضر الكيان الصهيوني كل ما يعتبر من قدراته العسكرية والإلكترونية والتكتيكية والاستراتيجية إلى المسرح في هذا التمرين العسكري الذي أقيم من شمال إلى جنوب الأراضي المحتلة، وقام فعلياً بمحاكاة وممارسة مشاهد الحرب الأقرب للواقع.
ولكن إلى أي مدى نجحت هذه المناورة في تحقيق أهدافها؟ سؤال مهم له إجابة شديدة الوضوح وقصيرة؛ المناورة الأخيرة ليس لها ولن يكون لها أي تأثير على «حسابات» جبهة المقاومة الإسلامية عامة وحزب الله اللبناني وجماعات المقاومة الفلسطينية بشكل خاص.
جبهة المقاومة متيقظة ضد أي تحركات ميدانية وغيرها من الكيان الصهيوني ولديها قدرات عالية وإستراتيجية للتعامل مع أعدائها. إن سياسة جبهة المقاومة الإسلامية تجاه الكيان الصهيوني تتمتع بــ “مبادئ ثابتة” ولا تطغى عليها التطورات الإقليمية والدولية، ولا تؤثر عليها سياسات الكيان الصهيوني ومناوراته العسكرية.
إلى جانب ذلك، لم يمض وقت طويل منذ المواجهة العسكرية الأخيرة بين الكيان الصهيوني وغزة. لم يستطع الكيان الصهيوني، بكل هتافاته، الصمود أكثر من 5 أيام في هذه المعركة، وبإرساله رسائل ووسطاء عبر مصر والأردن وغيرها، وافق على شروط المقاومة وقبل “وقف إطلاق النار”.
0 تعليق