المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: علق خبير في الشؤون الأوروبية على زيارة قام بها مؤخراً منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل للمنطقة: "تمت هذه الزيارة في إطار تطوير السياسة الخارجية والأمنية للإتحاد الأوروبي و تحركاتها".
قال مرتضى مكي في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: “إحدى بؤر التأزم في العالم، والتي لها عواقب على الاتحاد الأوروبي، هي منطقة الشرق الأوسط.”
وأشار إلى وجود القوات الغربية في المنطقة وقال: “على مدى العقدين الماضيين، على الرغم من الوجود العسكري الواسع للولايات المتحدة والعديد من أعضاء الناتو، لم نشهد فقط انخفاضاً في التوترات والأزمات في المنطقة فحسب، بل زاد هذا التواجد من تفاقم الأزمات والتوترات في المنطقة.”
صرح مكيّ أيضاً: “كما أن الانسحاب غير المنسق والمتسرع للقوات الأمريكية من أفغانستان، والذي يمثل هزيمة كبرى لواشنطن، كان بمثابة ضربة قوية للاتحاد الأوروبي؛ لأن هذا الانسحاب وتسارع طالبان في الاستيلاء على العديد من المدن الأفغانية، وسقوط حكومة أشرف غني في نهاية المطاف، جعل أوروبا تشعر بالقلق من فشل الناتو فشلاً ذريعاً في أول مهمته العابرة للقارات، وبعد عقدين من التواجد في أفغانستان وصلوا النقطة التي واجهوها في عام 2001.”
وتابع الخبير: “لذلك يحاول الأوروبيون الآن لعب دور نشط في إدارة التوترات في المنطقة من خلال إجراء هذه المشاورات في المنطقة.”
كما يرى الخبير في الشؤون الأوروبية أن مثل هذه الزيارات لها علاقة بقضية إحياء الملف النووي الايراني (برجام)؛ لأن تنفيذ الاتفاق النووي يمكن أن يكون أيضاً فعالاً جداً في عملية الأنشطة المختلفة للاتحاد الأوروبي في المنطقة، وإنهم يأملون أن يلعبوا بهذه الطريقة دوراً في إدارة الأزمات الإقليمية.
وأضاف: “وتجدر الإشارة إلى أن الدول الأوروبية لا تحظى بإسناد من القوة الصلبة وتحاول الاستفادة من قوتها الناعمة ودورها في التطورات السياسية والاقتصادية العالمية بهدف التواجد الفعال في المنطقة.”
وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت أوروبا تريد ملء الفراغ الأمريكي في المنطقة، أوضح مكي: “لا شك أن الأوروبيين مهتمون جداً بملء فراغ الوجود الأمريكي في المنطقة؛ ولكن بما أن الأوروبيين يفتقرون إلى سياسة خارجية وأمنية مشتركة، وهناك اختلافات كثيرة في هذا المجال بين أعضاء الاتحاد السبعة والعشرين، لا يمكن للأوروبيين أن يأملوا كثيرا في ملء الفراغ الذي خلّفه الوجود الأمريكي في المنطقة.”
وتابع الخبير: “ولهذا السبب، تحاول الدول الأوروبية زيادة دورها في المنطقة و جعله أكثر فاعلية، من خلال إحياء الاتفاق النووي إيراني والمشاورات السياسية في المنطقة وتخفيف التوترات بين الدول في هذا المجال.”
و مشيراً إلى أن تداعيات الأزمة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج الفارسي تتحملها الحكومات الأوروبية، تابع: “لذلك، فهم يحاولون الظهور بشكل أكثر بروزاً في علاقاتهم مع دول المنطقة وتعزيز علاقاتهم السياسية والاقتصادية مع هذه الدول”.
و أفاد: “أظهر حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اجتماع بغداد اهتمامهم الشديد بتحديد وجه جديد لفرنسا أو أوروبا بشكل عام لدول المنطقة، وأظهروا دافعهم الشديد لملء الفراغ الأمريكي وزيادة التعاون مع دول المنطقة.”
ورداً على أنه من الممكن أن تكون جهود أوروبا في المنطقة مناهضة لإيران، قال: “على أي حال، للأوروبيين حلفاء في المنطقة، بعضهم من أعداء إيران اللدودين؛ ومن أهم حلفاء الدول الأوروبية، الكيان الصهيوني والسعودية والإمارات التي تتعارض مصالحهم جداً مع إيران”.
و تابع: “لكن رغم كل هذه القضايا، أظهر الاتفاق النووي للدول الأوروبية أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة لا يمكنهم تجاهلها؛ ونتيجة لذلك، يحاولون إثارة قضايا أخرى في علاقاتهم مع إيران، في إطار سياسة حظر انتشار الأسلحة النووية، من أجل السيطرة على قوة إيران في رأيهم أو خلق توازن إقليمي، حتى يتمكنوا من إدارة قوة إيران ونفوذها في المنطقة ولعب دور فعال في تخفيف التوترات في المنطقة.”
وحول الاختلافات بين السياسات الأوروبية والأمريكية تجاه المنطقة، قال مكي: “كما ذكرنا، تسعى الدول الأوروبية، على عكس الولايات المتحدة، إلى تهدئة التوترات بين دول المنطقة؛ لأنهم يعرفون إلى أي مدى يمكن أن يضرهم تصاعد الأزمات والتوترات في المنطقة، وتداعياتها الأمنية عليهم”.
في الختام أشار الخبير إلى أن الحكومات الأوروبية ستحاول اتباع سياسة متوازنة في المنطقة، قائلاً: يمكن أن يكون توجه بروكسل هذا، فرصةً للجمهورية الإسلامية الإيرانية للخروج من عبء العقوبات، وإظهار دورها وتأثيرها بشكل أفضل للحكومات الأوروبية في ضمان الاستقرار والأمن في المنطقة.”
0 تعليق