المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: فيما يخص توقيع اتفاقية الصين الأمنية مع جزر سليمان قال الخبير في القضايا الأمريكية: "الاتفاقية الأمنية بين رئيس جزر سليمان ورئيس جمهورية الصين، والتي تم توقيعها في 19 أبريل من هذا العام، كانت اتفاقية استراتيجية بين الصين كقوة كبرى ودولة جزرية صغيرة، سيكون لها تداعيات عالمية دون شك".
وقال طهمورث غلامي في حواره مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية فيما يخص مخاوف الولايات المتحدة حول هذه الاتفاقية: “إن توقيع هذه الاتفاقية هو جزء صغير من التنافس الكبير بين الولايات المتحدة والصين، ومن المتوقع أنه مع التقدم الزمني، ستشتد هذه المنافسة وتتنوّع أبعادها لتتضمن المجالات العسكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية”.
وأشار غلامي إلى أن استراليا، في سياق المنافسة بين بكين وواشنطن، تعتبر أهم حليف للولايات المتحدة في شرق آسيا وقال”أستراليا دولة غربية ومسيحية في آسيا، وهي تعتبر حليفاً للناتو أيضاً؛ “لذلك كان للولايات المتحدة دائماً حساب خاص لأستراليا في الحروب والتحالفات الائتلافات التي احتاجتها، ووقفت أستراليا إلى جانب الولايات المتحدة.”
وأفاد غلامي: “وإن كان للولايات المتحدة حلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية، فإن أستراليا هي أهم حليف لواشنطن في شرق آسيا أو المحيط الهادئ لغرض مواجهة الصين”.
وتابع قائلاً: “ليس من الخطأ القول إن الدور الذي تقوم به أستراليا للولايات المتحدة في مواجهة الصين يشبه دور بريطانيا أو ربما فرنسا وألمانيا الغربية لواشنطن في منافسة الاتحاد السوفيتي “.
وأوضح الخبير في الشؤون الأمريكية: “أن أستراليا في الوقت الراهن تعتبر محور السياسات العدوانية الأمريكية ضد الصين”.
وحول السمة الرئيسية لأهمية أستراليا بالنسبة للولايات المتحدة، أشار غلامي إلى المعاهدة الثلاثية الموقعة بين بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا، والمعروفة باسم اتفاقية أوكوس.
وأضاف “بموجب هذه الاتفاقية، تعهدت حكومتا لندن وواشنطن، على تحويل الغواصات الاسترالية الى غواصات نووية. وتجدر الإشارة إلى أن الغواصات النووية، بالإضافة إلى امتلاكها المزيد من القوة والمدى، يمكنها حمل المزيد من الأسلحة العسكرية.”
وبحسب الخبير، فقد حاولت الولايات المتحدة بموجب هذه المعاهدة تزويد القوات البرية والجوية الأسترالية بمزيد من الأسلحة، وفي الوقت نفسه تمكنت من تشجيع الحزب الحاكم الأسترالي على تحسين نوعية وكمية قواته العسكرية.
وأكد على أن اتفاقية أوكوس هي معاهدة تثير قلق الصينيين بشدة. لأنه تحويل الغواصات الأسترالية إلى غواصات نووية كان بوضوح تحركاً ضد الصين، الأمر الذي أدركته الصين جيداً. ولم يخفِ الجانب الغربي هذه القضية.
كما قال غلامي إن الولايات المتحدة حاولت إشراك الهند في الموضوع، إلى جانب أستراليا، من أجل تشكيل دائرة لحصار الصين، تماماً كما شكلت دائرة لحصار الاتحاد السوفيتي.
ويرى الخبير في الشأن الأمريكي أن الموضوع الذي دفع بتسريع توقيع اتفاقية جزر سليمان مع الصين كان الاتفاقية المبرمة سابقاً بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، الأمر الذي كان مصدر قلق كبير لبكين.
وتابع قائلاً: “بالإضافة إلى وجود قوات أمريكية في اليابان أو كوريا الجنوبية وجزر أخرى في المنطقة، سعت الولايات المتحدة إلى تعزيز أستراليا. الهدف من تعزيز هذه القوات العسكرية في شرق آسيا هو الصين أيضاً”.
وأكد غلامي على أنه في مثل هذه الظروف، من الطبيعي أن يحاول الصينيون في ردة فعل، التسلل إلى جزر أو أقاليم أو دول قريبة من أراضي أحد حلفاء أمريكا.
وأوضح الخبير فيما يخص الموقع الإقليمي لجزر سليمان: “تقع جزر سليمان في شمال شرق أستراليا، وحقيقة أن الصينيين وقعوا اتفاقية أمنية معها حيث تسمح لقواتهم أو سفنهم الحربية بالتمركز هناك أو القيام بعمليات عسكرية مشتركة”.
وتابع: “كما تسمح هذه الاتفاقية للصين بوصول أقرب إلى أستراليا أو قد تسمح لبكين بالسيطرة على التحركات البحرية للجانب الآخر. كما يمكن أن تكون قاعدة للصين للضغط على أستراليا”.
وأشار غلامي إلى إنه تستطيع الولايات المتحدة اليوم الضغط على الصين عبر تايوان وقال: “لقد تمكنت بكين أيضاً من الضغط على حلفاء الولايات المتحدة مثل أستراليا من خلال جزر مثل جزر سليمان”.
قال الخبير في القضايا الأمريكية عن المنافسة المتكوّنة بين الصين والولايات المتحدة: “من ناحية، تحاول الولايات المتحدة التسلل إلى بعض الدول لتمارس الضغط والنفوذ على الصين، ومن ناحية أخرى، تحاول بكين التسلل إلى بعض الدول التي لا تسمح للولايات المتحدة بتكوين حلقة حصار على الصين وأن تكون قادرة على ممارسة الضغط على الجانب الأمريكي”.
وفقاً لغلامي، من هذا المنطلق تحاول الصين كسب النفوذ في آسيا الوسطى، وتوسيع علاقاتها مع باكستان، والاقتراب من الفلبين، والحفاظ على العلاقات مع كوريا الشمالية، وفي الخطوة الأخيرة، أقامت علاقات وثيقة مع جزر سليمان.
وأشار الخبير بأن هذه المنافسة طبيعية تماماً وأردف قائلاً: “تحاول كل من الصين والولايات المتحدة التواجد في دول مختلفة، ووجود الصين في جزر سليمان ليس سوى جزء صغير من هذه المنافسة. وقد نسمع ايضاً اخباراً مماثلة في المستقبل حول اتفاقيات الصين مع دول اخرى”.
وبحسب غلامي، فإن اتفاقية الصين مع جزر سليمان هي خطوة استراتيجية بالكامل لمواجهة النفوذ الأمريكي في مختلف البلدان، والتي بدأت منذ عهد باراك أوباما. وأكد في الختام: “لذلك، بما أن هذا النهج الأمريكي جاء للضغط على الصين، فإن بكين تريد الآن توقيع مثل هذه الاتفاقيات للتسلل وحتى كسر حصار واشنطن عليها، والهدف من ذلك هو عندما يشتد التنافس بين الولايات المتحدة والصين أن لا تصبح دائرة الحصار على بكين معضلة خانقة”.
0 تعليق