المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: أي محاولة لوضع الحرس الثوري الإيراني كمؤسسة سيادية وجزءاً من قوة الدفاع الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في قائمة المنظمات الإرهابية في أوروبا، قبل أن تضر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإنها سوف تمس بمصالح الدول الأروبية وأمنها القومي.
حميد خوش آيند ـ خبير في القضايا الإقليمية
يعتبر البرلمان الأوروبي من أهم مؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث يضم 705 أعضاء. وفي 19 يناير، صادقت هذه الهيئة التشريعية على القرار المطالب بالتدخل ما أسموه بـ”رد أوروبا على الاحتجاجات في إيران” بأغلبية 313 صوتاً. إن قرارات البرلمان الأوروبي لها طابع دعائي سياسي وهي غير ملزمة ما لم يتم اتخاذ قرار بشأنها من قبل المجلس الأوروبي.
وكان الجزء “المثير للجدل” في هذا القرار هو طلب أعضاء البرلمان من الدول الأعضاء في الاتحاد لوضع الحرس الثوري الإسلامي في “قائمة الإرهاب للاتحاد الأوروبي”. ولكن كما كان متوقعاً، لم يأخذ المجلس الأوروبي هذا الطلب بعين الاعتبار، واكتفى هذا المجلس بالموافقة على “حزمة العقوبات الجديدة”.
حول الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها أوروبا تجاه إيران، هناك بعض النقاط المهمة:
أولاً؛ أدت أعمال الشغب التي وقعت في الأشهر الماضية في إيران إلى “سوء تقدير” من قبل بعض أقسام نظام صنع السياسات وصنع القرار في البلدان الأوروبية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية. بالإمعان في بعض البيانات والإجراءات والسياسات التي قامت بها بعض الحكومات الأوروبية فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، يتضح أنها متأثرة بالسياسات العدائية للولايات المتحدة وبريطانيا، فضلاً عن خلق الأجواء الوهمية من قبل “وسائل الإعلام المافيا” و “اللوبي المعادي لإيران” (المنافقون، الصهاينة وإلخ). إن الإجراء اليائس وطلب البرلمان الأوروبي لإدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية هو أحد الأمثلة الواضحة في هذا الصدد.
توضح هذه القضية أن الآراء والترويجات اللاعقلانية لـ “جماعات الضغط والإرهاب” تلقي بظلالها على المصالح الكلية وطويلة الأمد لأوروبا، الأمر الذي يتناقض تماماً مع العقلانية السياسية المزعومة لأوروبا. لسوء الحظ، لم تكن السياسة الخارجية الأوروبية سابقاً مثل هذا اليوم محاطة بشبكات وعناصر وجماعات تخفي مصالحها وأهدافها السياسية وراء مصالح أوروبا وتخلق توتراً في هذا المجال.
ثانياً؛ على الرغم من قرار البرلمان الأوروبي الأخير، إلا أن مجلس أوروبا، للأسباب والاعتبارات الموجودة، بما في ذلك تحذيرات إيران، تجاوزه مع بيان عدم حيازته للأسس القانونية اللازمة.
ثالثاً؛ في المرحلة الحالية، قام الاتحاد الأوروبي “بتغيير تكتيكاته” وانتقل من التدابير المكلفة المناهضة للسيادة إلى فرض مزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وفي هذا الصدد، أدرج مجلس أوروبا في اجتماعه الأخير متبعاً خطوات الولايات المتحدة 18 شخصية إيرانية و 19 مؤسسة في لائحة العقوبات مرة أخرى.
منذ شهر أكتوبر، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا ما مجموعه 20 جولة من العقوبات الاقتصادية وحقوق الإنسان المشتركة والجديدة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بهدف معلن هو “الضغوطات القصوى”. طبعاً قامت إيران بالمقابل بردود الفعل اللازمة.
من النقاط “الباعثة للإمعان” فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة أن الغالبية العظمى من هذه العقوبات هي ضد الأفراد والمؤسسات التي فُرضت عليها عقوبات عدة مرات من قبل والتي تم إدراج أسمائها في حزم العقوبات المختلفة التي أعلنتها أمريكا وأوروبا في فترات مختلفة!
تجدر الإشارة إلى أن هدف أمريكا وأوروبا من إعلان وتطبيق هذه العقوبات هو بالأساس استغلال الأمر في إطار “عمليات نفسية” بهدف التأثير على القطاعات الاقتصادية الإيرانية والرأي العام (الإحباط، خلق الاستقطابات، وإلخ).
والنقطة الأخيرة هي؛ إعلان الحرس الثوري الإيراني إرهابياً ليس بالأمر الجديد، وقد أقرته الحكومة الأمريكية من قبل. لذلك، ليس له تأثير خاص على عملية الأنشطة والمهام المتأصلة للحرس الثوري، والتي تعتمد على المواهب المحلية. لكن هذا لا يعني أبداً لامبالاة إيران أو صمتها أمام عمل أوروبا المناهض للسيادة، والذي يتعارض بشدة مع القانون الدولي.
الحرس الثوري، كجزء من قوة الدفاع الرسمية للبلاد، هو أحد “الخطوط الحمراء” للجمهورية الإسلامية الإيرانية. إن أي محاولة لوضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية في أوروبا سوف تلقي بظلالها على المصالح والأمن القومي للدول الأوروبية قبل أن تضر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية.
0 تعليق