المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الجيوسياسية حول التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء المجري بشأن خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي في حال عدم تساهل الأخير تجاهها: "من المستبعد أن تتجه المجر فعلاً نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي وليست هذه التصريحات إلا مجرد تهديد".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، تابع السفير الإيراني السابق، عبد الرضا فرجي راد: “إذا أرادت المجر الخروج من الاتحاد الأوروبي حقاً فستواجه مشاكل داخل البلاد بالنظر للتوترات القائمة بين روسيا وأوكرانيا. عدا ذلك، ستترتب على الخروج من الاتحاد الأوروبي تكاليف باهظة ليس بمقدور دولة ذات موارد محدودة مثل المجر تحملها”.
وفي ما يتعلق بمستقبل التوترات الحالية بين المجر والاتحاد الأوروبي، قال: “في حال تشكيل حكومة جديدة في المجر بعد الانتخابات المقبلة، قد تتغير الظروف. كما أن هناك احتمال لإلغاء بروكسل الغرامات التي فرضت على المجر. لكن طالما يبقى رئيس الوزراء الحالي في منصبه ويواصل إطلاق التهديدات ضد الاتحاد الأوروبي فستستمر الضغوط”.
وتابع فرجي راد بالتطرق إلى أسباب الخلاف بين المجر والاتحاد الأوروبي وإذ أشار إلى آلية عضوية الدول في هذا الاتحاد قال: “على كل دولة تريد الانضمام للاتحاد الأوروبي المصادقة على قوانين الاتحاد المؤلفة من 31 فصل؛ بمعنى أن تتأقلم مع قوانين الاتحاد الأوروبي. في هذا السياق، قدمت المجر وبولندا طلباً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد تفكك الاتحاد السوفيني ونيلهما استقلالاً نسبياً، فحاولتا بإشراف خبراء الاتحاد تنسيق وضعهما الداخلي مع الفصول الـ 31 القانونية للاتحاد الأوروبي تمهيداً للعضوية فيه”.
ووفقاً للخبير، ينص فصل مهم من تلك الفصول على ضرورة احترام السياسة الخارجية المشتركة، كما ورد التأكيد على حقوق الإنسان والديمقراطية.
وأضاف: “مع ذلك، بعد أحداث الربيع العربي وتدفق المهاجرين إلى أوروبا وبعض الأعمال الإرهابية التي حدثت، رفضت بعض دول شرق أوروبا كالمجر وبولندا التعامل مع المهاجرين واللاجئين بطريقة مماثلة لباقي الدول وتبنت نهجاً صارماً وسلوكاً عنيفاً ضدهم”.
وأكد فرجي راد على أن تمادي المجر وبولندا في هذا النهج دفع الاتحاد الأوروبي إلى توجيه التحذير عدة مرات للبلدين الذين يقودهما اليمينيون، لكنهما لم تكترثا بهذه التحذيرات. وفضلاً على عدم السماح للمهاجرين بدخول أراضيهما، فقد رفضتا السماح لهم بعبور أراضيهما باتجاه ألمانيا أو دول أخرى في شمال أوروبا”.
وأشار الخبير في الشؤون الجيوسياسية أنه بسبب هذه القضايا قررت المحكمة الأوروبية تغريم المجر وبولندا، موضحاً: “لكن منذ أن تقرر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حاولت بروكسل التصرف بالتسامح تجاه هذين البلدين، إلى حين تسوية مسألة بريطانيا”.
وقال: “نظراً لحصول بريكست في عهد رئاسة ترامب، كان هو وبعض المسؤولين البريطانيين راغبين في خروج عدد آخر من الدول من الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع بريطانيا”.
ووفقاً لخبير، بعد اكتمال إجراءات خروج بريطانيا، أحيل ملف الدولتين إلى المحكمة وتمت إدانتهما؛ غير أن المجر وبولندا طعنتا في قرار المحكمة، وانتهى الأمر بتغريم البلدين 37 مليار دولار في محكمة عقدت من جديد”.
وتابع: “بعد تغريمهما بهذا المبلغ، أعلنت المجر وبولندا أنهما ستخرجان من الاتحاد الأوروبي في حال مواصلة الاتحاد الأوروبي هذا النهج”.
وبيّن الخبير في الشؤون الجيوسياسية أن البلدين يتصرفان في السياسة الخارجية وفق أجندتهما الخاصة إلى حد ما، قائلاً: “نرى أن بولندا تقاربت بشكل كبير مع الولايات المتحدة وبريطانيا وتتجاهل بشكل شبه تام سياسات الاتحاد الأوروبي. أما المجر فقد تقاربت مع روسيا وهو ما أثار توترات بينها وبين بروكسل”.
واختتم فرجي راد بالتأكيد على أن الاتحاد الأوروبي مستاء إلى حد ما من سلوك دول أوروبا الشرقية خاصة بعد عقد اتفاقية 16+1 بينها وبين الصين. إلا أن بروكسل لا تسلط الضوء على هذا الموضوع تفادياً لخلق فجوة داخل الاتحاد الأوروبي.
0 تعليق