المجلس الإستراتيجي أونلاین ـ حوار: قال خبير في الشؤون الأوروبية حول تصعيد التوترات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا: "وصلت الأزمة في أوكرانيا إلى نقطة خطيرة، ويحاول كلا الجانبين الحصول على أقصى المكاسب من الأجواء الحالية من أجل تراجع الطرف الآخر عن مواقفه من خلال طرح المطالب القصوى".
ومشيراً إلى أن الروس قد صنعوا نوعاً من الاصطفاف العسكري على حدود أوكرانيا، ضد سياسات الناتو التوسعية، أوضح مرتضى مكي، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: “تحاول روسيا إجبار الغرب على التحفظ حيال الخطوط الحمراء لموسكو من أجل الحد من توسّع الناتو، باستخدام هذا الجو من الخوف و القلق من نشوب الحرب”.
و في إشارة إلى أنه تم نشر أنباء مختلفة من قبل طرفي الصراع، تابع الخبير: “ولعل الخبر المتفائل والباعث للأمل هو أن رئيس أوكرانيا ووزير خارجيتها قد عبرا عن ارتياحهما لمحادثات نورماندي واتفق الجانبان على أن محادثات مجموعة نورماندي بمشاركة فرنسا وألمانيا وأوكرانيا وروسيا سوف تُتابع قريباً في ألمانيا”.
وأكد مكي: “هذه المقاربات هي علامة على استعداد روسيا لاستخدام الدبلوماسية لتقليل التوترات الحالية”.
وموضحاً التهديدات المتكررة للمسؤولين الأمريكيين في حال التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، قال الخبير في الشؤون الأوروبية: “تحاول الحكومة البريطانية أيضاَ اتباع سياسة التهديد العسكري بما يتماشى مع سياسة الأمريكيين. وتواصل الطائرات البريطانية والأمريكية إرسال أسلحة إلى أوكرانيا”.
وأردف قائلاً: “من ناحية أخرى، فإن فرنسا وألمانيا كدولتين في مجموعة نورماندي، تعتبر مواقفهما مهمة أيضاً؛ وهما الدولتان اللتان تعتبران القوة الدافعة للاتحاد الأوروبي وصانعي السياسة الرئيسيين لهذا الاتحاد”.
وبحسب مكي، فإن الفرنسيين والألمان يحاولون منع تصعيد التوترات من خلال التشاور مع المسؤولين الأوكرانيين والروس. لأن باريس وبرلين تدركان جيداً أن أي حرب، أو حتى بوادر مواجهة عسكرية، ستكون لها تكلفة باهظة على أوروبا.
و موضحاً على أن الولايات المتحدة أقل انحيازاً مع ألمانيا وفرنسا في هذا الصدد، قال الخبير في الشؤون الأوروبية: “ومع ذلك، طالما حاولت برلين أن تكون لها آراء محافظة في سياساتها العابرة للأطلسي، ولم يعلق المسؤولون الألمان بشكل صريح على سياسات الولايات المتحدة التوسعية للناتو؛ ولكن فيما يتعلق بالتوتر القائم، لا نرى الاصطفاف والمواكبة اللتين عهدناهما سابقاً. كما رأينا تأكيد المستشار الألماني ووزير الخارجية أن المسار الدبلوماسي يجب أن يُنظر إليه على أنه أهم استراتيجية للحد من التوترات في الأزمة الأوكرانية”.
ومشیراً إلى أن جهود ألمانيا تهدف الى تفادي التهديدات العسكرية ضد روسيا ، تابع مكي: “تم تعزيز هذا النهج إلى الحد الذي أوقفت فيه حكومة برلين إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، وعلى الرغم من الانتقادات الحادة من المسؤولين الأمريكيين لسياسات ألمانيا المحافظة تجاه روسيا، ليس لدى المسؤولين في برلين أي حافز لتغيير موقفهم من الأزمة الأوكرانية”.
وفي معرض تلخيصه لحاصل التطورات قال الخبير: “من ناحية، نشهد انقساماً عميقاً بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، باعتبارهما الطرفان الرئيسيان في حلف الناتو في مواجهة أزمة أوكرانيا، ومن ناحية أخرى، يحاول الأمريكيون تكثيف تهديداتهم برفض تقديم أي تنازلات لموسكو حفاظاً على الخطوط الحمراء لروسيا، وهو وقف توسع الناتو تجاه أوكرانيا”.
وأكد أن أجواء الغموض والتوتر في الأزمة الأوكرانية سوف تستمر.
وبشأن اندلاع الحرب بين أوكرانيا وروسيا، اعتبر الخبير مثل هذا الخيار مستبعداً، لكنه قال إن تصعيد الأزمة والتوتر سيؤدي إلى تكاليف سياسية واقتصادية كبيرة على روسيا وأوكرانيا على المديين المتوسط والبعيد.
قام الخبير في شؤون روسيا وأوروبا أخيراً بتقييم اقتراح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهدف التوسط بين روسيا وأوكرانيا وذكر أسباباً لهذا الاقتراح قائلاً: “تركيا عضو في الناتو ولها علاقات جيدة مع أوكرانيا. كما أن لدى الشركات التركية استثمارات كثيرة في أوكرانيا وأقيمت علاقات اقتصادية جيدة بين كييف وأنقرة. من ناحية أخرى، تحسنت علاقات تركيا مع روسيا وأصبحت أكثر بروزاً في السنوات الأخيرة من الناحية السياسية والعسكرية والأمنية”.
وتابع قائلاً: “تحاول تركيا استخدام المساحة الحالية لتعزيز مكانة هذه الدولة كقوة إقليمية”.
ومع ذلك، يعتقد الخبير أنه من غير المرجح أن تتمكن تركيا من لعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا. و أكد مكي: “في الواقع، حيث تحاول الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا التوسط بين روسيا وكييف بهدف خفض التوترات في أوكرانيا، لا يوجد مكان لأنقرة بالتأكيد. خاصة وأن الفرنسيين والألمان لا يريدون لتركيا أن تلعب دوراً في هذه الأزمة. لذلك، فإن تصريح أردوغان هو استعراض للذات من جانب تركيا أكثر من كونه بلداً يمكنه حقاً أن يلعب دوراً جاداً كوسيط في أزمة أوكرانيا”.
0 تعليق