المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار خبير في الشؤون الدولية إلى احتجاج روسيا على بيع مسيّرات تركية إلى أوكرانيا وكذلك حظر استيراد بعض المحاصيل الزراعية من تركيا قائلاً: "في الحالات التي تتعارض فيها علاقات ومصالح روسيا وتركيا، يسعى كل منهما إلى توظيف الأوراق التي يمتلكها للضغط على الطرف الآخر إلى أقصى حد".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال مرتضى مكي عن العلاقات بين موسكو وأنقرة: “في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات التركية ـ الروسية تطورات تختلف عن الماضي؛ خلال هذه السنوات، سعى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى إرساء علاقات واسعة النطاق مع روسيا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وهو قرار انبثق عن الظروف التي تتحكم بعلاقات تركيا مع أمريكا ومجموعة الدول الأوروبية”.
ووفقاً للخبير، فالعلاقات بين أنقرة وموسكو تعتمد على سلوك انتهازي تركي بهدف توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وانتزاع امتيازات من أمريكا وشركائها الأوروبيين في حلف الناتو. العلاقات التي أنشأتها تركيا مع روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا تمثل ذروة تعاونها مع موسكو؛ وكان ذلك بعد تغيير توجهها في سوريا بالتراجع عن سياسة الإطاحة بحكومة بشار الأسد”.
ولفت مكي إلى أنه على خلفية المحاولة الإنقلابية عام 2016 تزايد التوتر بين تركيا وكل من أمريكا والدول الأوروبية قائلاً: “من خلال التقارب مع موسكو، حاول أردوغان خلق توازن بين علاقات بلده مع روسيا والغرب”.
وأكد الخبير في الشأن الأوروبي: “لقد كانت علاقات أنقره بموسكو انتهازية وتكتيكية؛ لأن تركيا تعي جيداً أن الأواصر الاقتصادية والأمنية بينها وبين الغرب متجذرة وواسعة بحيث لا تستطيع روسيا ملء فراغ الغرب وتلبية حاجات تركيا وخفض اعتمادها على الغرب”.
وأوضح: “علاقات تركيا مع الغرب إستراتيجية وتمثل أوروبا أكبر سوق للمنتجات الصناعية والزراعية التركية. لذلك، يجب اعتبار نظرة تركيا إلى علاقاتها بروسيا تكتيكية؛ لأن تركيا ترى مستقبل علاقاتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية مع الغرب وليس مع روسيا. في نفس الوقت، تسعى تركيا إلى الإبقاء على دورها الفعال في المنطقة بصفتها قوة إقليمية”.
وقال مكي: “تسعى تركيا إلى بناء علاقات مع دول حوض البحر الأسود لتُعرف كقوة إقليمية في تلك المنطقة؛ وهذه سياسة تتعارض مع توجهات الكرملين في تلك المنطقة”.
وإذ أشار إلى التوتر الأخير بشأن بيع المسيّرات التركية إلى أوكرانيا، أوضح: “مساعي تركيا لتعزيز علاقاتها مع أوكرانيا قوبلت دائماً بحساسية روسية. لذلك، تسعى روسيا إلى الاستفادة القصوى من تركيا سياسياً واقتصادياً وأمنياً في نزاعاتها مع الغرب، كما أن تركيا تتصرف بإنتهازية بشكل ما في علاقاتها مع روسيا”.
وأردف الخبير قائلاً: “من هنا وفي الحالات التي تتعارض فيها علاقات ومصالح روسيا وتركيا، يسعى كل منهما إلى توظيف الأوراق التي يمتلكها للضغط على الطرف الآخر إلى أقصى حد”.
وبشأن حظر استيراد بعض المحاصيل الزراعية التركية من قبل روسيا، قال: “تستورد روسيا جزءاً كبيراً من المواد الغذائية والزراعية التي تحتاج إليها من تركيا في وقت حظرت الكثير من الدول الأوروبية كبولندا تصدير المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية إلى روسيا. أما اليوم نرى أن روسيا تحظر استيراد بعض المحاصيل الزراعية التركية رداً على بيع تركيا مسيّرات إلى أوكرانيا. ويجب الانتباه إلى أن سوق المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية متنوع وبإمكان روسيا تلبية حاجاتها الزراعية والغذائية من الدول الأخرى بسهولة”.
وفي ما يتعلق بدور إيران في ظل هذا الواقع، أكد: “قد كانت سوق المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية في روسيا ودول آسيا الوسطى ساحة تنافس بين إيران وتركيا. نظراً للتنافس في هذه السوق، يمكن لروسيا وبسهولة أن تسورد المحاصيل التي تحتاج إليها من إيران وبأسعار أرخص. ولذلك، توفرت اليوم فرصة للجمهورية الإسلامية الإيرانية للاستفادة القصوى من هذا الواقع”.
واختتم مكي بالحديث عن آفاق التوتر الحالي بين البلدين قائلاً: “لا يمكن توقع أن يتحول التوتر الذي حصل بين روسيا وتركيا حول بيع المسيّرات التركية إلى أوكرانيا إلى نزاع جدي بين البلدين. لأن كلاً من بوتين وأردوغان يواجه اليوم توترات جدية مع أمريكا والدول الأوروبية في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية وهما يعرفان جيداً طاقات بعضهما لإدارة التوتر مع أمريكا والدول الأوروبية. لذلك من المحتمل جداً أن يتوصل الطرفان إلى مصالحة بشأن هذا الموضع أو أن يتجاوزا ذلك”.
0 تعليق