المجلس الإستراتیجي أونلاین - مذکرة: باغرام هي مدینة قدیمة في ولایة بروان شمال کابول، و في خمسینیات القرن الماضي تم بناء قاعدة تحمل نفس الإسم في ضواحیها، بـمساعدة الإتحاد السوفیتي. مع هجمات الجیش الأحمر علی أفغانستان في عام 1979، تم تجهیز هذه القاعدة بالأنظمة الهجومیة الأکثر تقدماً و النقل الجوي آنذاک، حتی تحمي الهجمات الأرضیة الأوسع من الجو و النظام الشیوعي القائم في کابول أیضا.
إبراهیم رومینا - عضو الهیئة العلمية بجامعة تربیة المعلمين
مع إنسحاب قوات السوفیتیة من أفغانستان والتی لم تکن لدیها فهم صحیح لجغرافیتها البشریة، سیطرت قوات حکمتیار الجهادیة و دوستم و مسعود علی قاعدة باغرام لـتدمیر کل ما تبقی فیها.
تفجیر البرجین التوأمین علی ید تنظیم القاعدة، وفرت الأرضیة لـتواجد القوات الأمریکیة ومهاجمة أفغانستان عسکریاً. تم تجهیز باغرام مجدداً من قبل القوة الجویة الأکثر تقدماً في العالم، لکي یوفر الأجواء لهجمات قوات التحالف بزعامة الولایات المتحدة التي لا هوادة فیها ضد طالبان والقاعدة في أجواء افغانستان المفتوحة والعزلاء.
وفي غیاب النظام الدفاعي، أینما و کیفما أرادوا، لم یتم الرد علی الهجوم الجوي الأمریکي.
وحتی تم اختبار GBU-43/B (أم جمیع القنابل) في عام 2017 بـننغرهار، مع عدم الإکتراث بـإحتجاجات الأفغان.
وفي یونیو/حزیران عام 2021 ، تم إنتهاء التواجد العسکري للقوة العظمی العالمیة الأمریکیة بعد مضی 20 عاما في جغرافیة أفغانستان غیر المتطورة. و خرجت من الأراضي الأفغانیة کـمنافسها السابق دون أي إنجاز فیما سیکون إرث هذه الهجمات للشعب الأفغاني هو التحدیات المتعددة و المستقرة.
بـغض النظر عن أسباب الغزو والإنسحاب الأمریکي من افغانستان، یمکن اعتبار الإعتماد علی الإستراتیجیة الجویة على المدی الطويل إحدی متغیرات ضعف هذه القوة في افغانستان الذي لایتناسب مع الجغرافیا الطبیعیة والبشریة المتنوعة في افغانستان.
منذ دیسمبر/کانون الأول 2001، عندما اصبحت قاعدة باغرام الجویة مکاناً لتواجد قوات التحالف بـزعامة الولایات المتحدة، حضر فیها ثلاث من رؤساء أمریکا هم بوش و اوباما و ترامب، مما یعکس الموقف الإستراتیجي للقاعدة و إعتمادها علی القوة الجویة و أولویة الضربات الجویة فی افغانستان.
لم تقتصر الهجمات الجویة المتعددة علی طالبان والقاعدة من باغرام فقط بل استخدمت (القوات الأمریکیة) الطائرات المقاتلة (F.35) الأکثر تقدماً في العالم ضد مواقع طالبان في طلعات من المحیط الهندي و بحر العرب لکي لایبقی أی مکان في افغانستان في مأمن من هجمات المقاتلات الأمریکیة المتقدمة.
أياً من النظریات الاستراتیجیة، لاتعتبر القوة الجویة وحدها عاملاً لإنهاء الإرادة المطبقة بل هي قوة داعمة وملبیة لاحتیاجات القوة العسکریة علی الأرض. ومن هذا المنطلق سيكون الهجوم علی المواقع القاریة ممکناً بسبب أداء القوات الجویة في المدی القصير و تواجد القوات البریة بشکل واسع.
وفقا للمبدأ أعلاه، فإن الإعتماد علی القوة الجویة، و هي هجومیة وسریعة ومحدودة وصغیرة الحجم بطبیعتها، أصبحت غير فعالة علی المدی الطویل فی الجغرافیا البشریة والطبیعیة المتنوعة لأفغانستان. منذ عام 2010 فصاعداً، عندما أدرکت طالبان هذه القضیة، بدأت بتوسیع و نشر قواتها المحدودة ضد الإستراتیجیة التی تبنتها الولایات المتحدة.
تعتبر النوع و الجودة و الکمیة والوقت من العوامل المؤثرة علی نجاح الإستراتیجیة من قبل الإستراتیجي. یجب إعتبار نجاح طالبان في الإستیلاء علی الأرض و فشل الولایات المتحدة في تبني استراتیجیة الهجوم الجوي دون الإستیلاء علی الأرض.
في الحقیقة، سیطرت امریکا منذ عام 2010 فصاعداً، علی جزء من أجواء افغانستان فقط والجزء الأکبر من الأرض کان تحت سیطرة طالبان و هذه المسألة حددت نتائج هذا الغزو الباهض و توجيه فشل مکلف الى الولایات المتحدة مما یمکن أن یکون بدایة لسلسلة أخری من الأحداث.
0 تعليق