المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أكد معاون الشؤون البحثية في معهد الشهيد الصدر التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران على أن إرسال منظومة باتريوت يمثل بداية مستوى أعلى من التعاون بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، قائلاً: "إرسال هذه المنظومة هو في الغالب للحفاظ على التوازن في الحرب، وطالما أن روسيا متورطة في الحرب يمكن للولايات المتحدة اتخاذ تدابير دولية واسعة ضدها. فالتوصل لأي اتفاق يتعارض مع الهدف الإستراتيجي للولايات المتحدة المتمثلة في مواصلة الحرب لاستنزاف قوة روسيا".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال الدكتور مهرداد حلال خور إن قرار البيت الأبيض إرسال منظومة باتريوت الدفاعية إلى أوكرانيا أمر يجب أن يؤخذ في الاعتبار على ثلاثة مستويات إستراتيجية وتكتيكية وفنية، واعتبر هذا الإجراء الأمريكي خطوة تكتيكية في اللعبة الإستراتيجية الكبرى بين الولايات المتحدة وروسيا، وحلف شمال الأطلسي وروسيا، مصرحاً: “على المستوى الكلي والإستراتيجي، فإن الإنجاز الأمريكي من وراء الحرب في أوكرانيا هو تقليص القدرة العملياتية لروسيا من خلال استنزاف قوتها العسكرية والاقتصادية وضرب مكانتها الدولية بإثارة قضية انتهاك موسكو للقانون الدولي من خلال الهجوم على أوكرانيا”.
وأوضح إنجازات الولايات المتحدة في هذه الحرب والتي يتم تحقيقها على حساب شعب وحكومة أوكرانيا وأوروبا، مضيفاً: “بالنظر إلى تركيز وسائل الإعلام الدولية ومراكز الفكر بجدية على أن شراء روسيا أسلحة من إيران مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ، من أجل إجبار أوكرانيا على الدخول في حوار من خلال قبول شروط موسكو عبر توجيه ضربات شديدة للبنى التحتية الأوكرانية وتدميرها، فإن تسليم صواريخ باتريوت سيساعد كييف على الاحتفاظ بجزء من بنيتها التحتية الحيوية وعدم الرضوخ لأي اتفاق مع روسيا”.
وقال حلال خور: “لذلك فإن الإستراتيجية الأمريكية المتمثلة في مواصلة عملية استنزاف روسيا على حساب دول أخرى، ستستمر من خلال هذه الخطوة. في الحقيقة، هدف الولايات المتحدة هو أن تتمكن أوكرانيا من الحفاظ على جزء من بنيتها التحتية وعدم قبول المحادثات مع روسيا حتى تستمر الحرب”.
وأوضح الأستاذ الجامعي الإنجازات التكتيكية التي يحققها للولايات المتحدة إرسال منظومة باتريوت، قائلاً: “على المستوى التكتيكي، يجب ألا يغيب عن الأذهان أنه على الرغم من أن صواريخ باتريوت كانت من أنجح صواريخ الجيش الأمريكي إلا أنه لا يقدم طلبات لتلقي هذه الصواريخ منذ عدة سنوات؛ لأنه مشبَع. مع ذلك، فإن وظيفة صواريخ باتريوت، أكثر من أي شيء آخر، هو إنشاء دفاع جوي محدود، ومتوسط المدى وقصير المدى، وهذا الدفاع لا يتم تنفيذه على نطاق واسع. يمكن لهذا النظام أن يخلق فقاعة أمنية ضد الهجمات الجوية والفضائية ضد المنشآت والبنية التحتية الحساسة في أوكرانيا؛ على سبيل المثال، يمكنه حماية مرافق الكهرباء والمياه والغاز في أوكرانيا”.
وذكر أن إرسال هذا النوع من الأسلحة على المستوى التكتيكي يهدف قبل كل شيء إلى تحفيز الأوكرانيين على مواصلة الحرب، وتابع: “تكتيكياً، تسليم باتريوت لزيلينسكي والهيئة الحاكمة لأوكرانيا تبعث رسالة طمأنة بأن الولايات المتحدة ستستمر في دعمكم. أكد الروس أنه إذا دخلت باتريوت أوكرانيا، فإنها ستصبح أهدافاً ولن تتمكن من إنشاء توازن لصالح أوكرانيا. ولكن على أي حال، يجب أن يكون لدى الأوكرانيين حافز للمقاومة. إذا استهدفت روسيا بنيتهم التحتية، فبالنظر إلى مصاعب الشتاء في تلك المناطق يمكن أن يضطر الأوكرانيون للتحدث مع روسيا. في هذه الحالة لن تتحقق الإستراتيجية الأمريكية لاستمرار الحرب”.
وقال معاون الشؤون البحثية في معهد الشهيد الصدر التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران في معرض شرحه للجانب الفني لتسليم منظومة باتريوت الدفاعية لأوكرانيا: “على المستوى الفني هناك نقطة مهمة. تتطلب منظومات باتريوت مشغلين يتلقون التدريب لمدة لا تقل عن ثلاثة عشر إلى عشرين أسبوعاً وفي بعض النماذج لثلاثة وخمسين أسبوعاً، ولكن الآن في حين تواجه الولايات المتحدة ظروفاً بالغة الحساسية، فقد أعلنوا أنهم سيسلمون هذه المنظومات إلى أوكرانيا مكتفين بتدريب مشغليها لأربعة أسابيع حتى يتمكنوا من استخدام هذا النظام بشكل صحيح. في الوقت نفسه، من الناحية الفنية، يبدو من غير المرجح أن تتمكن روسيا من ضرب كل تلك المنظومات. إذا كانت جميعها قابلة للاستهداف، فلن تشتريها أوكرانيا”.
وإذ أكد حلال خور أن الولايات المتحدة بحاجة إلى المال وشراء كل منظومة باتريوت يكلف حوالي 400 مليون دولار للنظام الرئيسي ونحو 690 مليون دولار للصواريخ، أضاف: “إرسال هذه الأسلحة يخلق مصدر دخل للولايات المتحدة، خاصة وأن أوكرانيا ليست دولة فقيرة. وحتى في النهاية، يمكن للولايات المتحدة أن تحصل في المقابل على الحبوب من أوكرانيا”.
في إشارة إلى الاتهامات التي أثيرت ضد إيران بشأن إرسال صواريخ وطائرات مسيّرة إلى روسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا، قال المحلل للشؤون الدولية: “في ما يتعلق بهذا الأمر، فإن الولايات المتحدة تنوي استهداف إيران من خلال خلق أجواء نفسية. لقد أدخلت الولايات المتحدة بالفعل الخطاب المعادي لإيران في القضايا المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، وهناك حاجة إلى سياسات ذكية للتعامل معها”.
صرح عضو هيئة التدريس بجامعة طهران أن إرسال باتريوت هو بداية تعاون بين الولايات المتحدة وأوكرانيا على مستوى أعلى، مردفاً: “يبدو أن روسيا زادت من قدراتها، مما أشعر الغرب بأن اليوم هو الوقت المناسب لتسليم هذا النظام الدفاعي لأوكرانيا”.
وشدد حلال خور على أنه رغم بعض التحليلات، لا يمكن لأنظمة باتريوت وحدها أن تغير مصير الحرب، موضحاً: “هذه الأنظمة في الغالب هي أسلحة تكتيكية للحفاظ على توازن الحرب. طالما أن روسيا في حالة حرب، يمكن للولايات المتحدة اتخاذ إجراءات دولية واسعة ضدها. لكن إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك يتعارض مع الهدف الإستراتيجي للولايات المتحدة المتمثل في استنزاف قوة روسيا”.
وإذ بيّن محلل الشؤون الدولية أن روسيا الآن تتعرض لضغوط اقتصادية، لفت إلى العقوبات الدولية الواسعة على هذا البلد، مضيفاً: “في الوقت الحالي روسيا هي أول هدف للعقوبات الأمريكية والبيت الأبيض لا يريد تغيير هذا الوضع. إلى جانب ذلك، تعتمد القوة الرئيسية لروسيا في الحرب على الهجمات الجوية، وبتقليص هذه القوة ستتلقى روسيا ضربة”.
0 تعليق