المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: تركيا من الدول التي انتقدت بشدة الكيان الصهيوني لارتكابه جرائم حرب في غزة واتهم الرئيس التركي أردوغان الكيان الصهيوني بالخداع.
محمود فاضلي ـ محلل الشؤون الدولية
في حين تدين تركيا هذه الهجمات بشدة، فإنها تعتبر الحصار والهجمات اللاإنسانية التي تهدف إلى حرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوق الإنسان انتهاكاً واضحاً للقوانين الدولية وأمراً مرفوضاً تماماً. وفي تركيا يتحدثون باستمرار عن الهجمات اللاإنسانية المستمرة التي يشنها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة وقتل النساء والأطفال والهجمات على المستشفيات والأماكن المدنية الأخرى في غزة. وبحسب الرأي العام التركي، فإن السلطات الصهيونية، التي دخلت صفحات التاريخ المظلمة بقمع وقتل الشعب الفلسطيني، لا يحق لها أن تتحدث عن القانون، ومرتكبي هذه الجرائم ضد الإنسانية، التي استفزت الغضب العميق للرأي العام العالمي، يجب تقديمهم إلى العدالة عاجلاً أم آجلاً.
ورغم تأكيد الرئيس التركي على استعداد بلاده للمساعدة في حل الوضع في غزة من خلال قبولها مسؤولية “الضامن”، عقب هجمات الكيان الصهيوني على غزة والموقف التركي، فإن مسيرة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب دخلت مرحلة جديدة.
وكانت الإدانة القوية لعمليات الكيان الصهيوني في غزة وانتقاد أردوغان المستمر لدعم الحلفاء الغربيين للكيان الصهيوني مصدر قلق في العواصم الأوروبية وكذلك واشنطن. ويرى أردوغان أن حماس ليست منظمة إرهابية، بل هي جماعة تحرير، جماعة مجاهدة تقاتل من أجل حماية أراضيها ومواطنيها.
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني حول التطورات في غزة: “لقد قتل الكيان الصهيوني 13 ألف فلسطيني ودمر كل شيء، ولم يعد هناك مكان اسمه غزة تقريباً بعد الآن. إن الكيان الصهيوني يمتلك أسلحة نووية، لكنه لا يعترف بذلك، لأنه يستغل الأكاذيب بشكل جيد. يجب على الجميع القيام بدورهم لضمان السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.”
وفي الأسابيع الأخيرة، وصل دعم الرئيس ووزير الخارجية ومسؤولين آخرين في تركيا لحماس وفلسطين ضد الكيان الصهيوني وانتقاد مؤيدي وحلفاء هذا الكيان إلى أعلى مستوياته.
وبطبيعة الحال، يحاول الرئيس التركي إدارة الأجواء الداخلية الملتهبة من خلال دعم الشعب الفلسطيني. وفي الأيام الأولى من أحداث غزة، كان للشعب التركي مطالب جدية من الحكومة أمام الجرائم الأخيرة في غزة، من خلال تجمعاتهم العديدة والحماسية أمام المراكز اليهودية في تركيا. ولذلك حاولت الحكومة التركية مسايرتهم من خلال ركوب موجة مشاعر الإسلاميين في تركيا. كما أن المسلمين الأتراك الذين يعيشون في الدول الأوروبية غاضبون أيضاً من الهجمات العسكرية على غزة ومناطقها السكنية، لذا ترى الحكومة التركية أنه من الضروري إدارة هذه الموجة حتى لا تصبح عاملاً للضغط على المصالح الوطنية لتركيا.
ويعتقد كثيرون أن المواقف والتكتيكات التي تتبناها تركيا في مثل هذه الحالات لا تؤدي عادة إلى تغيير جدي في سلوك أنقرة تجاه الكيان الصهيوني. يتم وضع قضية فلسطين على طاولة السياسة الخارجية التركية من وقت لآخر، ولكن بسبب مصالح تركيا الاقتصادية والعسكرية مع الكيان الصهيوني، وارتفاع حجم الاستثمارات من قبل الجانبين وخاصة اليهود في تركيا، وحصة اليهود الكبيرة في سوق السياحة التركية والتبادلات في البنية التحتية العسكرية للبلدين، ستعود السياسة الخارجية التركية إلى مسارها الطبيعي بعد مرور بعض الوقت. وتظهر التجربة أن مستوى العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني وإن يواجه صعوداً وهبوطاً لفترة من الوقت، لكن في النهاية لن يكون هناك أي انقطاع في العلاقات الاقتصادية بين تركيا والكيان الصهيوني.
وباعتبارها جهة فاعلة مهمة في العالم الإسلامي، لا تستطيع تركيا أن تظل صامتة بشأن الشرق الأوسط، ومن خلال إعلان دعمها لفلسطين، فإنها تريد أن تلعب دوراً في وقف إطلاق النار المحتمل إن أمكن.
ومن انتقادات أحزاب المعارضة لمواقف تركيا من الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة، أن هذه الدولة قدمت وما زالت تقدم المساعدات للكيان الصهيوني. ومن وجهة نظر أحزاب المعارضة التركية، “إلى أن تفرض حكومة أردوغان عقوبات على الكيان الصهيوني، فإن التعبير عن المواقف الدرامية لن يكون له أي تأثير”.
0 تعليق