المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي الضيف: كانت عودة ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الذي قام بإجراء استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بمثابة خبر جذب انتباه الخبراء البريطانيين ومحللي العلاقات الدولية خلال الأيام القليلة الماضية. لكن ما هي الأهداف التي تبرر عودة كاميرون إلى المشهد السياسي التنفيذي في بريطانيا؟
أمير حسين عسكري ـ باحث في القضايا الأوروبية ومدير مركز الدراسات الأوروبية للأبحاث والأخبار
يواجه حزب المحافظين (حزب الطليعة المحافظ) في بريطانيا حالياً عدة أزمات، وصفها مارك جارنيت وفيليب لانش بطريقة ما عام 2003 في كتاب المحافظون في أزمة. والواقع أن المحافظين يواجهون أزمات على مستويين من السياسة الداخلية فضلاً عن البيئة الدولية، وكل منهما يمنحهم المزيد من الحافز لحملهم على الاستعانة بساسة أكثر خبرة في الانتخابات العامة المقبلة.
على مستوى السياسة الداخلية البريطانية، تعد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وكذلك ظهور التيارات اليسارية والقومية، من أهم التحديات التي يواجهها حزب المحافظين، وبالتالي سيواجه هذا الحزب تحدياً أكثر من أي وقت مضى في الانتخابات المقبلة. لقد دقت نتائج الانتخابات القليلة الماضية في جميع أنحاء بريطانيا ناقوس الخطر بالنسبة لحزب المحافظين.
وفي ايرلندا الشمالية، تمكن حزب “الشين فين” القومي، ولأول مرة في تاريخه، من أن يصبح أكبر حزب في البرلمان، وأن يطيح بالحزب الوحدوي الديمقراطي من الأغلبية. بشكل عام، تعتبر هذه النتائج في ايرلندا الشمالية كارثية بالنسبة للمحافظين؛ لأن التقليد السياسي لأولستر في ايرلندا الشمالية، والاتجاه الوحدوي الناتج عنه يعتبران حلفاء للمحافظين، وفشل هذه الكتلة في صندوق الاقتراع سيضعف الجبهة المحافظة الوحدوية.
وتعد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا أحد التحديات الأخرى التي يواجهها حزب المحافظين في الوقت الحاضر، والتي طالما استغلتها أحزاب أخرى مثل حزب العمال والحزب الوطني الاسكتلندي والشين فين. ويمكن اعتبار هذه الأزمة أحد التحديات التي تهدد سلة أصوات المحافظين في الانتخابات العامة المقبلة.
وعلى المستوى الدولي، يشكل الصراع في أوكرانيا والشرق الأوسط الشغل الشاغل لحزب المحافظين. فالحرب في أوكرانيا بالنسبة لحزب المحافظين، باعتباره حزباً يحمل أيديولوجية الدفاع النووي المستقل فضلاً عن الالتزام بالتحالف في حلف شمال الأطلسي، قد تكون بالغة الأهمية في الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، تسبب الصراع في الشرق الأوسط وحرب الكيان الصهيوني ضد غزة في احتجاجات متزايدة في جميع أنحاء بريطانيا، مما عزز الحركات والأحزاب السياسية اليسارية مثل الشين فين، الجناح اليساري لحزب العمال، وحملة وقف الحرب، وما إلى ذلك. تعتبر هذه التيارات من الناحية السياسية في الجبهة المقابلة للمحافظين، وبالتالي يمكنها أن تخلق تحديات كبيرة للحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة.
وبما أن معظم السياسيين المخضرمين في حزب المحافظين يعتبرون حالياً عديمي الفائدة في المعادلات السياسية، والسياسيون الناشئون مثل “ريشي سوناك” قد لا يتمكنون من توجيه المحافظين بشكل جيد في اضطرابات الأزمات، فمن منظور المحافظين، فقط “ديفيد كاميرون” هو القادر على التعامل مع التحديات التي تواجه الحزب.
وبناءً على ذلك، يبدو أن عودة كاميرون إلى «شارع داونينغ» ولعب دور في وزارة الخارجية ودول الكومنولث، تم لتحقيق هدفين: الأول، أن وجود كاميرون وخبرته يمكن أن يلعبا دوراً لافتاً في الأزمتين اللتين سببتهما الحرب في أوكرانيا وكذلك حرب الكيان الصهيوني ضد غزة، وثانياً، يمكن اعتبار وجوده في الحكومة بديلاً محتملاً لـ«ريشي سوناك» الذي لديه إمكانية تولي إدارة المحافظين في الانتخابات المقبلة.
0 تعليق