المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: العملية الجهادية للقوى الفلسطينية الإستشهادية المقيمة في مخيم جنين، والتي نفذت رداً على إستمرار جرائم الكيان الصهيوني في الأسابيع الأخيرة، لم تسفر فقط عن مقتل وإصابة العشرات من الصهاينة، بل أدخلت أيضا الأراضي المحتلة في مرحلة جديدة من التطورات الميدانية والأمنية والسياسية.
حميد خوشايند ـ خبير القضايا الإقليمية
هجوم المسلحين الصهاينة على مخيم جنين
اشتدت في الأيام الأخيرة أنشطة “نظام الفصل العنصري الصهيوني” المناهضة للفلسطينيين في شمال الضفة الغربية. بناء على طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، داهمت القوات الإسرائيلية مدن جنين ونابلس وطوباس وبلدة يعبد، بهدف اعتقال عدد من الفلسطينيين، مما أدت إلى نزاعات محدودة في هذه المناطق بسبب مقاومة الفلسطينيين.
ونتيجة المقاومة الفلسطينية، اضطرت القوات الصهيونية إلى الانسحاب من جنين ومحيطها، فيما يشير الوضع الأمني والميداني في هذه المناطق، وخاصة في جنين، إلى بروز تطورات ميدانية وجهادية كبيرة. في الوقت الحاضر، شكّل سكان جنين تعبئة عامة وهم في “حالة تأهب قصوى” لمواجهة أي شكل من أشكال العدوان.
مخيم جنين مركز التطورات الجديدة في فلسطين
أصبح “مخيم جنين”، الذي يمثل “رمز المقاومة” في فلسطين، “مركز التطورات الجديدة” في فلسطين المحتلة، نتيجة الظروف التي حصلت جراء الأعمال الإجرامية والعنصرية الأخيرة التي قام بها الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة.
يحتل مخيم جنين مكانة خاصة بين فصائل المقاومة الفلسطينية لما له من خصائص ومميزات مهمة.
تعتبر جنين نقطة اتصال طرق المواصلات بين حيفا والناصرة ونابلس والقدس. حوالي 45٪ من سكانها هم من “الشباب”، وهي “ميزة بارزة” في التقدم بأهداف وعمليات المقاومة الإسلامية. كما يعتبر مخيم جنين أحد قواعد المقاومة الفلسطينية، ولا سيما “سرايا القدس” الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك، يُعرف مخيم جنين باسم “مركز تنسيق وإدارة العمليات الفلسطينية” في جميع الأراضي المحتلة، مما جعل المنطقة أكثر أهمية لمجموعات المقاومة الفلسطينية.
إن تضافر هذه الأسباب والعوامل جعل مخيم جنين وأمن وحياة ساكنيه أحد “الخطوط الحمراء المهمة” لجماعات المقاومة؛ بحيث يعتبر أي اعتداء واضطهاد على سكانها بمثابة تفعيل لكافة جبهات المقاومة في فلسطين.
في أعقاب التطورات الأخيرة في جنين، يقوم الكيان الصهيوني “بإشعال النيران” في الضفة الغربية لنهر الأردن من خلال القيام بأعمال عنصرية مختلفة بناءً على قرار وزير الحرب بني غانتس ورئيس الوزراء نفتالي بينيت.
العواقب والتداعيات
في الأيام الأخيرة، بعثت فصائل المقاومة الفلسطينية، بما فيها حركة الجهاد الإسلامي، رسائل تحذر من أن تجاوز الكيان الصهيوني الخطوط الحمراء الفلسطينية في مخيم جنين ومحاولة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والقدس المحتلة محاولة فاشلة وهي بمثابة “برميل البارود” المستعد للانفجار في أي لحظة ليؤدي إلى إشعال أوضاع المنطقة.
النقطة الهامة التي نراها في الرسائل التحذيرية لمختلف الجماعات الجهادية والمقاومة هي التأكيد على “عواقب وتداعيات” أي تصعيد للعدوان الصهيوني في جنين والمناطق المحيطة بها، والذي حدث في الأيام التي تسبق يوم القدس العالمي وعشية الذكرى السنوية لمعركة “سيف القدس” من شأنها أن تؤدي إلى تشكيل “انتفاضة جديدة” على نطاق واسع أو معركة أخرى بإحداثيات سيف القدس في الأراضي المحتلة.
توجد الآن متغيرات وعلامات مهمة تشير إلى أن هناك”أحداث وشيكة وخطيرة” في الأراضي المحتلة:
أولاً، الإجراءات العنصرية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في جميع الأراضي المحتلة، وخاصة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية؛ وبالنظر إلى أن المخيم هو “مصدر إلهام” العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية، فإن شرارة صغيرة في المنطقة ستنشر ألسنة اللهب في جميع أنحاء فلسطين المحتلة ضد الكيان الصهيوني المجرم.
ثانياً، إن الظروف الأمنية والميدانية الناتجة عن معركة سيف القدس، والتي عززت خلال العام الماضي معنويات جماعات المقاومة في فلسطين المحتلة وثقتها بنفسها، جعلتها أقوى من أي وقت مضى لأي مواجهة كبرى ضد الصهاينة. وأخيراً، فإن الوضع المضطرب في الهيكل السياسي للكيان الصهيوني وحكومة بينيت، والذي، من خلال الانخراط في أعمال مجنونة ضد الفلسطينيين، قد أثار وخلق تمهيدات لانتفاضة جديدة أو عملية مثل معركة سيف القدس.
النقطة الأخيرة
الفصل العنصري هو نظام من العملاء العنيفين والإرهابيين مع مجموعة من السلوكيات والهياكل الراعية للعنف، والتي يجب البحث عن أصولها في أحداث عام 1948، والتي بموجبها تم تأسيس الكيان الصهيوني من خلال احتلال جزء من الأراضي الإسلامية في فلسطين. تقوم حياة وبقاء الكيان الصهيوني على أساس العنصرية التي تتضمن مجموعة من الجرائم الإرهابية والعنيفة والإبادة الجماعية والاستبداد وخلق الأزمات والجرائم المنظمة ضد الإنسانية والاحتلال.
حقيقة أن تصرفات الكيان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والأراضي المحتلة الأخرى تتماشى تماماً مع أنماط سلوك الفصل العنصري أصبحت واضحة وملموسة حيث أصدرت المنظمات غير الحكومية الصهيونية بيانات تصف تصرفات الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين بأنها اجراءات “فصل عنصري ممنهج”.
بما أن أنظمة الفصل العنصري تواجه مصيراً مشتركاً وتختفي من المشهد العالمي، كما رأينا في حالة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، سينتهي نظام الفصل العنصري الصهيوني بالتأكيد إلى نفس المصير المحتوم الذي آلت إليه حكومة جنوب إفريقيا.
ستؤدي الإجراءات الإرهابية والعنصرية التي قام بها الكيان الصهيوني في الضفة الغربية إلى تسريع وتسهيل انهيار نظام الفصل العنصري هذا.
0 تعليق