المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: يعد تطوير 110 محطات للطاقة النووية بحلول عام 2030 أحد أكبر المشاريع الاستثمارية في الصين، مما يخلق مجالاً آخر لتضارب المصالح بين الصين والولايات المتحدة.
رضا مجید زاده ـ مدير مجموعة "سيمرغ" للتنمية/ مركز "مشروع ألفية باسارکاد" للتفكير
قامت الصين بتشغيل أول محطة للطاقة النووية في عام 1991 وهي الآن ثالث أكبر دولة في مجال الطاقة النووية بعد الولايات المتحدة وفرنسا. يأتي أكثر من 4 في المائة من الطاقة الكهربائیة في الصين من محطات الطاقة النووية في الدولة، ولديها قدرة تقارب 80 جيجاوات من إمكانية إنتاج الطاقة. طورت الصين برنامجها النووي مع التركيز على التكنولوجيا الفرنسية والكندية والروسية، وبدأت في تصدير التكنولوجيا النووية القائمة على تطوير مفاعل هوالونغوان (Huanglonguan)، الذي تعود حقوقه الملكية الفكرية إلى الصين نفسها.
يعود تاريخ النشاط النووي الصيني بالطبع إلى فترة الستينيات؛ في عام 1964، أصبحت الصين خامس دولة في العالم تمتلك أسلحة نووية وآخر دولة تقبل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. في نفس العام، اختبرت الصين بنجاح أول قنبلتها الذرية، والتي تم تخصيب اليورانيوم الخاص بها في منشأة لانتشو. كما نجحت في عام 1967، في اختبار أول جهاز تسخين نووي.
تخطط الصين الآن لزيادة طاقتها الإنتاجية النووية إلى 554 جيجاوات بحلول عام 2050، تماشياً مع التزامها بالحد من الاحتباس الحراري إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. نتيجة لهذا القدر من تنمية القدرات، ستزداد حصة الطاقة النووية في مزيج الطاقة في الصين إلى 28٪.
لكن البرنامج النووي الصيني لا يقتصر على تطوير قدرتها على إنتاج الطاقة، ووفقاً لصور الأقمار الصناعية، تمتلك الدولة حقلين لصوامع الصواريخ النووية؛ حقل صوامع صواريخ “هامي” و حقل صوامع صواريخ “يومان”، هناك 120 صومعة قيد الإنشاء في”یومان”، و 110 صوامع أخرى في “هامي”، والمزيد من الصوامع في مناطق أخرى. كما يجري تطوير 250 صومعة صواريخ، وهي من أهم جوانب التي تثير قلق الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الصيني.
في الواقع، تمتلك الصين صوامع أكثر من روسيا، وصوامعها أقوى من نصف جميع الصوامع في الولايات المتحدة. خاصة، إن هذا العدد من الصوامع، إذا اقترن بإصرار الصين على مدى سنوات طويلة على امتلاك الحد الأدنى من القوة الرادعة، يشير إلى أن التوترات مع الصين يمكن أن تتجاوز التوترات الاقتصادية أو حتى الإشارات العرضية للاضطرابات السياسية والحروب التجارية.
بطبيعة الحال، فإن التخفيض النسبي للتوترات بين الصين وتايوان من ناحية، والأزمة النووية اليابانية عام 2011 من ناحية أخرى، دفعا الصين وتايوان إلى اتخاذ إجراءات للتعاون في مجال السلامة النووية وإنشاء آلية رسمية للاتصال بين الجانبين. لكن البنتاغون صرحت بأن الصين تطور ترسانتها النووية بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعاً، وأن الفجوة تضيق بينها وبين الولايات المتحدة. تشير التقديرات إلى أن الصين ستمتلك 700 رأس حربي نووي قابل للتسليم بحلول عام 2027، وسيرتفع إلى 1000 رأس بحلول عام 2030، أي ضعف ونصف توقعات البنتاغون السابقة.
يمكن أيضاً تفسير دعوة الناتو للصين إلى الشفافية بشأن برنامجها النووي في ضوء ذلك. على الرغم من أن رئيس الناتو أوضح أنه لا يعتبرون الصين عدواً، إلا أنهم يتوقعون منها أن تتقيد بالتزاماتها الدولية وأن تشارك في محادثات الحد من التسلح مع الناتو.
بالإضافة إلى ذلك، على مدى السنوات القليلة الماضية، عملت الولايات المتحدة بجدية أكبر لدفع الصين نحو معاهدة ستارت الجديدة تحت ضغط عام وغير مباشر. على الرغم من أن الصين لم ترد بشكل صريح، إلا أنها اعتبرت توقع انضمام الصين إلى محادثات الأسلحة النووية بحضور الولايات المتحدة وروسيا أمراً غير واقعي.
بطبيعة الحال، فإن تحويل هذه المواجهة إلى هجوم نووي أو استفزاز نووي أمر غير مرجح، وفقاً للخبراء، والصين تبحث فقط عن تهديد ورادع ذي مصداقية. ما يزيد من احتمالية حدوث المزيد من المواجهة السياسية في المستقبل هو الخوف من تكرار أحداث مثل انتشار فيروس کوفید-19 في جميع أنحاء العالم.
إن الجمع بين هذه النقاط، جنباً إلى جنب مع الاهتمام بمجالات المواجهة الأخرى بين الولايات المتحدة والصين، بما في ذلك التجارة والتمويل الدوليين، والمنافسة في الكارتلات السياسية والاقتصادية، ومجال التنمية الفضائية، كل ذلك يشير إلى أن المواجهة لا تزال قائمة، على الأقل عند المستوى الحالي. لكن الإدارة الأمريكية الحالية لا تفضل توسيع المواجهة وتصر أكثر على الأساليب غير المباشرة والحرب التجارية.
0 تعليق