المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أكد أستاذ في القانون الدولي على ضرورة اهتمام دول العالم بمسؤولية الحكومة البريطانية في ارتكاب المجازر بحق المدنيين في أفغانستان وإثارة الموضوع في الاجتماعات والأوساط الدولية قائلاً: "وفق القانون الدولي الإنساني أو ما يعرف بقانون الحرب، یعتبر من یأمر بقتل المدنيين مجرم حرب. و من هذا المنطلق، تقع مسؤولية دولية بهذا الشأن على عاتق الحكومة البريطانية".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار الدكتور غلام رضا خواجي إلى التقرير الصادر عن منظمة مكافحة العنف المسلح (Action on Armed Violence) الذي كشف أنه خلال عامي 2006 و 2014 قتل خلال العمليات العسكرية للجيش البريطاني في أفغانستان 289 شخصاً من بينهم 86 طفلاً، قائلاً: عندما دخلت بريطانيا وأمريكا أفغانستان، مثل ما فعلتا في العراق، كانتا تعتبران دولتي احتلال تتحملان واجبات وفق القانون الدولي”.
وإذ أوضح أن احتلال أي بلد يجب أن يكون مؤقتاً ويتعين على المحتل إعلان موعد انتهائه، أضاف: “تتحمل الدولة التي تمارس الاحتلال مسؤولية إرساء الأمن في البلد المحتل. نظراً إلى دخول بريطانيا في أفغانستان عبر عملية عسكرية، فأداؤها يُقيَّم وفق قانون الحرب والذي تحدد اتفاقيات جنيف الأربعة واتفاقية 1977 أطره”.
مسؤولية حكومة بريطانيا الدولية
وقال الخبير في القانون الدولي: “اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 تنص على حماية المدنيين ومن ينتهك هذه القوانين فهو مجرم حرب. في هذا السياق، یعتبر من یأمر بقتل المدنيين مجرم حرب ومن هذا المنطلق، تقع مسؤولية دولية بهذا الشأن على عاتق الحكومة البريطانية”.
وأضاف خواجي: “وفق القانون الدولي، يمكن معاقبة حكومتي أمريكا وبريطانيا لهذا السبب في مجلس حقوق الإنسان فقط، أما الشخصيات المسؤولة آنذاك، كرئيس الوزراء و وزيري الدفاع والخارجية والقادة الأمنيين البريطانيين في حينها، فيجب معاقبتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية عبر رفع دعوى ضدهم. بل وبإمكان المدعي العام بالمحكمة أن يقدم بنفسه على إصدار لائحة اتهام ضد هؤلاء”.
وأردف الأستاذ الجامعي قائلاً: “في حال إحالة هذا التقرير إلى المحكمة وثبوت صحته على أساس تحريات المحكمة، سيتعين على هذه المنظمة الدولية متابعة تلك الجرائم قضائياً”.
وإذ أكد على مسؤولية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمتابعة جرائم بريطانيا بحق المدنيين في أفغانستان، أضاف: “يجب تسمية مقرر أممي وفتح ملف لمتابعة هذه الجرائم”.
وفي ما يتعلق بإمكانية الحصول على تعويضات من الحكومة البريطانية لقاء قتل المدنيين، أشار إلى الأزمات السياسية في أفغانستان وعدم وجود حكومة معترف بها دولياً كعقبات للمطالبة بحقوق رعايا أفغانستان، قائلاً: “رغم المساعي السياسية للحكومة البريطانية لعرقلة متابعة هذه القضايا، والتي تتم على غرار ما قامت به الدول الأوروبية من ممارسة ضغوط و فرض عقوبات للحيلولة دون وصول مثل هذه الملفات إلى نتائج فعلية، يمكن لذوي الضحايا القيام برفع دعاوى لدى محكمة الجنائية الدولية للمطالبة بتعويضات”.
ضرورة متابعة موضوع “مسؤولية الحكومة البريطانية” من قبل الدول ووسائل الإعلام
وأكد الأستاذ الجامعي على ضرورة اهتمام الدول بمسؤولية الحكومة البريطانية تجاه ارتكاب المجازر بحق المدنيين في أفغانستان وإثارة الموضوع في الاجتماعات والأوساط الدولية، قائلاً: “يجب التأكيد على ضرورة جعل بريطانيا خاضعة للمساءلة بشأن أدائها وتدارك ما حصل، عبر إثارة الموضوع في إطار المعاهدات الإقليمية والاجتماعات والأوساط الدولية، وكذلك من خلال تركيز إعلامي متواصل عليه”.
وشدد على ضرورة تشكيل مجموعات تتولى تحديد هوية كل من كان له دور في قتل المدنيين في أفغانستان، مضيفاً: “من شأن هذه الخطوة خلق ردع وخوف في بريطانيا يمنعان من تكرار مثل هذه الممارسات غير المسؤولة. فلا يجب السكوت امام من قتل مئات المدنيين في أفغانستان تحت غطاء شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية”.
إساءة استغلال الدول الغربية استضافة المنظمات الدولية
وأكد خواجي: “ترغب الدول الغربية في صياغة الاتفاقيات وتصديقها وتنفيذها؛ لأنها ومن خلال هذه التصميمات واستضافتها تضع المعايير بحيث تحمي نفسها من أي مساءلة لأدائها. وفي حالة المحكمة الجنائية الدولية، نجد أن تلك الدول توظف المحكمة لتحقيق مصالحها وحرمان باقي الدول من حقوقها. فعلى سبيل المثال، نجدها تتعاطى مع ما يعرف بـ “اتفاقية مكافحة الإرهاب” من نفس المنظور وتبرر أداءها بتوظيف تلك القوانين”.
واختتم الخبير في القانون الدولي قائلاً: “يجب على الدول الخارج عن هذا المعسكر أن تقوم بدور فعال في هذا المجال وأن تأخذ بزمام المبادرة من خلال عمل جماعي في إطار اتفاقيات إقليمية”.
0 تعليق