المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: على الرغم من أن منظمة شانغهاي للتعاون قد تم تشكيلها لأغراض أمنية وعسكرية، إلا أن هناك أيضاً فرصاً كبيرة للتعاون السياسي - الاقتصادي بين الأعضاء.
برسام محمدي ـ محلل الشؤون الدولية
على عكس المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، التي كل واحدة منها بطريقة ما تحت تأثير أمريكا و أوروبا، فإن منظمة شانغهاي للتعاون، التي تصف نفسها بأنها “مضادة للهيمنة الغربية”، كانت منظمة إقليمية وعالمية ناجحة منذ إنشائها في عام 2001 أصبحت مستقلة وبعيدة عن أي تأثير لأمريكا والدول الأوروبية. شانغهاي هي المنظمة الوحيدة التي لم يدخل فيها عنصر من “مجال الحضارة الأنجلو سكسونية”.
عضوية إيران
تأسست منظمة شانغهاي للتعاون في عام 2001 من قبل قادة الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان بهدف تحقيق “توازن” بين نفوذ أمريكا وحلف شمال الأطلسي في المنطقة. تلعب الصين وروسيا دوراً رئيسياً في هذه المنظمة. كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عضواً مراقباً في المنظمة منذ عام 2005 وسعت دائماً إلى تغيير وضع عضويتها إلى العضوية الدائمة، ولكن لم يكن ذلك ممكناً لأسباب مختلفة، بما في ذلك القواعد الداخلية لمنظمة شانغهاي ومعارضة بعض الأعضاء.
أخيراً، في القمة العشرين لمنظمة شانغهاي للتعاون، التي عقدت مؤخراً في طاجيكستان، وافق القادة على وثيقة العضوية الدائمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تعتبر “خطوة استراتيجية مهمة”.
حالياً، بعد عضوية إيران، أصبح لدى منظمة شانغهاي 9 أعضاء دائمين، 3 أعضاء مراقبين و 6 شركاء حوار؛ وبهذا يكون تحت سلطة هذه المنظمة حوالي 44 في المائة من سكان العالم، و 25 في المائة من كتلة اليابسة في العالم، و 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و 65 في المائة من السوق العالمية، و 30 في المائة من الغاز، و 50 في المائة من احتياطيات اليورانيوم و 25 في المائة من احتياطيات النفط في العالم.
تستغرق عملية العضوية النهائية لإيران عامين كحد أقصى بسبب القواعد والإجراءات الموجودة في منظمة شانغهاي. إن تقليص هذا الوقت إلى أقل من عام يتطلب تسريع الآليات الداخلية والخارجية في هذا الصدد. يجب توخي الحذر لضمان عدم وجود نزاع سياسي غير عادي بين إيران وأعضاء منظمة شانغهاي للتعاون خلال هذه الفترة، في وقت تتخوف فيه القوى الإقليمية والدولية المعادية، بشأن عضوية إيران في منظمة شانغهاي للتعاون.
في الوقت الحالي، يعد تسريع تقدم آليات عضوية إيران الداخلية في منظمة شانغهاي، أهم أولوية يجب أخذها في الاعتبار. وفي هذا الصدد، يعتبر دور مجلس الشورى الإسلامي دوراً خاصاً، نظراً لدوره في الموافقة على عضوية إيران في المنظمات الدولية والإقليمية، ومن الضروري أن تتم الموافقة على عضوية إيران في منظمة شانغهاي من قبل النواب في أسرع وقت ممكن.
الفرص والإنجازات
بعد المصادقة على العضوية الدائمة لإيران في منظمة شنغهاي، وتحديداً في المجالين “الاقتصادي – التجاري” و “السياسي – الأمني”، ستتاح لإيران فرص مهمة.
في المجال الاقتصادي، ستعمل عضوية إيران في منظمة شانغهاي على تحسين المؤشرات الاقتصادية للبلاد في مجال التجارة الخارجية وستسهل وتسرع الأرضيات والأسس لدخول إيران السريع إلى السوق الشرقي القوي البالغة سكانه 3.5 مليار نسمة، والذي يعد واحداً من الأسواق الاقتصادية الأكثر ربحاً وقيمة في العالم اليوم وفي المستقبل. في الوقت نفسه، من المتوقع أن يتضاعف حجم التجارة الدولية مع التركيز على السلع الآسيوية.
إن الاتصال بالموارد الآسيوية الجوفية، وإنشاء منطقة تجارة حرة محتملة مع الدول الأعضاء، وتقوية الاستثمار الأجنبي، وتعزيز أنشطة الموانئ الإيرانية، وتوسيع التعاون المصرفي، وضمان سوق الطاقة الإيراني، وزيادة القدرة الاقتصادية الإيرانية هي فرص أخرى متاحة بين يدي إيران.
في مجال الفرص السياسية – الأمنية، تعزز العضوية الدائمة للجمهورية الإسلامية في منظمة شانغهاي أيضاً المصداقية المتبادلة والهيبة والنفوذ الدولي. إيران الآن عضو في منظمة أمن جماعي تضم أربع قوى نووية، روسيا والصين والهند وباكستان، ومن بين هؤلاء روسيا والصين عضوان دائمان في مجلس الأمن. في الوقت نفسه، تلعب منظمة شانغهاي للتعاون دوراً متوازناً على الساحة الدولية ضد أمريكا والدول الأوروبية وحلف شمال الأطلسي، ودعت أمريكا إلى سحب جميع قواتها وقواعدها العسكرية من أراضي دولها الأعضاء. كانت إيران عضواً في العديد من المنظمات الإقليمية، بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة التعاون الاقتصادي، وما إلى ذلك، ولكن من بينها، منظمة شانغهاي هي أكبر منظمة من حيث الكمية والنوعية، والتي لديها أكثر القواسم الحضارية والثقافية المشتركة وحتى وجهات النظر السياسية المشتركة مع إيران.
التداعيات الاستراتيجية
“كسر احتكار الغرب” في علاقات إيران الخارجية، التي لطالما برزت في مجال العلاقات الخارجية، و “خلق التوازن والتنوع في مجال العلاقات الخارجية”، لا سيما من خلال تعزيز وتقوية مبدأ التوجه نحو آسيا وتوسيع العلاقات الخارجية مع الصين وروسيا والهند ودول آسيا الأخرى هي من “الاستراتيجيات المهمة” التي كانت على جدول الأعمال بجدية فائقة في العام أو العامين الماضيين، حسب تعليمات المرشد الأعلى للثورة. بعد التوقيع على وثيقة شراكة إستراتيجية شاملة مدتها 25 عاماً مع الصين والتشاور حول توقيع وثيقة شراكة إستراتيجية مع روسيا، فإن قبول عضوية إيران الدائمة في منظمة شانغهاي هو “الخطوة الثالثة” التي تحدد تحرك طهران على منهج التوجه الآسيوي، وسيتبع هذه الخطوات نتائج مهمة بالتأكيد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفر العضوية الدائمة في منظمة شانغهاي فرصاً للتفاعل القوي والدخول المحتمل لإيران في اتحاد البريكس، الذي يضم أكثر من 50 بالمائة من سكان العالم و 42 بالمائة من حجم التداول العالمي.
بعد التوقيع على وثيقة الشراكة مع الصين لمدة 25 عاماً، ينبغي اعتبار العضوية في منظمة شانغهاي للتعاون ثاني لعبة “رابح ـ رابح” للجمهورية الإسلامية في مجال العلاقات الخارجية وبغض النظر عن الآثار والتداعيات السياسية والاقتصادية والأمنية الإيجابية، فهي تعتبر مهمة من وجهة نظر “تعزيز التوازن الاستراتيجي” في مجال السياسة الخارجية، وكذلك “توسيع التعاون الأمني” وتطوير “العلاقات الاستراتيجية في المجال الاقتصادي”. لن يؤدي هذا إلى تعزيز مكانة إيران الإقليمية وحتى العالمية فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى تحسين التعاون الإقليمي بشكل كبير.
0 تعليق