المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: أعلنت حركة طالبان الأفغانية أسماء الأعضاء الرئيسيين في الحكومة المؤقتة الجديدة يوم الثلاثاء الماضي. يُظهر هيكل الحكومة المؤقتة أن طالبان تريد ضمان هيمنتها السياسية وسيطرتها المطلقة على البلد، وهذا يعني أن حركة طالبان في هذه المرحلة أعطت الأولوية لحل المشاكل السياسية والأمنية والتوحيد الداخلي من أجل ممارسة سيطرتها وسيادتها على كامل أراضي أفغانستان.
محسن شريف خدايي ـ خبير في الشؤون الدولية
وبحسب المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، فإن أعضاء الحكومة المؤقتة لم ينتهوا بعد وسيتم إضافة المزيد من الأشخاص إلى هذه المجموعة في المستقبل.
الأشخاص الذين تمت تسميتهم هم الأعضاء الرئيسيون في الحكومة المؤقتة التي تهيمن عليها طالبان والتي تشكل الهيكل الرئيسي لهذه الحركة. لكن طالبان قد تدعو أيضاً القوات غير التابعة لها للانضمام إلى مجلس الوزراء في المستقبل تحت ضغط الاحتجاجات الداخلية أو ضغوط الدول المجاورة أو المجتمع الدولي.
بعض كبار أعضاء طالبان الذين استلموا مناصب الحكومة المؤقتة مدرجون حالياً على قائمة العقوبات الغربية والأمم المتحدة. هذا مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي، مما يجعل من الصعب على حكومة طالبان الاعتراف بها على نطاق واسع من قبل الحكومات، ويعرقل عودة العلاقات الدبلوماسية والتبادلات الدولية مع هذا البلد بسهولة إلى طبيعتها.
وعُين الملا حسن آخوند يوم الثلاثاء الماضي رئيساً لوزراء الحكومة الأفغانية المؤقتة، وعين الملا عبد الغني برادر و عبدالسلام حنفي نائبين لرئيس الوزراء بالوكالة. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث الرئيسي باسم طالبان، في مؤتمر صحفي في كابول إن سراج الدين حقاني (نجل مؤسس شبكة حقاني، التي أعلنت الولايات المتحدة والأمم المتحدة أنها جماعة إرهابية) سيتولى منصب وزير الداخلية بالوكالة وتم تعيين الملا محمد يعقوب (نجل مؤسس حركة طالبان الراحل الملا محمد عمر) وزيراً للدفاع بالوكالة. وأكد أن كل هذه التعيينات هي لفترة مؤقتة.
يشير هيكل الحكومة الجديدة إلى أن طالبان ستهيمن على جميع المناصب الرئيسية. إنهم يريدون السيطرة على كل شيء، لكنهم في نفس الوقت يأملون أن يقدموا للعالم صورة حكومة شاملة.
وكانت طالبان قد وعدت بتشكيل حكومة شاملة بنهج معتدل، وأكدت أن أفغانستان لن تصبح قاعدة للجماعات الإرهابية ضد أي دولة.
ومع ذلك، نظراً للوضع المعقد في أفغانستان، لا يزال هناك الكثير من الشك حول ما إذا كانت الدولة ستكون قادرة على التصالح بشكل كامل مع حلفائها القدامى وهل سيعترف المجتمع الدولي بسهولة بحكومة طالبان المؤقتة؟
إن الهجمات الإرهابية الأخيرة على مطار كابول من قبل جماعة “داعش ـ خراسان” الإرهابية أثارت موجة من الذعر وانعدام الأمن في كابول ومدن أخرى، مما أثار تساؤلاً حول كيفية تمكن حكومة طالبان من منع أنشطة هذه المجموعة الإرهابية التي تختلف نوعاً ما عن حركة طالبان. لكن طالبان قد تحتفظ ببعض الجماعات الإرهابية للتعامل مع دول مجاورة أخرى أو مع قوى عالمية في المستقبل.
بالنظر إلى أعضاء مجلس الوزراء، فإن التعيينات في الحكومة المؤقتة لا تشير إلى درجة من الشمولية وتتعارض مع وعود طالبان السابقة بتشكيل حكومة شاملة. لكن من وجهة نظر طالبان، قد لا تكون الدولة الشاملة ما نعتبره تقاسماً للسلطة مع الجماعات العرقية والسياسية الأخرى. سعت طالبان إلى لعب دور مهيمن في الحكومة المؤقتة ولا تشارك بأي حال من الأحوال المناصب الوزارية الرئيسية مع الجماعات السياسية الأخرى.
تأمل حركة طالبان الأفغانية في أن يتم الاعتراف بالحكومة الجديدة قريباً من قبل الدول الأخرى، وخاصة دول الجوار والأمم المتحدة. لكن من الواضح أن بعض أعضاء الحكومة المؤقتة المدرجين على قائمة عقوبات الأمم المتحدة، سيخلقون مشاكل لعلاقة أفغانستان مع المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية.
بغض النظر عن قرارات الحكومة المؤقتة واستجابة المجتمع الدولي، أظهرت التعيينات الأخيرة أن طالبان أعطت الأولوية للاستقرار والأمن الداخلي وتعزيز موقفها السياسي في جميع أنحاء البلاد خلال الفترة الانتقالية. ومع ذلك، لا يزال أمامهم طريق طويل لتثبيت أنفسهم وحل المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتفاعل مع العالم.
في الوضع الحالي، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بعودة الأمن والسلام والاستقرار إلى أفغانستان في المستقبل القريب وتحسين الوضع في هذا البلد.
حالياً أفغانستان في حاجة ماسة إلى الموارد المالية لإعادة الإعمار. إنهارت الهياكل الاقتصادية في هذا البلد وتحتاج إلى المساعدة وإعادة الإعمار، وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً. إن تغيير نهج طالبان المتطرف وسعيها للاعتدال يمكن أن يجذب إلى حد ما الدعم الأجنبي. يجب أن تثبت حكومة طالبان المؤقتة المتشكلة حديثاً صدقها ومصداقيتها لجيرانها والمجتمع الدولي.
تتطلب الإدارة الناجحة في أي بلد تماسكاً داخلياً و حل المشاكل والتفاعل مع الجيران والدول الأخرى والمؤسسات الدولية؛ وإذا لم يتوخوا الحذر، فقد يواجهون المزيد من الاضطرابات ولن يتمكنوا من تقديم الحكم الرشيد.
في الأيام الأولى لانسحاب أمريكا من كابول والاستيلاء على السلطة، وعدت طالبان بإقامة حكومة شاملة من مختلف الجماعات العرقية والجماعات التي من شأنها أن تكون مقبولة من قبل الشعب والمجتمع الدولي، في حين بثت طالبان روح اليأس بين مختلف الطبقات والجماعات والدول المجاورة والعالم، مع تشكيل الحكومة المؤقتة. وبهذا الاختيار أبعدوا معظم الشعب الأفغاني وزادوا من مشاكلهم إلى حد كبير.
هناك سببان رئيسيان لقلق معظم الناس وخوفهم من فكرة حكم طالبان:
1- حكمهم الرهيب في الماضي.
2- الفارق الكبير بين قيم طالبان الفكرية والاجتماعية وقيم معظم الشباب والنساء في أفغانستان في العصر الحاضر.
يجب على طالبان أن تثبت بأنهم يريدون حياة مستقرة يسودها السلام والحرية والازدهار للشعب والجماعات العرقية المختلفة في أفغانستان.
0 تعليق