المجلس الاستراتيجي أونلاين ــ حوار: يرى محلل شؤون القوقاز بأن التوترات الحدودية الأخيرة بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان تأتي من أجل الضغط على أرمينيا لقبول إنشاء ممر زنغزور، وأكّد بأن هذا الممر الذي لا يتماشى مع أي من الحقائق الجيوسياسية والتاريخية الموجودة في المنطقة، لا يمكن إنشاؤه، و لا يمكن لهذه الضغوط أن تجبر أرمينيا على قبوله.
في إشارة إلى التوترات الحدودية الأخيرة بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان، قال الدكتور أحمد كاظمي في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: إن المذكرة الموقعة بين باكو ويريفان ليست معاهدة سلام، بل اتفاقية لوقف إطلاق النار، ومثل العديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1994، تنتهك من قبل البلدين.
وقال خلافاً للدعايات وخاصة تلك التي تروَّج في جمهورية أذربيجان، لم ينته نزاع كاراباخ وأضاف: في الواقع، يشوب اتفاق 9 نوفمبر لوقف إطلاق النار نقاطُ ضعف تؤدي بشكل أساسي إلى استمرار الصراع بين البلدين. أحد أهم نقاط الضعف في هذا الاتفاق هو عدم تحديد النظام القانوني لكاراباخ، و أصل النزاع بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا يتعلق بهذه المسألة.
جهود باكو لإنشاء ممر زنغزور
أكّد مؤلف كتاب “الأمن في جنوب القوقاز” على أن التحديات التي يفرضها غياب هذا النظام القانوني لا يمكن حلها بالقول والتنظير، وأن الوضع لن يتغير حتى يتم التعرف على هذا النظام، ثم قال: يبدو أن السبب الرئيسي لاستمرار الصراع بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان والسبب الرئيسي للتوتر هو نهج باكو للضغط على أرمينيا لإنشاء “ممر زنغزور” الوهمي.
وأوضح كاظمي: تسعى جمهورية أذربيجان إلى إنشاء ممر وهمي قائم على القومية التركية يسمى “ممر زنغزور” في جنوب أرمينيا بحجة إنشاء خطوط نقل في المنطقة، وبطبيعة الحال لا أحد في أرمينيا يؤمن بمنح مثل هذا الامتياز لجمهورية أذربيجان. استخدمت باكو الخلافات الحدودية والنقاط الحدودية الدقيقة التي يجب أن تكون بين البلدين، والتي كانت موجودة خلال الحقبة السوفيتية، كذريعة للصراع مع أرمينيا من أجل الضغط على هذه الدولة للقبول بذلك الممر.
وذكَّر بأن الخلافات الحدودية لجمهورية أذربيجان لا تقتصر على أرمينيا وأن هذه الخلافات موجودة أيضاً مع جورجيا وروسيا، لكنها لم تنتهِ إلى صراع؛ ثم أردف: مع تحرير أراضي جمهورية أذربيجان الواقعة خارج كاراباخ وتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، فمن المتوقع بطبيعة الحال أن يعمل الطرفان من أجل السلام والاستقرار في المنطقة. في مثل هذه الحالة، فإن إعطاء ذريعة عدم تحديد النقاط الحدودية وإثارة الصراع بدلاً من التفاوض يظهر أن باكو تسعى لتحقيق أهداف أخرى، وهي الضغط العسكري على أرمينيا لإنشاء هذا الممر.
وتابع الخبير في القانون الدولي: لا يتماشى هذا الممر مع أي من الحقائق الجيوسياسية والتاريخية الموجودة في المنطقة؛ ولذلك لا يمكن إنشاؤه ولا يمكن لهذه الضغوط أن تجبر أرمينيا على قبوله؛ لأنه لا أحد في هذا البلد يوافق على توقيع عقد من شأنه إحداث تغييرات جيوسياسية أساسية في المنطقة.
وفي إشارة إلى الأنباء المنشورة عن وجود الحرس الروسي بين البلدين، قال كاظمي: روسيا بموجب معاهدة الأمن الجماعي لرابطة الدول المستقلة (C.I.S) والاتفاقيات العسكرية والأمنية الثنائية مع أرمينيا، وعلى وجه الخصوص، فيما يتعلق بنشاط وتوسيع القاعدة 102 الروسية في أرمينيا، تعتبر نفسها ملزمة بدعم الوحدة الترابية لأرمينيا؛ وأثناء حرب كاراباخ الثانية، ذكرت بأنها ستتدخل في هذه الحرب، إذا اندلعت داخل أرمينيا.
و أضاف: لقد اتخذ الروس موقفاً في معاهدة الأمن الجماعي بأنهم لا يتدخلون في النزاعات الحدودية، لكن عندما يتعلق الأمر بالعدوان العسكري، فإنهم يشعرون بأنهم ملزمون بدعم أرمينيا؛ بطبيعة الحال، يمكن لتواجد القوات الروسية على النقاط الحدودية أن يحول دون تصعيد الموقف.
في نفس الوقت، قال محلل شؤون القوقاز: طبعاَ روسيا ترحب بأي حضور يعزز مكانتها في المنطقة؛ وفي نفس القضية هذه، تمكنوا من كسب نقطة كبيرة وأن يستقروا كقوات حفظ سلام في كاراباخ والمنطقة العازلة بين البلدين.
و أردف قائلاً: انتشرت أنباء عن قيام روسيا بإصدار جوازات سفر روسية لمواطني كاراباخ كمواطنين روس، وهناك تكهنات بأنّ كاراباخ قد تصبح في المستقبل مقاطعة مثل كالينينغراد الروسية، الواقعة خارج حدود هذا البلد.
قال كاظمي: ولهذا السبب، يعتقد الكثيرون أنه في مشروع الحرب الثانية في كاراباخ، تم استبدال الوضع المعقد في هذه المنطقة بحالة أخرى أكثر صعوبة، مما يزيد من تعقيد آفاق الاستقرار والسلام في هذه المنطقة.
0 تعليق