المجلس الإستراتیجي أونلاين ــ حوار: حول أسباب قرار جو بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان حتى شهر سبتمبر، قال خبير في شؤون أفغانستان: "يبدو أن السبب الرئيسي لهذا القرار هو أن التواجد الأمريكي في أفغانستان قد طال أمده؛ لأن ما يقرب من عقدين من الزمن مر على التواجد الأمريكي، وفي الوقت نفسه، لم تتمكن الحكومات الأمريكية المختلفة خلال هذه السنوات من الوفاء بالشعارات والوعود التي قدموها."
أكد محمد رضا عسكري مورودي في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، في إشارة إلى قرار أمريكا مغادرة أفغانستان قائلاً: “تجدر الإشارة إلى أن الأمريكان موجودون في أفغانستان منذ ما يقرب من عقدين، رغم رفع شعارات محددة حول محاربة الإرهاب والتطرف، ومكافحة زراعة وإنتاج ونقل المخدرات من أفغانستان إلى دول أخرى، وضمان الحريات الفردية والسياسية والاجتماعية والمدنية، لكنهم لم ينجحوا في تحقيق أي من هذه الأهداف على الوجه المطلوب.”
وأضاف: “من هذا المنظور، يرى المجتمع الأفغاني الولايات المتحدة في بلادهم كفاعل باء بفشل ذريع. في الوقت نفسه، ومن وجهة نظر الشعب الأفغاني، فإن التواجد الأمريكي في أفغانستان زاد فقط من حدة الحرب وعدم الاستقرار في البلاد ولم يحقق نتائج ملموسة للشعب”.
وبحسب هذا الخبير، في مجال مكافحة الإرهاب، في العقدين المنصرمين ومع وجود القوات الأمريكية، بالإضافة إلى اتساع أنشطة طالبان وأعمال العنف في أفغانستان، شهدت السنوات الأخيرة وصول تنظيم داعش الإرهابي إلى شرق الدولة.
وأضاف عسكري أنه “تم اختيار عاصمة إقليم ننجرهار لتكون القاعدة الرئيسية لتنظيم داعش الإرهابي”.
و مشيراً إلى أن الهجمات الإرهابية لتنظيم داعش وصلت أيضاً إلى قلب العاصمة الأفغانية كابول، قال:” هذا يشير إلى أن الحكومة الأمريكية التي رفعت شعار محاربة طالبان والقاعدة وأشكال الإرهاب المختلفة في أفغانستان، لم تنجح في هذا الصدد؛ خاصة و أن وصول تنظيم داعش الإرهابي وتشكيله في أفغانستان يعد من المؤشرات الملموسة على فشل سياسات البيت الأبيض في أفغانستان.”
وفي إشارة إلى مسألة زراعة المخدرات وزراعة الخشخاش، قال الخبير: “بحسب إحصائيات صادرة عن منظمات دولية، فقد تضاعفت زراعة هذه المخدرات في السنوات الأخيرة أكثر من أربع مرات مقارنة بالفترة التي سبقت الاحتلال الأمريكي لأفغانستان.”
وقال الخبير في الشؤون الأفغانية أيضاً: “في مناقشة تعزيز الديمقراطية وإرساء الحريات الفردية والاجتماعية والسياسية في أفغانستان، نرى أيضاً أنه وفقاً لإحصاءات المؤسسات الدولية، فقد كان هذا البلد أكبر مذبحاً للصحفيين والناشطين الإعلاميين.”
في إشارة إلى إجراء الانتخابات في كل دولة باعتباره أحد رموز بلورة المشاركة السياسية للشعب، أكّد عسكري مورودي: “ومع ذلك، فإن إجراء الانتخابات في أفغانستان واجهت تهديدات خطيرة وفي فترات مختلفة عندما أجريت الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجالس الولايات والبلديات، لم يكن من الممكن إجراء الانتخابات في العديد من مدن هذا البلد.”
كما أشار إلى أسباب داخلية لقرار البيت الأبيض بالانسحاب، مستشهداً بوجود عدد كبير من القوات الأمريكية في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين، و أردف قائلاً: “إنّ هذا التواجد لم يفشل فقط في تحقيق هدف البيت الأبيض في محاربة الإرهاب فحسب، ولكنه فشل أيضاً في تلبية مطالب الشعب والحكومة الأمريكية”.
وتابع عسكري مورودي “لذلك قرّر الأمريكان مغادرة أفغانستان لإنهاء فترة طويلة من التواجد العسكري في دولة أخرى ووقف التكاليف المالية والبشرية المتزايدة”.
تفاقم حالة انعدام الأمن بعد الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان؛ ذريعة لإظهار فائدة الوجود العسكري في هذا البلد طيلة عقدين من الزمن.
و أشار الخبير في الشؤون الأفغانية إلى أنه في نفس الوقت الذي تم اعلان انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، نشهد تصعيداً لانعدام الأمن من قبل طالبان وسقوط أكثر من 80 مدينة في يد هذه المجموعة، أكّد: “لقد أعطت هذه التصرفات من قبل طالبان الفرصة لواشنطن للترويج في وسائل إعلامها بأن إعلان قرار الجيش الأمريكي الانسحاب من أفغانستان، أدخل البلاد فعلياً في ورطة جديدة من انعدام الأمن والعنف؛ ولذا فإن أمريكا تستغل اليوم هذا الوضع لتؤكد بأن وجودها كان فاعلاً خلال عقدين في أفغانستان.”
وختاماً أضاف الخبير: “بمعنى آخر، تحاول أمريكا تصوير وجودها في أفغانستان على أنه دور لإرساء الاستقرار في البلاد و ردع طالبان، وأن تقول بأن الآن بعد مغادرة أمريكا، يجب على الدول التي كانت تريد انسحاب أمريكا، مثل إيران، أن تكون قادرة على احتواء مجموعة مثل طالبان. في حين لم تلعب أمريكا دور الرادع قط.”
0 تعليق