المجلس الاستراتيجي، آنلاين – حوار: أشار أحد الأساتذة الجامعيين إلى أن رئيس الوزراء العراقي يسعى لإيجاد حل لبعض مشاكله الاقتصادية الكثيرة من خلال السعودية والدول العربية مؤكداً أن السعودية بدورها شعرت أن عليها التغلغل في العراق من خلال تقديم الدعم الاقتصادي لهذا البلد.
في حوار أجراه معه موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية أكد الدكتور رضي عمادي أن زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للسعودية تتضمن عدة نقاط أساسية مشيراً إلى أن الكاظمي يسعى من أجل إبراز الدور القومي أو العربي وإظهار الطابع العروبي القومي للعراق على حساب الدور الديني لهذا البلد.
وأضاف قائلاً: “يعمل الكاظمي على تدعيم وتعزيز علاقات العراق مع الدول العربية، حيث يسعى خلال الأشهر الأحد عشر التي قضاها في رئاسة الوزراء مراراً لزيارة السعودية بل أنه كان يصر أن تكون زيارته الخارجية الأولى للسعودية ولكن ذلك لم يتم بالطبع.”
كما اعتبر هذا الخبير والمحلل لشؤون غرب آسيا أن أهم تحدٍ يواجه الكاظمي في العراق هو التحدي الاقتصادي مشيراً إلى أنه لو تمكن من مواجهة هذا التحدي وإيجاد حل له أو معالجته نوعما فإنه سيضمن بقاءه في السطة ولكن إن فشل في ذلك ولم يتمكن من التصدي لهذا التحدي فعليه أن يترك السلطة عاجلاً، لذلك فإن الكاظمي لجأ إلى الدول العربية الغنية مثل السعودية والإمارات لتحقيق هذا الهدف حيث شهدنا أن جميع الاتفاقيات التي وقعها خلال زيارته الأخيرة للسعودية كانت ذات طابع اقتصادي.
مساعي الكاظمي للاستفادة من المصادر المالية للسعودية
وأضاف عمادي قائلاً: يسعى الكاظمي إلى الاستفادة من المصادر المالية السعودية، وكان قد وقع سابقاً اتفاقيات مع الحكومة السعودية يتم بموجبها منح مساحات من الأراضي العراقية في غرب وجنوب البلاد لتنفذ السعودية مشاريع زراعية وتربية المواشي هناك، كما أن السعودية أعلنت خلال هذه الزيارة إيداع 3 مليارات دولار في الصندوق المشترك بين العراق والسعودية، وهذا كله يدل على أن الكاظمي يسعى لحل بعض مشاكله الاقتصادية الكثيرة من خلال السعودية والدول العربية.
وأشار الأستاذ الجامعي عمادي إلى أن لدى العراق حوالي 8 ملايين موظفاً لا تكفي إيرادات العراق من بيع النفط لتسديد رواتبهم الشهرية وأضاف أن السعودية لها دوافع عديدة لتعزيز علاقاتها مع العراق رغم أن هذه العلاقات كانت مقطوعة بينهما منذ 25 عاماً ولم تكن السعودية راضية عن سقوط النظام البعثي الصدامي في بغداد لأن هذا النظام كان يشكل سداً أمام تغلغل الجمهورية الإسلامية.
وأكد أن السعودية تسعى من خلال تعزيز علاقاتها الاقتصادية أو أي نوع آخر من العلاقات مع العراق إلى التأثير على الوجود الإيراني في هذا البلد، وهو ما يدركه الكاظمي أيضاً.
وأردف عمادي يقول إن فصائل المقاومة العراقية تعارض توجهات الكاظمي كما أنه يتعرض لضغوط أميركية وكلما انخفض حجم تمثيل هذه الفصائل في هيكلية السلطة العراقية فإن مهمة الكاظمي ستكون أسهل في إدارة الحكومة العراقية، وهكذا فإن السعودية ترغب في تعزيز علاقاتها مع العراق لتضمن مكانتها في ساحة التنافس الاقليمي كما أن الكاظمي يسعى للبقاء في السلطة من خلال البحث عن سبل حل لمشاكله الاقتصادية عن طريق تعزيز مثل هذه العلاقات.
الأطماع السعودية في العراق
كما أكد هذا الخبير بشؤون غرب آسيا على أهمية هذه الزيارة وسعي الطرفين لتحقيق نتائجها قائلاً “إن جدوى هذه الزيارة وأهمية نتائجها ستتحدد في المستقبل ومع مرور الزمن، إلا أن السعودية تسعى من خلال هذه الخطوات والاستثمارات الاقتصادية إلى توسيع موطئ قدمها في العراق وتغلغلها في هذا البلد على حساب موقع ومكانة الجمهورية الإسلامية في العراق ومحاولة التأثير السلبي عليها إن أمكن.”
وأشار عمادي إلى تصريحات الكاظمي التي أكد أنه نجح في إقامة علاقات مع إيران وكذلك مع تركيا والسعودية على حدٍ سواء وأضاف قائلاً: “بالطبع فإنه حقق نجاحاً نسبياً بهذا الشأن ولكنني أعتقد أنه يتابع مسألة تعزيز العلاقات مع السعودية وتركيا أكثر مما يتابعه بشأن إيران لأن العلاقات بين العراق وإيران على مستوى جيد منذ السابق بعكس العلاقات مع تركيا والسعودية التي تميزت بحالات مد وجزر خلال السنوات المنصرمة وهو يسعى مؤخراً إلى تعزيز علاقات بلده مع هاتين الدولتين.”
تصدير الطاقة الكهربائية من السعودية للعراق
أشار عمادي إلى اتفاق الرياض وبغداد بشأن تصدير الطاقة الكهربائية إلى العراق وقال إن السعودية وافقت على تأمين جزء من حاجة العراق للطاقة الكهربائية رغم أن الحكومة العراقية لازالت مَدينة لإيران بهذا الخصوص ولم تسدد مستحقاتها من هذه الديون.
وفي جانب آخر من الحوار أشار عمادي إلى المواقف المتباينة التي اتخذتها الفصائل والمجموعات السياسية العراقية حيال هذه الزيارة وأكد وجود هذا التفاوت في المواقف السياسية حيث أشار إمام جمعة بغداد إلى التاريخ الأسود للسعودية في العراق إلى جانب ترحيب مقتدى الصدر والتيار الصدري بهذه الزيارة.
وأضاف: “إن معارضي هذه الزيارة ينظرون إلى السعودية من الناحية الأمنية وهم يعتقدون أن السعودية دأبت منذ السابق على إيجاد حالة اللا أمن في العراق وإشاعة الفوضى فيه وهي تحاول اليوم من خلال الاقتصاد إشاعة هذه الفوضى واللا أمن في البلد وتضعيف حكومته المركزية من خلال دعمها للإرهاب الداعشي.”
كما أن عمادي أشار إلى تعيين شخصية غير مرغوبة كسفير السعودية في العراق بعد 25 سنة من قطع العلاقات بين البلدين وأكد أن جزءً واسعاً من الفصائل السياسية العراقية لا تثق أبداً بالسعودية كما أنه لا وجود للإجماع السياسي بشأن إلزام الكاظمي بعدم التحرك نحو تدعيم علاقات العراق مع السعودية وذلك لوجود اختلاف كبير في وجهات النظر بينهما بهذا الشأن.
0 تعليق