المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً أنها ستشكل تحالفاً بحرياً إقليمياً لمواجهة هجمات أنصار الله اليمنية في البحر الأحمر. تحالف أظهر ضعفه منذ البداية بعدم مرافقة الدول العربية، ومن بين الدول العربية انضمت إليه البحرين فقط.
في حواره مع الموقع الإلكتروني للمجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية أشار سيدرضا ميرطاهر، الخبير في القضايا الاستراتيجية، إلى المساعي الأمريكية لتشكيل تحالف بحري في البحر الأحمر، خاصة في مضيق باب المندب حول اليمن، وقال: “الهدف المزعوم لهذا التحالف البحري هو الحفاظ على حرية الملاحة وأمن السفن والتصدي لهجمات حركة أنصار الله اليمنية”.
وأوضح ميرطاهر أن هذه القضية مرتبطة بشكل مباشر بتطورات حرب غزة وأوضح: “نظراً لاستمرار حرب غزة وخاصة تكثيف هجمات الكيان الصهيوني ضد أهل غزة وقتلهم وعدم حصولهم على الدواء والغذاء وحتى مياه الشرب، حاولت جماعة أنصار الله اليمنية منع حركة أي نوع من السفن باتجاه فلسطين المحتلة، وخاصة ميناء إيلات شمال البحر الأحمر. كما استهدفت هذه القوات عدة سفن بهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ واستولت على سفينة أو سفينتين”.
وبحسب هذا الخبير، وبالنظر إلى أن ما لا يقل عن 12% من التجارة العالمية تتم عبر قناة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، فإن هذه القضية لا تطاق بالنسبة للغربيين، وكان من المتوقع بالفعل أن ترد الولايات المتحدة إذا استمر هذا الإجراء من قبل اليمن.
وتابع ميرطاهر: “صرح عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله بوضوح أنهم مستعدون لمواجهة أمريكا وإسرائيل وليس لديهم أدنى خوف من ذلك. وهذا رغم رفض الأميركيين التدخل في حرب اليمن في وقت سابق خلال حرب التحالف السعودي ضد اليمن، رغم طلبات الرياض المتكررة، بل وحتى تم رفع حركة أنصار الله من قائمة الجماعات الإرهابية في بداية رئاسة جو بايدن في عام 2021.
وقال هذا الخبير في القضايا الاستراتيجية: “يبدو أن ساحة الصراع العسكري الأمريكي والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مع حركة أنصار الله قد تتشكل اليوم؛ وإذا استمر الوضع على هذا المنوال وأصرت حركة أنصار الله على عدم السماح بمرور السفن باتجاه فلسطين المحتلة، وخاصة ميناء إيلات، فإن هذا الموضوع سيؤدي بالتأكيد إلى ردة فعل الغربيين”.
وأكد: “حالياً وظيفة السفن الحربية والطوافات القتالية الغربية المتمركزة في البحر الأحمر، سواء في جنوب البحر أو شماله، هو اعتراض الطائرات المسيّرة أو صواريخ كروز أو الصواريخ الباليستية التي تطلق من اليمن باتجاه فلسطين المحتلة؛ وإذا أخذت هذه القضية طابعاً هجومياً، بالنظر إلى وجود حاملة طائرات أيزنهاور في محيط اليمن، فمن المتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد أهداف مختلفة في اليمن.
وفي إشارة إلى مواقف حركة أنصار الله، قال ميرطاهر: “على ما يبدو ليس لديهم أي خوف من الحرب مع الولايات المتحدة، ويمكن التنبؤ بأن هذه الهجمات من قبل الولايات المتحدة لن تمنع استمرار الهجمات اليمنية وجعل البحر الأحمر غير آمن للسفن وناقلات النفط أو السفن التجارية التي تتجه نحو إسرائيل”.
وأكد خبير القضايا الاستراتيجية أن هذه القضية ستؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وبالتالي تؤدي إلى خطر توسيع الصراعات في المنطقة بأكملها.
ومضى يؤكد أن الولايات المتحدة شكلت تحالفات دون إذن مجلس الأمن لمرات عديدة، وقال: “على سبيل المثال، تم تشكيل تحالفين، ACOS وQUAD، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بحضور دول تلك المنطقة وبريطانيا لمواجهة الصين. النقطة المهمة هي أنه وفقاً لقرارات مجلس الأمن السابقة، فإن هذا المجلس في الأساس لا يعترف بحركة أنصار الله أو الحكومة المتمركزة في صنعاء كحكومة شرعية لليمن. ولذلك، إذا حدث أي عمل حربي لهذه الحركة في البحر الأحمر، فمن المحتمل ألا يُقابَل برد فعل إيجابي من مجلس الأمن”.
وفي الختام قال ميرطاهر: “بالنظر إلى أنه بالنسبة للصين، باعتبارها أكبر دولة مصدرة في العالم، فإن حركة المرور الآمنة في البحر الأحمر تمثل أولوية للاعتبارات التجارية والاقتصادية وحتى الجيوسياسية لهذا البلد، ويمكن التنبؤ بها في حالة نشوب صراع أو إحالة هذا الموضوع إلى مجلس الأمن، وعلى الأغلب إذا لم يواجه الفيتو الروسي سنرى بياناً من مجلس الأمن بهذا الخصوص”.
وخلص إلى أنه “في الوقت الحالي، يبدو أنه إذا اضطر الأمريكيون إلى مواجهة إجراءات حركة أنصار الله في البحر الأحمر، فمن المحتمل أن يؤدي هذا الأمر إلى زيادة التوترات العسكرية وتوسيع نطاق الصراعات في المنطقة”.
0 تعليق