المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال أستاذ العلاقات الدولية إنه رغم ما قيل من أن مهمة الناتو التدريبية لقوات الشرطة العراقية تهدف إلى منع داعش من استرجاع قدرته ثانية، إلا أن الناتو قرر بالفعل توسيع نطاق مهمته في العراق، وأضاف: إن الناتو، وبالأخص الولايات المتحدة، يسعى إلى اختراق البنية الاجتماعية للدول العربية، وخاصة العراق، وذلك لتحقيق أهدافه من خلال التكوين الفكري والتنظيمي للشرطة ضد المقاومة.
في حواره مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار الدكتور داود أحمد زادة إلى إن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الناتو قرروا، في أحد المؤتمرات، تدريب الضباط العسكريين والبحارة وضباط الشرطة المحليين في العراق، إلى جانب توسيع مهام الحلف في هذا البلد، مضيفاً: رغم ما قيل من إن هذه الخطوة كانت تهدف إلى منع داعش من استرجاع قدرته ثانية، إلا أن الناتو قرر في الواقع توسيع نطاق مهمته في العراق واختراق الطبقات الاجتماعية والثقافية العميقة في البلاد. كذلك في وقت سابق، كان أعضاء الناتو قد قرروا تعزيز وتوسيع وجودهم في العراق في قمة ويلز عام 2014 و قمة وارسو عام 2016 و قمة بروكسل عامي 2017 و 2018.
وأضاف أن مهمة الناتو الأولية في عام 2018 كانت تقديم المشورة لمسؤولي الدفاع والأمن في وزارة الدفاع، كما عملوا مع مكتب مستشار الأمن القومي ومركز العمليات المشتركة لمكتب رئيس الوزراء، وهم حالياً يعملون مع وزارة الداخلية وجهاز الشرطة الاتحادية من خلال توسيع نطاق نشاطهم. فالشرطة الاتحادية هي واحدة من أربع منظمات قتالية عراقية نشطة إلى جانب الجيش، والحشد الشعبي العراقي والوحدة الخاصة لمكافحة الإرهاب.
وقال الأستاذ الجامعي إن الناتو أعلن أنه يأخذ بعين الإعتبار زيادة اهتمامه بالتغيرات البيئية وسبل الحد من آثار هذه التغيرات في تدريبه للقوات العراقية، مشيراً إلى انتقادات الجماعات السياسية والأعضاء في البرلمان العراقي بشأن زيادة وجود ودور القوات العسكرية الأجنبية في البلاد، وتابع: “إنهم يصرون على أن العراق لا يحتاج إلى وجود قوات أجنبية على أرضه، وذلك لأنه يمتلك قوات أمنية وجيش وحشد شعبي قادرون على السيطرة على أمن واستقرار البلاد ومكافحة الإرهاب”.
وأكد أحمد زادة أن الولايات المتحدة تبحث عن ذريعة لزيادة دور قواتها العسكرية والأمنية في العراق، وأضاف: أن الناتو يطرح في كل مرة نهجاً جديداً لنشاطاته في العراق، وفي هذه الظروف، هناك غموض حول مهمة الناتو الرئيسية في العراق.
وقال إن السلطات الأمنية العراقية حاولت في الأشهر الأخيرة إسناد القضية الأمنية للمدن إلى الشرطة ونقل الجيش وقوات الحشد الشعبي إلى ثكنات خارج المدينة، واصفاً هذا الإجراء بأنه تمشياً مع اتفاقيات الجماعات السياسية العراقية في إطار ائتلاف “الإدارة الحكومية” خلال تشكيل حكومة شياع السوداني، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية والشرطة تولت العام الماضي القضية الأمنية للعديد من المحافظات.
ووصف الخبير في قضايا غرب آسيا الاستراتيجية الأمريكية بأنها سبب الخلافات الداخلية في هذا البلد، قائلاً: يسعى الأمريكيون إلى التدخل و إلى نوع جديد من الاحتلال في العراق، لكن جماعات المقاومة، باعتبارها الضامن لأمن العراق، حذرت مراراً وتكراراً من عواقب استمرار الاحتلال الأمريكي، وأضاف: ذكرت بعض وسائل الإعلام العراقية أن مسؤولين أمريكيين طالبوا في المفاوضات الأخيرة مع الجانب العراقي بحل الحشد الشعبي مقابل تسليم أسلحة متطورة للجيش العراقي.
وقال إن الولايات المتحدة تسعى لإضعاف جبهة المقاومة مع إضعاف التقارب العربي – الإيراني، وأشار: أن الناتو يحاول الآن لعب دور جاد في تدريب قوات الشرطة في العراق. هذا على الرغم من حقيقة أننا نشهد جهود الغرب لمواجهة محور المقاومة، وخاصة التعرف على شخصيات بارزة من حماس والجهاد الإسلامي وقدراتهم في المنطقة من خلال توظيف شرطة الدول وتدريبهم وتوسيع سيطرتهم الاستخباراتية.
وأضاف المحلل في قضايا غرب آسيا أن هذه الاستراتيجية قد تم طرحها صراحة في الأسابيع الأخيرة من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو. في الواقع، يسعى الناتو، وبالاخص الولايات المتحدة، إلى اختراق البنية الاجتماعية للدول العربية، وخاصة العراق، وذلك لتحقيق أهدافه من خلال التكوين الفكري والتنظيمي للشرطة ضد المقاومة.
وأوضح أحمد زادة نظرة الدول الغربية للعراق والجغرافيا السياسية لهذا البلد تاريخياً، مشيراً إلى أنه بعد سقوط نظام البعث وتعزيز مكانة الشيعة في العراق والعلاقات الوثيقة التي تشكلت مع إيران بسبب قضايا ثقافية وسياسية وتاريخية، حاولت الولايات المتحدة منع هذا التطور في العلاقات والتقارب مع إيران، وتحاول الآن أيضاً تعزيز استراتيجياتها الشاملة في العراق من خلال تعزيز نفوذها الاجتماعي والثقافي.
وأكد أن الولايات المتحدة تسعى إلى التأثير السياسي والأمني المستهدف في العراق لمواجهة تيارات المقاومة، في حين أدانت جماعات المقاومة في العراق مراراً الاحتلال الأمريكي واستهدفت القواعد العسكرية في البلاد، قائلاً: في مثل هذه الظروف، يحاول الناتو ، وبالأخص الفرنسيون، تكوين علاقات أقوى مع الحكومة المركزية العراقية من خلال تقديم الوعود، بما في ذلك المساعدة الاقتصادية وزيادة التعاون في المجال الأمني والعسكري. تحاول فرنسا و من خلال تدريب قوات الشرطة العراقية، خلق فجوة بين القوات المؤثرة في العراق عن طريق جعل الشرطة أكثر قوة ضد القوات المسلحة الأخرى في البلاد.
وقال الأستاذ الجامعي إن الخطة يجري متابعتها لخلق انقسام داخلي في العراق و بث الفرقة بين العراق وإيران، مضيفاً: إذا تم تقليص نفوذ القوى الأجنبية في العراق، فلا حاجة لتدريب وتوسيع علاقاتها الأمنية مع العراق. فكلما زادت الخلافات العرقية والقبلية والدينية في العراق واتسعت الفجوة بين الحكومة والقوى الشعبية ومحور المقاومة والحكومة، كلما تعززت إمكانية تواجد القوى المدمرة للمصالح الوطنية للعراق والقوات الأجنبية والناتو.
0 تعليق