وفي إشارة إلى بيان حزب الله اللبناني بشأن تحليق طائرة مسيرة لحزب الله الذي استغرق 40 دقيقة على عمق 70 كيلومتراً في الأراضي المحتلة، قال السيد رضا صدر الحسيني في مقابلة مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: بالنظر إلى التطورات الأخيرة في المنطقة، وكذلك التقدم الذي شهدناه من المقاومة، وخاصة في مجال الدفاع البري والجوي والبحري في اليمن، فقد انطلق هجوم إعلامي شرس يركز على أنه ما تم القيام به هو ذروة القوة الدفاعية للمقاومة.

وأضاف: في غضون ذلك، شهدنا اعتداء الکیان الصهيوني على بعض مناطق سوريا ولبنان، وحاولوا التشكيك في القدرات الاستراتيجية للمقاومة من خلال تغيير الأجواء الإعلامية، کما حاولوا أن يظهروا في عملية نفسية إعلامية واسعة النطاق أن القدرة الدفاعية والعسكرية للمقاومة وصلت إلى طريق مسدود. والواقع أن تحليق طائرات حزب الله المسيّرة فوق المناطق الإستراتيجية للکیان الصهيوني وعملية التصوير قد فند كل التعتيم الإعلامي الذي قاموا به.

وأكد خبير شؤون غرب آسيا: تُظهر هذه الخطوة الشجاعة أعلى مستوى من الجهوزية والقدرة العملياتية لحزب الله للوصول إلى عتبة الخطوط التكنولوجية لتصنيع الطائرات بدون طيار، والتي استطاعت أن تقدم مكانة واستراتيجية جديدة في المعادلات الإقليمية للمقاومة. وهذا تحد كبير للکیان الصهيوني حيث يشعر أنه تحت المراقبة دائماً.

وفي إشارة إلى تصريحات السيد حسن نصر الله وإعلانه أن حزب الله تمكن من الوصول إلى أحدث مستوى من التكنولوجيا لإنتاج الطائرات المسيرة والطائرات الشبحية، قال صدر الحسيني: في اليوم الذي أعلنوا فيه أن أي دولة مهتمة بشراء طائرة بدون طيار من صنع حزب الله يمكنها تقديم طلب، كان رد فعل البعض متشككاً. لكن وسائل إعلام لبنانية ذكرت في الأيام الأخيرة أن الطائرة التي حلّقت فوق الأراضي المحتلة صنعت بناء على طلب إحدى الدول، وأن الرحلة كانت في الواقع اختباراً لجودة أدائها.

وأكد على تغيير المعادلات الأمنية للمنطقة مع الإنجازات التكنولوجية لحزب الله واختراق القبة الحديدية للکیان الصهيوني، وتابع: من خلال هذا الإجراء، فإن مدى قدرة المقاومة في مجال التقنيات الفائقة والمتقدمة، خاصة في مجال الطائرات المسيّرة، غير واضح تماماً للکیان الصهيوني. هذا الموضوع سيكون له تأثيرات كبيرة في مجال الدفاع والهجوم الجوي والتحديد الدقيق للمراكز الحساسة للكيان الصهيوني.

الردع العسكري والاقتصادي لحزب الله

و مذكراً بالمستقبل الواعد للتطورات في المنطقة وموقف المقاومة في تكوينها، أشار صدر الحسيني إلى التقدم الحاسم للمقاومة الفلسطينية في الحرب الأخيرة مع الکیان الصهيوني، وأردف قائلاً: يبدو أن «حزب الله» استطاع أن يدير بشكل جيد الضغوط العديدة التي مورست ضده على الأقل العام الماضي، بعد الانفجار المشبوه لميناء بيروت، کما تمکن من تحقيق ردع عسكري كامل مع الحفاظ على قدراته. وفي المجال الاقتصادي، من خلال توفير الوقود الذي تحتاجه المراكز الخدمية والصحية المهمة في لبنان، وكذلك عامة الناس في هذه الدولة، فقد حقق الردع الاقتصادي أيضاً.

وأضاف محلل شؤون غرب آسيا أن هذه ليست المرة الأولى التي تعبر فيها طائرات الشبح التابعة لحزب الله الأراضي المحتلة وتقوم بعملية استخباراتية على المراكز الحساسة للنظام الصهيوني، وتابع: قال الأمين العام لحزب الله إن لديهم الآن آلاف الصواريخ الباليستية عالية الدقة ومئات من الطائرات المسيّرة المتطورة، وجميعها منتجة ومصنوعة محلياً من قبل خبراء محليين؛ بعد هذه التصريحات، كانت العملية الأخيرة بمثابة ختم تصديق على هذه الإنجازات، وعززت الردع العسكري لحزب الله وجبهة المقاومة.

ومشيراً إلى أن العودة الآمنة لطائرة حسان المسيّرة إلى قاعدتها رغم تفعيل الدفاع الجوي والقبة الحديدية فضحت هذا النظام الدفاعي، تابع بالقول: إن بعض دول الخليج الفارسي، التي تتنافس وتدفع مليارات الدولارات لشراء نظام القبة الحديدية، باعتبار أنها ستحميها، يتعيّن عليها اتباع تفاصيل هزيمة الكيان الصهيوني ضد طائرات المقاومة المسيّرة وإعادة النظر في مقارباتها.

ومؤكداً على أن تسلل طائرات حزب الله المسيّرة إنجاز نوعي للمقاومة في الحرب النفسية واعترف به خبراء العدو، تابع صدر الحسيني: اليوم جبهة المقاومة جبهة موحدة كالأصابع المتشابكة. في الواقع المقاومة اللبنانية كجزء من جبهة المقاومة، كانت رائدة واستطاعت النهوض بنشاطاتها في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية كقوة دافعة للمقاومة. تعتبر الخطوة الأخيرة أيضاً نموذجاً لافتاً لاستلهام المناطق الأخرى من جبهة المقاومة.

المقاومة أسوة للمواجهة والتقدم

وأشار الخبير في شؤون غرب آسيا إلى مواقف المجموعات الأعضاء في جبهة المقاومة في مختلف الدول الداعمة لحزب الله، مضيفاً: إن المقاومة وحزب الله رغم تعرّضهما لأقسى الهجمات من قبل الاستكبار العالمي، لايزالان نموذجاً للمواجهة والتقدم، وهما يرسمان معادلات جديدة.

وأشار إلى جهود بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتابع: اتضح للجميع اليوم أن هذا الكيان لم يستطع التصرف بشكل حاسم للحفاظ على أمنه، فكيف سيجلب الأمن للإمارات أو البحرين في هذا الوضع! على دول المنطقة التابعة أن تسعى إلى إرساء الأمن من خلال التقارب مع دول المنطقة وعدم السماح للكيان الصهيوني بدخول المنطقة بحجة توفير الأمن.

وحول التغيير في معادلات المنطقة، رغم آلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة وتسلل حزب الله إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لمسافة 70 كيلومتراً، قال صدر الحسيني: لقد حدث التغيير في ميزان القوى ويتقدم يوماً بعد يوم، واعترف النائب السابق للموساد أيضاً بأن الكيان الصهيوني يجب أن يستعد لمواجهة الفترة الصعبة من هجمات الطائرات المسيّرة.