المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: أهمية اتفاقية إيران لتبادل الغاز مع تركمانستان وجمهورية أذربيجان والفرص والمزايا التي توفرها أثارت قلق الكيان الصهيوني؛ لأن هذه الاتفاقية تتناقض مع المشاريع الصهيونية في المنطقة والتي تهدف إلى تخريب علاقات إيران الخارجية وإضعافها خاصة مع دول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز.
برسام محمدي ـ خبير في الشؤون الإقليمية
يُعَدّ السعي إلى الحيلولة دون تطوير الجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقاتها الإقليمية مع جيرانها العرب وغير العرب من الإستراتيجيات طويلة الأمد التي يتبناها الكيان الصهيوني لإضعاف الموقع الإقليمي لإيران التي يعتبرها أكبر تهديد إستراتيجي لنفسه. في هذا السياق، يستغل الكيان الصهيوني أي فرصة للإضرار بالعلاقات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا يتوانى عن أي مسعى للإخلال بعلاقات إيران الخارجية في مجال التعاون الاقتصادي ـ التجاري والسياسي ـ الأمني.
كتبت صحيفة “جروزالم بوست” الصهيونية في تقرير: “هذه اتفاقية مهمة من شأنها أن تمنح إيران مزيداً من القوة تجاه آسيا الوسطى وأن تمهد لتقارب أكبر بين إيران وكل من تركيا وجمهورية أذربيجان … لا تقتصر اتفاقية تبادل الغاز على نقل بضع ملايين متر مكعب من الغاز، بل يجب إيلاء الاهتمام بالجوانب الأخرى لهذه الاتفاقية باعتبارها خطوة نحو الأمام لتغيير معادلات سوق الغاز في المنطقة. قد تترتب على تفعيل هذه الاتفاقية تداعيات كبيرة في السنوات المقبلة”.
اتفاقية تبادل الغاز الثلاثية بين إيران وتركمانستان وجمهورية أذربيجان
في إطار سياسة توسيع “علاقات الجوار”، شهدنا مؤخراً عقد اتفاقية “تبادل الغاز” بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتركمانستان وأذربيجان.
تعني عقود “تبادل الغاز” أن تتسلم الحكومة أو القطاع الخاص الغاز من دولة مجاورة في إحدى النقاط الحدودية وتسلّم إزاءه الغاز إلى أشخاص أو شركات أو الحكومة في دولة أخرى عبر الحدود. إذن، يختلف تبادل الغاز تماماً عن ترانزيت أو نقل الغاز عبر الأنابيب.
مفاد الاتفاقية
إن الاتفاقية التي وقع عليها وزراء نفط الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتركمانستان وجمهورية أذربيجان على هامش القمة الخامسة عشر لمنظمة إكو، تقضي ببيع تركمانستان إلى جمهورية أذربيجان ما بين 5 إلى 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً (ما يعادل 1.5 إلى 2 مليار متر مكعب سنوياً) وستقوم إيران بتسليم هذا الغاز لأذربيجان. بعبارة أوضح، تستورد إيران الغاز من تركمانستان عبر منطقة سرخس الحدودية لاستهلاكها الداخلي، وفي المقابل ستسلم نفس الكمية من الغاز من شبكتها الداخلية للغاز إلى أذربيجان عبر حدود آستارا. ستدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ أواخر شهر ديسمبر الحالي لفترة غير محدودة.
أهمية تبادل الغاز ومزاياه
تُعتبر الاتفاقية المبرمة بين طهران وعشق آباد وباكو صفقة رابح – رابح. ويجب البحث عن أهمية تبادل الغاز في “المكاسب” التي يوفرها للدول الثلاث الأطراف ومن ضمنها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
من منظور شامل، تؤدي هذه الاتفاقية بغض النظر عن مزاياها الاقتصادية إلى توسيع العلاقات متعددة الأطراف والتعاون الإقليمي؛ الأمر الذي يتسق مع إطار وخارطة طريق السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة. حيث أنه بالرغم من المنافسات المعقولة والمنطقية، يعتبر التعامل والتعاون مع دول الجوار أمراً مرحباً به للغاية.
تتضمن هذه الاتفاقية مكاسب ومنافع للجمهورية الإسلامية الإيرانية من الناحيتين الاقتصادية والسياسية.
المزايا الاقتصادية
– تسهيل تحول إيران إلى قطب الطاقة في المنطقة بالنظر لكون الاتفاقية طويلة الأمد؛
– إزالة الهواجس المتعلقة بتوفير الوقود لخمس محافظات في الشمال والشمال الشرقي في إيران؛
– إحياء التعاون مع تركمانستان في مجال الغاز بعد توقف دام لخمس سنوات؛
– تطوير التعاون الاقتصادي مع دول الجوار؛
– تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي؛
– تخفيف آثار العقوبات نتيجة الدخول في اتفاقيات إقليمية في مجال الطاقة؛
– تطوير الأنشطة التجارية المرتبطة بالداخل الإيراني؛
– إمكانية استخدام خط أنبوب تاناب الذي يربط حقل شاه دنيز في باكو ـ عبر تبليسي ـ و أرضروم في تركيا وأوروبا.
المزايا السياسية
– تعزيز علاقات إيران السياسية مع وتركمانستان وأذربيجان؛
– زيادة قدرة التفاوض في معادلات المنطقة الحالية مع اللاعبين الإقليميين والدوليين؛
– زيادة الثقل السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية وقدرتها على المناورة خاصة في منطقة آسيا الوسطى وجنوب القوقاز؛
– عرض النموذج المقبول لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتنافس والتعاون سوية؛
– اتخاذ خطوات إلى الأمام لضمان المصالح الوطنية الإيرانية.
في نفس الوقت، لا تقتصر هذه الاتفاقية على نقل 2 مليار متر مكعب من الغاز بين الدول الثلاث، بل تشمل من الناحية الإستراتيجية ـ وفضلاً عن تبادل الغاز مع تركمانستان وأذربيجان ـ ميزة مهمة ومفصلية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. حيث أن هذه الاتفاقية تسهل ربط إيران بمحور لازورد الذي يربط أفغانستان بقلب أوروبا. حيث أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت قد أقصيت من هذا المحور سابقاً.
الحصيلة
أهمية اتفاقية إيران لتبادل الغاز مع تركمانستان وجمهورية أذربيجان والفرص والمزايا التي توفرها أثارت قلق الكيان الصهيوني؛ لأن هذه الاتفاقية تتناقض مع المشاريع الصهيونية في المنطقة والتي تهدف إلى تخريب علاقات إيران الخارجية وإضعافها خاصة مع دول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز.
بينما يسعى الكيان الصهيوني إلى خلق حالة “تباعد” بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجيرانها خاصة جمهورية أذربيجان وتركيا، تعزز اتفاقية تبادل الغاز مع تركمانستان وأذربيجان التعاون الإقليمي، وتسهل “التقارب” بين إيران وجيرانها خلافاً لما تريده تل أبيب.
0 تعليق