المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار محلل في الشأن السعودي إلى توجه السعودية نحو الاستثمار في المجالات التكنولوجية الحديثة، قائلاً: "عقد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بمشاركة هذا العدد من المدعوين هو مسعى من قادة السعودية لتلقين أن البلد قد عاد إلى مرحلة الاستقرار والأمان".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، لفت سجاد محسني إلى عقد مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” السنوي أو ما يُعرَف بـ “دافوس الصحراء”، مضيفاً: “عقدت السعودية مؤخراً النسخة الخامسة لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض بحضور خمسة آلاف مشارك ضمن ألفي وفد تضم رؤساء ومستثمري الشركات. ورغم أن الحدث لافت من ناحية أعداد المشاركين، لكنه لم يكن الأول من نوعه”.
رؤية طويلة الأمد تجاه الاستثمار في مجال التكنولوجيات الحديثة
وأضاف: “خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد وصول محمد بن سلمان للسلطة ووضع رؤية 2030، عُقدت الكثير من المؤتمرات الاقتصادية بشأن التكنولوجيات الحديثة. وبغض النظر عن التفاصيل المتعلقة بعقد هذا المؤتمر، يمكن رصد عدة أهداف وراء إقامة هذا الحدث تكشف في مجملها عن رؤية طويلة الأمد إلى الاستثمار في مجال التكنولوجيا في السعودية”.
وأردف الخبير في الشأن السعودي قائلاً: “تعي السعودية جيداً أن أفضل طريقة لتعزيز أمنها الإقليمي هي خلق شبكة مؤلفة من لاعبين يستفيدون من وجود هذه الدولة. ولذلك، فإن إيجاد “شبكة عصبية اقتصادية” مبنية على الحساسية المتبادلة يكون ناجعاً لها”.
ولمح محسني إلى مساعي الحكومة السعودية لنقل 480 مقراً إقليمياً إلى الرياض في غضون العشر سنوات المقبلة، موضحاً: “عبر هذه الخطوة، تسعى الحكومة السعودية إلى تشبيك لاعبين وشركات كبرى متعددة بحيث يبدي هؤلاء اللاعبين حساسية وردة فعل تجاه تعرض السعودية لأي تهديد أمني. والترابط أهم أداة لتحقيق هذا الهدف”.
واعتبر الرياض من العواصم الإقليمية القلائل التي تشهد زيارات دبلوماسية كثيفة، قائلاً: “يعود جزء كبير من هذه الزيارات الدبلوماسية إلى تسهيل الظروف الاقتصادية المتبادلة”.
وأضاف محلل الشأن السعودي: “السبب الآخر وراء اهتمام السعودية بوضع رؤية طويلة الأمد للاستثمار في مجال التكنولوجيات الحديثة قد يكون التعرف على المستثمرين والمبتكرين لاستقطابهم والنشاط في مشروع مدينة نيوم. و بناءاً على رؤية السعودية طويلة الأمد، لا تحتاج مدينة نيوم إلى التكنولوجيات الحديثة فحسب، بل وإلى سكان من أنحاء العالم. ويأتي النخب والمواطنين من الدرجة الأولى في مقدمة من يُرحَّب بهم في هذه المدينة كسكان. إذن، يساعد هذا المؤتمر على التعرف إلى النخب وبدء المشاورات لاستقطابهم”.
وأشار محسني إلى ما صدر عن الهيئة الملكية لمدينة الرياض بشأن قرار 44 شركة عالمية اتخاذ الرياض مقراً إقليمياً لها كونها أكبر مدينة اقتصادية في المنطقة، قائلاً: “تسعى السعودية من خلال عقد مثل هذه المؤتمرات إلى البرهنة على أمن الاستثمار فيها. يقال إن الرأسمال جبان ويفضل الكثير من المستثمرين الاستثمار في أماكن تتمتع بأمان مضمون”.
وأردف قائلاً: “خوض السعودية حرب اليمن، وقطع علاقاتها مع إيران وقطر، وقتل جمال خاشقجي، وتنامي التوترات الإقليمية التي يكون هذا البلد طرفاً فيها، أثرت سلباً إلى حد ما على ذهنية كون السعودية بلداً آمناً للاستثمار. إذن، يُعَد عقد هذا المؤتمر بمشاركة هذا العدد من المدعوين مسعى من قادة السعودية لتلقين أن البلد قد عاد إلى مرحلة الاستقرار والأمن”.
وتطرق محسنى إلى تأكيد السعودية على تعليق العقود الحكومية من بداية عام 2024 مع كل شركة خارجية يقع مقرها الإقليمي خارج السعودية، مضيفاً: “تبذل السعودية، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، جهداً كبيراً للاستثمار في البنى التحتية التكنولوجية الحديثة. ويقع الذكاء الاصطناعي في بؤرة هذه الاستثمارات. حكومة الرياض بحاجة إلى إقناع الشركات الرائدة في هذا المجال للنشاط في السعودية؛ لأنه ومن خلال هذه الخطوة تضمن الحصول على التكنولوجيا الحديثة من جهة، وخفض تكاليف ذلك من جهة أخرى”.
وأكد محلل الشأن السعودي: “تدرك الحكومة السعودية جيداً أن أحد الجوانب المميِّزة للقوة في المستقبل هو مدى استخدام التكنولوجيات الحديثة”.
وإذ أشار إلى تداعيات تفشي كورونا على الاقتصاد السعودي، قال: “جائحة كورونا العالمية هي أحد أهم الأسباب التي دفعت الحكومة السعودية إلى خفض وتيرة الخطط الاقتصادية المبنية على التشبيك، أما اليوم وبالتزامن مع زوال القيود الصحية نسبياً يُتوقَّع أن تُعقَد مؤتمرات أكثر عدداً وأقوى جودة من هذا النوع، خاصة وأن السعودية حاولت خلال السنوات الأخيرة تهيئة مناخ مناسب لاستقطاب المستثمرين من مختلف الدول عبر إزالة الكثير من القيود الاقتصادية”.
0 تعليق