المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: في شرحه لأهم الفرص والتحديات التي تواجه الاقتصاد التركي، قال رئيس بيت الإقتصاد والتجارة الإيرانية التركية: على الرغم من أن تركيا أحرزت تقدماً في التجارة، وخاصة الصادرات، خلال 19 عاماً من حكم أردوغان وحزبه وتربّعهم على السلطة، إلا أن وجود أكثر من 70 مصرفاً أجنبياً فيها قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية للدولة من خلال فرض العقوبات.
وفي حديثه للموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال سيد جلال إبراهيمي، إن التقلبات في سعر الليرة التركية تربك التجار والصناعيين في تركيا منذ فترة طويلة، وتحديداً أعاقت تقييمها مقابل الدولار واليورو؛ وأضاف: يحدث هذا في وقت تستمر فيه الفوضى الاقتصادية والأزمات في الأسواق العالمية، وتستمر مؤشرات البورصات العالمية في تسجيل أرقام قياسية جديدة في مختلف المجالات.
وأضاف في إشارة إلى تقلبات أسعار السلع والمواد الخام وما ينتج عنها من مخاطر على أصحاب القرار الاقتصادي، قائلاً: إن تداعيات تفشي فيروس كورونا، وإغلاق الشركات الصغيرة وإرباك أصحاب الصناعة في توريد المواد الخام، كلها تؤثر على الأعمال التجارية الكبيرة وتمنع الاقتصاد من الانتعاش؛ لأن التواجد والحركة في المبيعات الصغيرة يخلقان موجات اقتصادية كبيرة.
تحديات الليرة مقابل اليورو والدولار
قال المحلل في الشؤون الاقتصادية التركية: في مثل هذه الحالة، فإن تركيا مدينة للبنك الدولي وعليها سداد ديونها بالدولار؛ لذلك، فإن أي تقلبات تؤثر على مبلغ هذه الديون. بالإضافة إلى ذلك، تحقق تركيا معظم مبيعاتها في مجال السوق الأوروبية المشتركة باليورو، وفي الواقع تتلقى اليورو وتسدد المدفوعات بالدولار.
وتابع إبراهيمي: إن عملية تحويل اليورو إلى الدولار تتضمن بعض التكاليف للبنك المركزي التركي والتجار. في ظل هذه الظروف، إذا أخذنا في الاعتبار عدم وجود طلبات جديدة في المنسوجات والصناعات الغذائية، والتأخير في المدفوعات من قبل العملاء الأوروبيين ودول أخرى، فإن الليرة التركية وقيمتها مقابل الدولار ستواجه وضعاً صعباً في المستقبل.
تنافس الصين وتركيا على السوق الأوروبية
ووصف توقف الطلبات خلال كورونا وتزايد المنافسة التركية مع الصين كعوامل مهمة تؤثر على الاقتصاد التركي، وأوضح: إن فرنسا وبريطانيا وضعتا تركيا على القائمة الحمراء للمقاصد السياحية بسبب انتشار كورونا، وفي هذا السياق واجهت تركيا انخفاضاً بنسبة 67٪ في عدد السياح، وهو ما كان له تداعيات عدة في مجالات مختلفة. أدى وضع هذه القضايا معاً إلى خفض قيمة الليرة.
وفي إشارة إلى جهود تركيا في اختراق أسواق الدول الأوروبية والتحديات التي تواجهها، قال إبراهيمي: في السنوات الأخيرة، سيطرت الصين على بعض الأسواق التركية في المنطقة وحاولت إيصال بضائعها إلى سوق الطلب بشكل أسرع من خلال إنشاء العديد من المستودعات الواسعة في أوروبا. بهذا الإجراء، تقوم الصين أحياناً بتسليم البضائع إلى أوروبا أسرع من تركيا! وقد أثر ذلك على الاقتصاد التركي، ونحن نشهد هذه التقلبات في اقتصاد هذه الدولة.
قال رئيس بيت الإقتصاد والتجارة الإيرانية التركية إن تركيا زادت بشكل كبير من البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية وشبكات النقل الجوي والبحري خلال السنوات الثمانية عشرة الماضية لتلعب دوراً محورياً في الأسواق الإقليمية؛ وتابع: تحتل تركيا مكانة خاصة اقتصادياً أو عسكرياً أو تجارياً أو بشكل عام استراتيجياً ولوجستياً من حيث موقعها بين القارات الإستراتيجية الثلاث في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
وأوضح الخبير في الشؤون التركية: على الرغم من كل المشاكل الاقتصادية الناجمة عن توقف الإنتاج في بعض المجالات بسبب انتشار كورونا وارتفاع أسعار الفائدة المصرفية، تحاول تركيا ترسيخ نفسها كمركز للصادرات إلى ثلاث قارات في آسيا وأوروبا وأفريقيا.
أفاد إبراهيمي: على الرغم من أن تركيا، في 19 عاماً من حكم أردوغان وحزبه، أحرزت تقدماً في التجارة، خاصة في مجال الصادرات، ليصل إجمالي التداول إلى 200 مليار دولار، إلا أن وجود أكثر من 70 بنكاً أجنبياً تم تأسيس معظمها لمساعدة المستثمرين في بلدهم الأم، قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية لهذه الدولة من خلال فرض العقوبات.
في إشارة إلى بعض السياسات الإقليمية والدولية لتركيا وتأثيرها على اقتصاد هذه الدولة، وصف التوترات الأخيرة بين أنقرة والدول الأوروبية، بأنها جاءت في سياق الاستهلاك المحلي، وقال: كان تحذير رجب طيب أردوغان الشفهي إلى السفراء الغربيين البارزين لتبرير وتغطية الأوضاع الاقتصادية لتركيا، وهبوط الليرة، والتضخم المنفلت، وضغط أحزاب المعارضة على أردوغان لإجراء انتخابات مبكرة، و القضايا الكردية في شرق تركيا، وتكاليف انتشار القوات في إدلب، و ارتفاع موجة البطالة بين الشباب، والعشرات من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الصغيرة والكبيرة.
وفي إشارة إلى القوانين التقييدية الأخيرة في مجال تسجيل العقارات وبيعها وشرائها للأجانب وعواقبها الاقتصادية، أوضح إبراهيمي: بشكل عام، عندما يستثمر الشخص في تركيا، فإنه إما يسعى للحصول على الإقامة أو يريد أن يصبح مواطناً من خلالها؛ في هذه الحالة، يجب عليه إيداع أكثر من 500 ألف دولار في البنك أو امتلاك عقارات بهذه القيمة. ينطبق هذا القانون على جميع الأجانب الذين لديهم شركات أو أراضي أو عقارات في تركيا، ويوجد حالياً 76 ألف شركة أجنبية في تركيا.
و أضاف الخبير في الشؤون التركية: يجب إيداع مبلغ 500 ألف دولار في أحد البنوك لمدة ثلاث سنوات، وبالنسبة للعقارات، بعد ثلاث سنوات، يمكن بيعها لشخص آخر. هذا القيد مخصص للمواطنين الأجانب؛ على سبيل المثال، أنشأ عدد كبير من الصينيين شركات لشراء العقارات، ولكن عندما أرادوا بيع العقار، منع الأتراك بيعه إلى صيني وأعلنوا أن العقار قد حرم من “امتيازات المواطنة” ولا ينبغي بيعه لغير الأتراك لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. بالطبع، بعد الإعلان عن هذه القوانين، انخفض شراء العقارات، لأن العديد من الأشخاص لا يمكنهم الإقامة مقابل شراء عقار واحد.
ومؤكداً على ضرورة الاهتمام بالدراسة والمراقبة والمشورة للاستثمار في تركيا واستخدام المصادر الرسمية لأي عملية شراء وتجارة، قال إبراهيمي: تركيا دولة موجهة للتصدير. يبلغ حجم تداولها التجاري 200 مليار دولار و 11.5 ٪ منها فقط من السياحة. لذلك، فإن تطبيق هذه القيود لم يكن له تأثير كبير على الاقتصاد التركي.
0 تعليق