المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: اعتبر دبلوماسي إيراني سابق ان الخطة الفرنسية لتشكيل تحالف دولي لمحاربة حماس وهمية وخيالية وغير واقعية قائلاً: "هذه الخطة ستؤدي إلى تعزيز الوجود العسكري لقوى من خارج المنطقة في شرق المتوسط، واشتداد حدة الصراعات العسكرية في المنطقة، وتوسيع رقعة الحرب وتدويلها. هذا الوضع سيفاقم عدم الاستقرار في المنطقة وبالمناسبة، هذا هو الوضع الذي تستفيد منه الدول الغربية وتسعى إلى تحقيق مصالحها من خلاله".
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار أحمد دستمالجيان إلى الخطة التي اقترحها إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو خلال زيارته للأراضي المحتلة للتعامل مع حماس، والتي تقضي بتوظيف الخبرات والقدرات الدولية التي تشكلت خلال القتال ضد داعش لتدمير فصائل المقاومة في المنطقة واعتبرها خطة خيالية ووهمية وغير واقعية، موضحاً: “خلال محاربة داعش، وعلى الرغم من تشکیل تحالف غربي لمحاربة هذا التنظيم، كانت الدول الغربية من أكبر الداعمين لإرهابي داعش التكفيريين”.
وذكر أن هناك أمثلة كثيرة في هذا الصدد، قائلاً: “لم ننس أن الطائرات الأمريكية كانت تقوم بإنزال كميات كبيرة من الأسلحة والمساعدات عبر الجو في المناطق التي يتواجد فيها تنظيم داعش. كما أن أجهزة المخابرات الغربية، بما فيها فرنسا، كانت تنقل الإرهابيين التكفيريين من أوروبا إلى تركيا، وترسلهم منها إلى العراق وسوريا. لا يمكن أن ننسى أن أحدث المعدات التي كانت موجودة في الترسانات الأوروبية كانت قد سُلمت لداعش”.
وشدد سفير إيران الأسبق في لبنان على أن تصريحات ماكرون هي إشارة خاطئة من فرنسا وسط هذه الأزمة؛ لأنه لا يمكن مقارنة داعش وظروف محاربته بقضية نضال شعب رازح تحت الاحتلال والاضطهاد منذ 75 عاماً، مردفاً: “الإرهابيون التكفيريون كانوا يتلقون الدعم من المثلث المشؤوم العبري – العربي الرجعي – الأمريكي ودخلوا في حرب ضد الشعوب وهي التي تمكنت من القضاء على التكفيريين في سوريا والعراق بدعم من محور المقاومة. في ذلك الوقت، قدم الشهيد قاسم سليماني الكثير من الخدمات لاستئصال جذور الإرهاب”.
وذكر دستمالجيان أن جهود الدول الغربية وفرنسا للإطاحة بحكومة بشار الأسد في خضم القتال ضد داعش تتماشى مع مخططات الغرب المشؤومة للمنطقة مضيفاً: “ما نراه في غزة وفيما يتعلق بمقاومة حماس، هو نضال شعب مضطهد ومظلوم ويقاتل تحت راية المقاومة، ومن ضمنها حماس. لا يمكن أبداً الفصل بين المقاومة والشعب في لبنان وفلسطين. وهذه المقاومة انبثقت من داخل الشعب الرازح تحت القمع، وأصبحت رمزاً وطنياً للشرف والكرامة”.
وأشار إلى أجزاء من خطة ماكرون بشأن توظيف التحالف الدولي ضد حماس إمكانيات وقدرات القوات العراقية، قائلاً: “شعوب المنطقة والحكومات الإسلامية لن توافق على مثل هذه الخطط”.
وذكر هذا الدبلوماسي السابق أن فرنسا تتطلع إلى صيد ما تريده في هذا الماء العكر، موضحاً: “فرنسا التي طُرِدت من مستعمراتها السابقة ومناطق نفوذها بسبب ضغوط شعوب تلك المناطق، قامت في أوقات سابقة بالكثير من الجهود لتعزيز وجودها السياسي في المنطقة بطرق مختلفة، لكنها الآن بعد أن منيت بالعديد من الإخفاقات، تسعى إلى زيادة وجودها العسكري وتوسيع نطاق الصراع وبيع الأسلحة من خلال مثل هذه الخطط”.
وقال دستمالجيان: “من المؤكد أن الخطة التي تتحدث عنها فرنسا ستؤدي إلى تعزيز الوجود العسكري لقوى من خارج المنطقة في شرق المتوسط، واشتداد حدة الصراعات العسكرية في المنطقة، وتوسيع رقعة الحرب وتدويلها. هذا الوضع سيفاقم عدم الاستقرار في المنطقة وبالمناسبة، هذا هو الوضع الذي تستفيد منه الدول الغربية وتسعى إلى تحقيق مصالحها من خلاله”.
وأردف قائلاً: “ولم ترحب أي دولة بالخطة الفرنسية ولا ترغب في الانضمام إليها. حتى الدول العربية ليست مستعدة لقبول ذلك. لذلك فهي خطة ولدت ميتة. لا يمكن للسلطات الفرنسية أن تتجاهل موجات الاحتجاج القوية ضد المجازر والكوارث الإنسانية في غزة وتعبير الشعوب العربية والمسلمة وحتى الغربية عن تضامنها مع المقاومة على نطاق واسع”.
وأضاف المحلل للقضايا الإقليمية: “بممارسة ازدواجية في المعايير، تريد فرنسا تجاهل جرائم الكيان الصهيوني في قتل الأطفال وهبّة الرأي العام العالمي احتجاجاً على هذه الجرائم وتخطط لاستهداف وجود وحياة وإرادة الشعب الفلسطيني تحت عنوان محاربة الإرهاب. لكن ليس بمقدور أي قوة أن تقاوم إرادة شعب ما في تقرير مصيره وستزول. مثلما نرى كيف تُستهدف وتدمَّر دبابات الكيان الصهيوني المتطورة في شوارع غزة”.
وأكد دستمالجيان على أن تحالف محور المقاومة يخوض معركة حاسمة ومصيرية، قائلاً: “بينما تدعم فرنسا الكيان الإسرائيلي المجرم أكثر من ذي قبل، فإن هذه الخطة يعارضها حتى الرأي العام الفرنسي”.
واختتم قائلاً: “السلطات الفرنسية، التي لها تاريخ استعماري في المنطقة، تدرك جيداً حقائق المنطقة. لكن وجودها تعتمد على التبعية للوبي الصهيوني، وهي تتعرض لضغوط منه للقيام بكل ما يمليه عليها. كما هو الحال الآن في الولايات المتحدة فإن اللوبي الصهيوني يهيمن على السلطة؛ فوزير الخارجية الأمريكي يعلن بوضوح أنه يهودي وسيدافع لا محالة عن الصهاينة. ارتبطت السلطات الغربية باللوبي الصهيوني لدرجة أنها تعتمد بشكل أساسي على الدعم الذي تتلقاه من اللوبي الصهيوني. لذلك فإن فرنسا والولايات المتحدة، ومن أجل مصالحهما السياسية، أصبحتا أبواق هذا اللوبي القوي ولا تستطيعان إظهار إرادة مستقلة”.
0 تعليق