المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار دبلوماسي إيراني سابق إلى أن الهند تتمتع الآن بمكانة متفوقة ولها اليد العليا أمام باكستان، ويضعون الشروط والقيود رداً على طلب باكستان الداعي للمصالحة، وقال: إن باكستان بسبب مشاكلها الداخلية، لا تحظى لديها العلاقات مع الهند وقضية كشمير بأولوية وإنما مشكلتها الرئيسية هي الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تهدد حكومة إسلام أباد في باكستان. إن حكومة باكستان ترغب من خلال إحلال الهدوء في جبهة كشمير أن تتمكن من التعامل بشكل أفضل مع مشاكلها الداخلية.
صرح محسن روحي صفت، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، في إشارة إلى رفض طلب باكستان من الهند التفاوض بشأن القضايا المتنازع عليها بين البلدين، بما في ذلك قضية كشمير قائلاً: أن الهند وباكستان لديهما أطول صراع تاريخي. فقد بدأ الخلاف بينهما من عهد الاستقلال عن بريطانيا ولايزال مستمراً وأدى إلى ثلاث حروب بينهما، حتى حصل كلا البلدين على أسلحة نووية. بعد ذلك نشأ الردع بين الطرفين، ونتيجة لذلك لم تحدث حرب مباشرة بينهما، وفي الحقيقة نرى استمرار الحرب بينهما بشكل غير مباشر، ولا يزال الصراع قائماً بينهما.
وأشار إلى أن الهند كانت مهتمة بإقامة علاقات طبيعية مع باكستان خلال فترة التوازن والردع، وأضاف: خلال تلك الفترة، أكدت باكستان دائماً أنه لا يمكن إبرام مصالحة قبل حل قضية كشمير، ويجب أيضاً حل قضية كشمير من خلال الجمعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة. ولكن على الرغم من عدم وجود حرب مباشرة بين البلدين، لم تستطع الهند التفاوض أو حل المشكلة مع باكستان.
وأشار هذا الخبير في القضايا الدولية إلى جهود “نواز شريف” في الفترة الأولى لحكومته، والتي أسماها بـ “دبلوماسية الحافلات” بين الهند وباكستان، حيث سافر رئيس الوزراء الهندي إلى لاهور بالحافلة وقال: كان من المقرر في تلك الفترة أن تتم المصالحة وتجرى مفاوضات، توصلت القطاعات المدنية في الحكومة الباكستانية آنذاك إلى نتيجة مفادها أنه من أجل حل المشاكل الاقتصادية والتنمية في البلاد، يجب التوصل إلى مصالحة مع الهند، لكي يحل الاستقرار في البلاد تبعاً لذلك، حتى يتمكنوا من تخصيص النفقات التي تنفق على الشؤون العسكرية للقضايا الاقتصادية. لكن القطاع العسكري الباكستاني عارض هذا الرأي.
وأضاف روحي صفت: حاولت الإدارة العسكرية الباكستانية زيادة الضغط على دلهي باستخدام قوات بالوكالة وأدخلت أجزاء من طالبان بقيادة إسلام أباد في صراع مع الهند، حتى كادت تحتدم حرب نووية بين البلدين. وأخيراً بوساطة أمريكا، تراجع كلا الجانبين عن مواقفهما. تمت إقالة نواز شريف بسبب انقلاب وتولى برويز مشرف المنصب.
وشدد على أن السياسيين الباكستانيين كانوا يرون أنه في المنافسة مع الهند، فإن دلهي هي التي ستفوز بسبب التركيز على التنمية الاقتصادية وتطوير العلاقات السياسية المتوازنة مع العالم، وتابع قائلاً: لكن العسكريين الباكستانيين من خلال استخدام مصالحهم الذاتية، لم يوافقوا على هذا الموضوع وأفشلوا جهود السياسيين في هذا المجال. بعد ما يقرب من عشرين عاماً، من الواضح تماماً أن الهند فازت في هذه المنافسة.
وذكر هذا الدبلوماسي الإيراني السابق أن الهند الآن هي إحدى القوى الاقتصادية الأربع في العالم اقتصادياً ومن حيث التوازن الدبلوماسي والسياسي أقامت علاقات مع جميع قوى العالم، حتى مع منافستها الصين، وقد تمتعت بنفوذ مقبول في النظام العالمي، وقال: هذا العام تستضيف الهند القمة العشرين وباستخدام هذه القمة يمكنها أن تلعب دوراً في جدول أعمال القمة وتضمين مصالحها فيه.
وأشار روحي صفت إلى أن باكستان باتت من خلال استغلال الفضاء الذي نشأ في أفغانستان ملاذاً للجماعات المتطرفة، وبعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان بدأ العرب الأفغان من المناطق القبلية في خلق حالة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار في دولهم، وقد شهدنا هذه القضايا في الجزائر وتونس والدول العربية وآسيا الوسطى. وواصلت باكستان سياسة استخدام القوى بالوكالة حتى وصلت إلى انتصار طالبان، لكنها تراجعت في المنافسة مع الهند. نتيجة لذلك، أصبح للهند الآن موقعاً متفوقاً ولها اليد العليا ضد باكستان، وتضع الشروط والقيود لطلب المصالحة من قبل باكستان.
ووصف تدمير قواعد الجماعات المتطرفة في باكستان بأنه أحد شروط الهند، وتابع: في أحدث توتر بين دلهي وإسلام أباد، قصفت الهند أراضي باكستان لأول مرة وكان هذا الهجوم عملاً غير مسبوق. تظهر هذه القضية أن التوازن بين الهند وباكستان قد اختل لصالح دلهي.
صرح هذا المحلل للقضايا الدولية أنه عند تحليل آفاق العلاقات الهندية الباكستانية، بالإضافة إلى المنافسة الدولية، يجب أيضاً الانتباه إلى القضايا الداخلية لهاتين الدولتين، وقال: الحزب الراديكالي والمتطرف “”BJP في الهند الذي يتربع على سدة الحكم في الوقت الراهن، بالنظر إلى النزعات الهندوسية والمعادية للإسلام، فهو يحاول الحصول على المزيد من الأصوات من القرويين الهندوس والهندوس المتطرفين، وهذا الإجراء ينطلق من خلال إثارة مشاعرهم ضد المسلمين وباكستان. يبدو أنه لو كان حزب “المؤتمر الوطني” في السلطة، لكان الرد على طلب باكستان إيجابياً، ولكن في الظروف الحالية، يحاول حزب (BJP) كسب المزيد من الأصوات لصالحه مستغلاً المواجهة بين الهندوس والمسلمين في الانتخابات.
وذكر روحي صفت أنه في العامين الماضيين، ضعفت مكانة حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) بين الشعب الهندي، وأضاف: على الرغم من أن معدل النمو الاقتصادي في الهند لا يزال مرتفعاً، إلا أنه ليس قوياً مثل الفترة الأولى من سلطة هذا الحزب. خلقت هذه القضية حالة من عدم الرضا في الهند وقد لا يتمكن حزب (BJP) من فرض هيمنته كالسابق، ولهذا السبب يحاول عدم إقامة علاقات سلمية ومستقرة مع باكستان حتى يتسنى لهم كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات في الجو المتوتر.
وأكد على أن: باكستان باستخدام الجماعات التي تعمل بالوكالة، لم تفشل في الكثير من أهدافها طويلة المدى فحسب، بل خرجت الآن قضية العلاقات مع الهند وكشمير من قائمة أولوياتها، وقضيتها الرئيسية هي الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تهدد حكومة إسلام أباد في باكستان. قامت جماعة تحريك طالبان باكستان وجماعات البلوش الانفصالية بعمليات عسكرية عديدة وواسعة النطاق منذ العام الماضي. خلقت هذه الظروف مشاكل خطيرة في باكستان وهم يرغبون في التعامل مع مشاكلهم الداخلية بشكل أفضل من خلال إحلال الهدوء على جبهة كشمير.
0 تعليق